بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – هل من الممكن أن تصنع العداوة جنة لأحد؟ الإجابة: نعم بكل تأكيد، على الأقل في بعض الأحيان. وهذا ، ربما على طريقة: شر البلية ما يضحك. فكل المنغصات تصيب الإنسان بما قدمت يداه ولا يجني على الإنسان سوى عمله ولسانه . وبعض المصائب – على ثقلها وخطورتها – قد تجلب الضحك للمرء على ذاته،
ربما لارتكابه أو لاتخاذه قرارات غير موفقة وسلوكه طرقا لا يصادقه فيها من الأخيار أحد إلا عن غير علم ربما . وقد تتابعت الضربات التي أصابت برامجا وطنية لدولة ما مؤخرا ، الضربة تلو الأخرى في عمليات تبدو كعمليات أفلام جيمس بوند رجل جهاز المخابرات ام آي سيكس الخطير – وفقا لسلسلة الأفلام الشهيرة – الذي ينفذ الى كل مواقع الأعداء بكل الطرق، سواء كانت طرقا عنيفة محفوفة بالعنف والرصاص أو ممهدة بالقبلات والأحضان والرشوة والقمار. المهم أن جيمس بوند يصل – في كل الأحوال دون استثناء – إلى قلب الهدف، فيصيبه في مقتل أو يدمره ويتركه خربا ككومة من مهملات صدأة، بينما يحتفل جيمس بوند في حبور وفي فكاهة وفي زهو . ولطالما وقعت أحداث تجعل المتأمل فيها يفتح فاههه من الدهشة ويرسم على وجهه ابتسامة لا يدري أحد ، أهى ابتسامة استغراب أم ابتسامة إعجاب ام ابتسامة من كلا النوعين من المشاعر. وعندما يسمع المرء خبرا أو قصة تجعله يبتسم مثل هذه الابتسامة الغريبة، فهو يزداد إيمانا بأن الواقع أغرب من الخيال أحيانا. وربما لم يخترع أحد أو يتخيل كثيرا مما نظنه خيالا . اذ كيف يتسنى للانسان – تحت السيطرة الحديدية المبهرة – أن يتحرك وأن يخترق حجب الهلاك جميعا ويحقق أهدافه جميعا وينفذ من الجانب الآخر سليما معافى فرحا راقصا، بينما يدمدم الآخرون ويولولون ويتوعدون بعظائم الأمور ويزيدون؟
الحب والكره من أعظم وأهم مفاتيح ومغاليق الانسان وسبل استرضائه وسبل السيطرة عليه ، وبالحب يقدم الانسان على أشياء كثيرة ويضحي بأشياء كيرة ويضحي بحياته سعيدا. وبالكره يرمي الانسان أشياء كثيرة وراء ظهره ويركب ظهور المغامرات المهلكة هروبا مما يكره ومما لا يطيق. وبالعداوة تبذل الناس والدول النفيس لقهر العدو المكروه. ولو تعدد الأعداء أمامك وخلفك وعن يمينك وعن يسارك وبعيدا عنك وقريبا منك ، فقد تخلق العداوة جنة الجواسيس التي تحاكي سينما المغامرة.