بقلم: علي أونال
هذا السؤال قد تختلف الإجابة عنه حسب نية السائل. فبالتأكيد ليست الجماعات والحركات الدينية وحدها وإنما على كل فرد مؤمن أن يُحاسب نفسه عن كل ما يقوله ويفعله ويفكر فيه وينوي فعله أو قوله أو ما يدور بخاطره. أما المنتسبون إلى حركة الخدمة فيجب عليهم إضافة لما سبق ذكره أن يحاسبوا أنفسهم وفقا لقواعد الخدمة الإيمانية كذلك.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ليست الجماعات والحركات الدينية وحدها وإنما على كل فرد مؤمن أن يُحاسب نفسه عن كل ما يقوله ويفعله ويفكر فيه وينوي فعله أو قوله أو ما يدور بخاطره. أما المنتسبون إلى حركة الخدمة فيجب عليهم إضافة لما سبق ذكره أن يحاسبوا أنفسهم وفقا لقواعد الخدمة الإيمانية كذلك.[/box][/one_third]لكن لايحق للمنافقين وأصحاب القلوب الضعيفة أن يطرحوا سؤالا كهذا أما المخلصون فلا يصح لهم أن يطرحوا هذا السؤال- في هذا الوقت وهذه الظروف خاصة- لسببين:
الأول هو: لأن طرح هذا السؤال على الرغم من وجود موقف فعلي وظلم بيِّن والجماعة أو حركة الخدمة هي التي تتعرض لهذا الظلم يعتبر بمثابة تقديم مساعدة للظالم وإضعاف المظلوم. أما السبب الثاني فهو: أن سؤالا كهذا يضم في طياته معنى إهانة واتهام شخص هو الأستاذ فتح الله كولن الذي أمضى ما يقرب من 40 عاما من عمره ليقوم بالإرشاد العلمي والروحي لأتباعه (الجماعة) بأنه لم يمارس عملية المحاسبة اللازمة لنفسه ولجماعته.
فالله- جل جلاله- يجعلنا نحن معتنقي المذهب الحنفي ندعو أثناء قراءتنا سورة الفاتحة 40 مرة في اليوم الواحد دعاء “اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ”، ولكنه لايُعرفُ ولايصف ماهية الصراط المستقيم وإنما يوضح لنا مرشدي هذا الطريق ويقول: “صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ”. وفي الآية 69 من سورة النساء يوضح الله سبحانه وتعالى من هم مرشدو هذا الطريق إذ يقول: “وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا” موضحا أنهم النبيون والصَّدِّيقون والشهداء والصالحون.
لأن يكون الإنسان مرشدا دينيا حقيقيا يحتاج إلى العصمة أو الصيانة. أما العصمة فهي خاصة بالرسل والنبيين وتعني العلم والصفة الخاصين بهم ويشار إليها في القرآن بالعلم والحكم الذي يمنح الله للمرسلين. أما الصيانة فتعنى الحماية الخصوصية. فإن كل معصية أو إثم تترك أثرا سيئا في القلب وتفتح طريقا يؤدي إلى الكفر ولذلك تكون المعاصي والآثام مانعا وستارا أمام الوحي بالنسبة للرسل والأنبياء وأمام الإلهام الإلهي بالنسبة للمرشدين الدينيين من غير الرسل.
ومن ناحية أخرى أن الشخصية المعنوية لجماعة تخدم الدين حقا تحظى بالولاية الكبرى (ولاية الله الحقيقية) التي تعني وراثة الأنبياء والرسل. وبالتالي فإن الأنبياء لايرتكبون الأخطاء والمعاصي بمعنى المخالفة للأوامر والنواهي الدينية بموجب صفة العصمة التي يتصفون بها. أما المرشدون الآخرون إلى الصراط المستقيم من غير الأنبياء والرسل فهم يحفهم الله بصيانته الإلهية ويحميهم من الوقوع في الكبائر على الأقل.
فالله عز وجل له شريعة تكوينية بالإضافة إلى شريعته الغراء وهو الدين الإسلامي. ويمكن للجميع بما في ذلك بعض الأنبياء أن يرتكبوا أخطاء بمستويات متفاوتة في اتباع القوانين والقواعد في الشريعة الكونية. فاقتراب أبو البشرية سيدنا آدم عليه السلام من الشجرة التي نُهي عنها كانت زلة من هذا النوع.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الله عز وجل له شريعة تكوينية بالإضافة إلى شريعته الغراء وهو الدين الإسلامي. ويمكن للجميع بما في ذلك بعض الأنبياء أن يرتكبوا أخطاء بمستويات متفاوتة في اتباع القوانين والقواعد في الشريعة الكونية. فاقتراب أبو البشرية سيدنا آدم عليه السلام من الشجرة التي نُهي عنها كانت زلة من هذا النوع.[/box][/one_third]الإرشاد إلى الصراط المستقيم الذي يمكن ذكره ضمن الشريعة الكونية من جهة معينة: فإن الخطأ الأساسي الذي قد ينجم عن التقصير في عملية الإرشاد يكون توجيها إلى الخطأ مسميا إياه بالصراط المستقيم.
ولذلك السبب فإن الأخطاء المرتكبة أثناء الإرشاد إلى الصراط المستقيم:
1 – لا تتعلق بالأسس ولا تكون مستديمة أو باقية.
2 – هناك نوعان من العبادة الأول هو القيام بالأعمال الصالحات مثل الصلاة والزكاة وغيرها والثاني هو الصبر على المصائب والأمراض وغيرها وهذا النوع يلعب دورا مكمّلا للنواقص وأوجه القصور في النوع الأول من العبادات ويؤجر الإنسان عليه كما يؤجر على النوع الأول.وكذلك هناك وجهان للخدمة الدينية أو الإرشاد إلى الصراط المستقيم والوجه الأول هو القيام بما يجب القيام به في سبيل ذلك. أما الوجه الثاني فهو الصبر والتحمل للمصائب والصعوبات التي يواجه القائمون بهذه الخدمات أو بعمل الإرشاد أثناء تقدمهم في هذا الطريق وهذه المصائب والصعوبات تلعب دورا مكملا للنواقص والتقصير وتكون مكفرا للأخطاء والذنوب التي يرتكبها أهل الخدمة في أداء واجبهم. ويجب النظر إلى المصائب التي يتعرض لها خدام الدين من وجهة النظر هذه.
3 – الأخطاء النسبية التي تنجم عن الاجتهاد في الأمور المتعلقة بالإرشاد والتوجيه إلى الصراط المستقيم. وهي في أغلب الأحيان تسفر عن نتائج إيجابية. ولنقتبس مثالا من القرآن الكريم:
فإن سيدنا محمد صلى الله عليه سلم وافق على طلب المنافقين الذين اعتذروا عن المشاركة في غزوة تبوك بأعذار اختلقوها. وأنزل الله عز وجل في كتابه الكريم الآية 43 من سورة التوبة: “عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ”.
فقد كان إذن الرسول صلى الله عليه وسلم لهم بعدم خروجهم إلى تلك الغزوة خطأ في الظاهر لكن يوضح المولى عز وجل بعد أربعة آيات من السورة نفسها أن هذا الخطأ صار سببا للخير فيما بعد إذ يقول سبحانه:”لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ(48)”.
إن هذا الموضوع يحتاج إلى شرح أكثر.