بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – لا أعرف كيف يرى البعض من المحللين الكرام مساعي التصالح ومساعي استئناف العلاقات الجيدة ومساعي تطوير التعاون بين الدول كاعتذار أو تراجع أو ندم على شىء أو على تصرف أو على سياسة ، وذلك – ببساطة – لأن الواقع يقول غير ما تقدم . والعبرة بالنتائج المحققة .
فالواقع يقول ويظهر خلاف ما تقدم جليا للعين ، ولا يقر أبدا هذا الاتجاه في التفكير أو التفسير . فالواقع يقول ان كل مساعي التصالح والاسترضاء الجارية تقوم صراحة على عدم المشروطية المسبقة ، بهدف إنماء العلاقات وتطويرها إلى أبعد آفاقها المتاحة بناء على معطيات اليوم ، وليس بالعودة الى الأمس والى معطيات الأمس والى قضايا الأمس وظروفها التوافقية وغير التوافقية . فلا يوجد اعتذارات صريحة ولا ضمنية ، وأن فسر البعض المبادرة الى الاتصال بالأطراف الأخرى والإسراع الى ارسال الوفود والإعلان المتفائل عن نتائج جيدة محتملة على أنها علامات ندم أو نكوص أو تقهقر . فالعبرة بالفعل وبما تم على أرض الواقع الحاكم للحياة ولتحركاتها ، أليس كذلك ؟ وعلى أرض الواقع يسير كل شىء في اتجاه تشريب الأرض ما تم من تغييرات ، وتطبيع الحياة على ما شربت بالفعل ، ودمج عناصر التغيير في حقائق اليوم الجديد كل يوم . فما تم من خروق – في مختلف البقاع محل التأثير – صحبها تغييرات داعمة لاستقرار هذه الخروق والباسها لباس الخير والسلام والقانون والشرعية أيضا . فشملت التغييرات المشار اليها الدمج الإداري والنقدي واتفاقيات الشراكة والتعاون وعمليات إعادة التوطين السريع المهىء لاستتباب الأمور على النحو المأمول من خطط الاختراق في الأساس . وقد يبدو جليا في عين المدبر للخروق تقديره الواعي لتأثير عنصر الزمن على تحقيق مآربه . فمرور الوقت قد يستميل الإنسان بطبيعته التي تركن إلى التثاقل الى الأرض وقبول اليسر المتاح وكره المشقة وتلمس سبل الحياة ، ولو كان يحقق له بعضا من الراحة وليس كامل الراحة ولا كامل الأمل . كما أن مرور الوقت يحدث آثاره المتعددة في فكر الأشخاص وفي ميولهم وفي وجود الأشخاص أنفسهم .
في قديم الأمثال أنه ” قد فاز باللذة الجسور ” ، وهو الأمر الذي قد يساعد المعتدي على الظهور بمظهر ” البطل القومي الشجاع ” والأمل والمثل الأعلى لدى تيارات القوميين ، ويدعوها الى دعم ” البطل القومي ” الذي يحقق للروح القومية مبتغاها من التوسع والانتشار والسؤدد ويحفزها على التغاضي عن تجاوزات ” البطل القومي وتجاوزات أسرته وأقاربه ” في حق المعارضين وفي حق القانون ، لأنها صغائر أمام الانجازات القومية المهيبة . وبالتالي ، يظل المعتدي – على الساحة الداخلية – بطلا قوميا وفارسا مغوارا ، رغم انتقادات الخارج من مختلف الجهات الحغرافية . بل ان انتقادات الخارج قد تخدم في تأجيج الروح القومية الجانحة التي ترى في شخص المعتدي وفي صورته أمل الوطن ورخاءه ، ولا سيما اذا استند المعتدي على دعامة من ” السند الإلهى ” المزعوم والذي يحاول الإخوان وتابعوهم الاتشاح به طوال الوقت ، ليكسوا دورهم وأفعالهم بالمشيئة الالهية ، بينما هم يستطيلون على الحق