القاهرة (زمان التركية) – دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى البدء في إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا على نحو عاجل، باعتبار ذلك ركيزة أساسية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين أعضاء اللجنة العسكرية.
وكانت تركيا أبدت مؤخرا إصرارها على بقاء قواتها في ليبيا، فيما لم يتضح بعد مصير المرتزقة السوريين الذين جلبتهم أنقرة إلى طرابلس.
وقال أبو الغيط إن الليبيين أنفسهم هم من يقودون العملية السياسية ويُحددون وِجهتها ويتحملون المسئولية عن مخرجاتها.
كما أثنى أبو الغيط على خطوة فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، باعتبارها خطوة أولية في توحيد ليبيا.
جاء ذلك في كلمة أبو الغيط اليوم الأربعاء، أمام مؤتمر برلين الثاني حول ليبيا.
وفيما يلي نص كلمة أبو الغيط:
أود في البداية أن أوجه الشكر إلى الحكومة الألمانية على حرصها على استضافة النسخة الثانية من هذا المؤتمر المهم الذي أطلق قبل عام ونصف مساراً سياسياً لإخراج ليبيا من نفق مُظلم ظلت حبيسة بداخله لسنوات.. حتى كاد الليبيون يفقدون الأمل في إمكانية رؤية الضوء في آخر النفق.
إننا هنا اليوم لنقول للإخوة الليبيين أننا معهم.. كتفاً بكتف.. وبإرادة واحدة، وعزم مشترك على استعادة الاستقرار والوحدة المؤسسية الكاملة لهذا البلد الذي يستحق أبناؤه وطناً ينعم بالاستقرار والازدهار.. وأشارك كل من تحدثوا الترحيب بوجود ممثلي السلطة الليبية بيننا اليوم.. في دلالة لا تخفى على ملكية الليبيين لمسارهم السياسي.. وهو مبدأ أساسي انتهجه مؤتمر برلين.. فالمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية تُساعد وتدعم وتقترح الحلول، وتواكب الليبيين في كافة المحطات.. ولكن الليبيين أنفسهم هم من يقودون العملية السياسية ويُحددون وِجهتها ويتحملون المسئولية عن مخرجاتها.
إن هذا المؤتمر يطرح مسألتين أراهما مترابطتين أشد الارتباط.. الأولى هي الالتزام بعقد الانتخابات البرلمانية في موعدها.. والثانية هي إخراج القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، جنباً إلى جنب مع تفكيك وتسريح الميلشيات المسلحة.. تحقيقاً لمبدأ أساسي لا يترسخ الاستقرار في غيابه، وهو عدم منازعة السلطة المركزية احتكارها الشرعي للسلاح.
وأقول باختصار أنه لا يجب أن يكون في ليبيا سوى سلاح واحد هو سلاح الدولة الليبية ومؤسساتها، من جيش وشرطة.. ولا يجب أن تكون هناك شرعية سوى تلك التي يمنحها الليبيون بإرادتهم الحرة في الانتخابات في ديسمبر القادم.. ولذلك فإن المسارين متلازمان ومتكاملان.. وينبغي أن يسيرا معاً.
وفي هذا الصدد فإنني أضم صوتي إلى من تحدثوا هنا عن ضرورة البدء في عملية إخراج القوات الأجنبية وعناصر المرتزقة على نحو عاجل.. باعتبار ذلك ركيزةً أساسية لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين أعضاء اللجنة العسكرية (5+5) في جنيف في نوفمبر من العام الماضي.
لقد كان المأمول أن تنتهي عملية انسحاب الوجود العسكري الأجنبي خلال ثلاثة أشهر.. ولكن ذلك لم يحدث، بل لم تبدأ هذه العملية إلى اليوم.. وهو ما يُمثل ثغرة واضحة في المسار الليبي… لابد من الانتباه إليها.. والعمل على تجاوزها.. خاصة وأن القرار الصادر في مارس الماضي عن مجلس الجامعة العربية، والمعبر عن الإرادة الجماعية للدول العربية، قد أشار بوضوح إلى إخراج القوات الأجنبية باعتباره السبيل إلى “تمكين السلطة التنفيذية الجديدة من إنجاز الاستحقاقات الدستورية المقررة في مواعيدها المتفق عليها”.. وأشدد هنا على أن الجامعة العربية تعتبر هذا الأمر ضرورة لإحلال سلامٍ مستدام وشامل في ليبيا.
السادة الحضور
لقد تحقق الكثير خلال الشهور الماضية.. صمتت البنادق.. وأُعطي الشعب الليبي فرصةً لالتقاط الأنفاس.. وأدرك الجميع أن الحرب والقتال ليسا قدراً محتوماً.. وأن السلام والمصالحة قرارٌ وإرادة.. واليوم، ينتظر الشعب الليبي من ممثليه وقادته، وكذا من ممثلي المجتمع الدولي والمعبرين عن إرادته الجماعية في هذا المؤتمر.. ان يتحملوا المسئولية معه من أجل عبور الفترة الصعبة التي تفصلنا عن الانتخابات في ديسمبر القادم.
هناك مؤشراتٌ إيجابية تستحق الاحتفاء مثل فتح الطريق الساحلي قبل أيام بين الشرق والغرب.. وبعد إغلاق دام عامين.. هذه إشارةٌ مهمة على عزم الليبيين على الحفاظ على بلد موحد ينعم بالتكامل الإقليمي والسيادة الكاملة على ترابه.. وإننا ندعو الإخوة الليبيين لمتابعة هذا النهج البنّاء خلال الفترة القادمة التي تحتاج إلى توافقات مهمة وضرورية.. على رأسها التوافق على القاعدة الدستورية والقانونية التي ستجري الانتخابات في ديسمبر على أساسها… وآمل أن يصل القادة الليبيون إلى التوافق المطلوب في أقرب الآجال.
إنني أتقدم بالشكر لكل من أعطى الليبيين أملاً في مستقبل لا يُشبه السنوات الماضية.. ونُشدد على أن المرحلة القادمة أصعب وأدق.. حيث يستكمل الليبيون بناء مؤسساتهم الوطنية الموحدة وفق شرعية دستورية تنبع من إرادتهم الحرة… إنها مرحلة يحتاجون فيها إلينا جميعاً أكثر من أي وقت مضى.
–