بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية) – إن اقدام قادة بعض الدول على التمرد على القانون وعلى الأسس المتعارف عليها دوليا وإعلانه عدم الانصياع لما استقر من حقوق والمطالبة بالمشاركة في ثروات الغير – استنادا إلى ما قد يملك من قوة – ليس هو أخطر أو أكبر أخطاء هولاء القادة أو الإثم الأكبر لهولاء القادة – في سعيهم نحو المزيد من المال والسلطة ومن التسلط – وإنما الإثم الاكبر والأخطر والأطول أمدا هو ما قد يرسب ويستقر في أذهان الأجيال الصاعدة من أبناء الشعوب من أفكار تسول للإنسان المطالبة بما للغير من ملكية أو حقوق والاستيلاء على ما للغير، اذا ما امتلك أو تصور أنه يمتلك القوة والتاثير لزعزعة وتهديد أمن وحدود الغير، وخاصة من الجيران. فلا منطق للغزاة المغيرين على الآخرين سوى رغبتهم في فرض تصوراتهم الخاصة التي قد لا يشاركهم فيها – حتى من شعوبهم – سوى الطامعين في ثروات الدم والمستضعفون الذين لا يجدون مفرا امامهم من السير في ركاب يجرهم إلى ما لا يحبون والى ما لا يؤمنون به من المواجهات ومن الحروب المنجبة لنزاعات طويلة الأمد مريرة الطعم والأثر . فلا فكر ولا استراتيجية للغزاة المغيرين بشأن الغد وما قد يأتي به على شعوبهم من الويلات ومن الديون الثقيلة التي قد يصعب سداد بعضها . فديون الدم وتركات الثار مريرة غائرة ولا تنساها الشعوب . وكم من قضية وكم من مثال موجع ومواجهات انتهت منذ عشرات السنين بهزيمة الغازي المحتل ورحيله ، وما زالت ذاكرة بعض الشعوب معبأة بذكريات القتل والدمار والمهانة التي لا تمحى ولا تقبل النسيان وتلقى بظلالها على الحاضر وعلى علاقات الدول والشعوب وعلى فرص تعاونها وتقاربها . ولابد لكل دين من تسوية ، ولو بعد حين . فطموحات بعض القادة قد تخرج عن السياق وتستن لنفسها دروبا خطرة ولم يطرقها قبلهم من احد إلا قليلا ، وتنتقل بشعوبها من الواقع وواجباته ومسؤولياته واحتياجاته إلى عالم فرضي لين الحدود ولا يشبع إلا أحلام رواده ومريديه . ولا يشبع المغامرون الذين يقبلون على المقامرة بكل ما يملكون أو يسيطرون عليه من حماس التجربة ومن لهيب الإثارة ومن هتاف الحاشية ومن إعجاب المنتفعين الراعين للثروات العظيمة ، ولو كانت ملوثة بالدماء . وعندما تستنفذ المغامرات المنفلتة وقتها ، قد تكون نهاية المغامرين الى غياهب السجون او مشافي الأمراض العقلية او الى نهايات أفجع وأعظم عقابا وتأثيما . ولا حاجة لأحد لأن يرهق ذهنه أو يعتصر قريحته ليجد لمن أشرنا إليهم من الزعماء المغامرين السابقين مثلا ، فصور الرؤساء الذين انتهت مسيراتهم نهاية حزينة – في مختلف بلاد العالم – قرببة . والأمثلة كثيرة ، لأن الحياة لا تخرج عن سنة الله التي سنها الله لها ولخلقه أجمعين وطبعهم عليها ، فما استقام لهذه السنن نجا وما حاد عنها هوى ، ولو كان حاذقا ماكرا وصاحب حضور وصاحب قدرة.