بقلم هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية) – أهدي لي كتاب يحمل هذا العنوان، منبثق عن مكتبة مجلة “حراء”، قام بتقديمه العالم الدكتور علي جمعة، وأعده الأستاذ عبد السلام كمال.
يحوي الكتاب بين طياته مجموعة من المقالات لكتاب ومفكرين كبار من مختلف الجنسيات، تختلف رؤاهم وتتباين في الأفكار، وتتفق وتتحد في الغاية والهدف وهو بناء مشترك إنساني يسوده السلام والقيم الإنسانية في التعايش مع الآخر.
فيبدأ الكتاب بمقال الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق، متحدثا فيه عن قيمة التسامح في الإسلام، مؤكدا أن التسامح وبخاصة مع الآخر المختلف في الفكر أو العقيدة، يعتبر من القيم الأساسية الثابتة في الدين الإسلامي، مستدلا على ذلك بنصوص القرآن والسنة، والتاريخ الإسلامي.
وفي المقال الذي يليه وضع له عنوان وثيقة المدينة المنورة، للكاتب التركي علي بولاج، لفت فيه النظر إلى أن هناك طريقين لعيش الناس معا أولهما استعمال القوة والبطش، والثاني قيم التفاهم والتعايش في سلام.
وتعد وثيقة المدينة مثالا واضحا جيدا، وتطبيقا عمليا، كمثال للعيش معا في مجتمع متعدد الثقافات والأديان في أمان وسلام.
وجاء الدكتور محمد عمارة بعد ذلك متحدثا في مقاله عن فلسفة الإسلام في التعايش مع الآخر الديني والثقافي، موضحا الدكتور عمارة أن الحاكم في هذه الفلسفة هو مبدأ الوسطية.
الوسطية بين الاتجاهين الذي يشوب كلا منهما الغلو والمبالغة، الأول الذي يدعو إلى سياسة الدمج القسري للكل في واحد، أو تلك التي تدعو إلى انفراد طرف واحد وتحكمه في كل شيء، وبالطبع يكون هذا الأخير هو الطرف الأقوى.
ويتبع ذلك بحديث الدكتور عبد الرازق وورقية، مغربي الجنسية، وضع له عنوان (التدين والتحضر نحو تواصل إيجابي)
يدعو فيه الدكتور وورقية إلى تدين صحيح وتحضر إيجابي، مؤكدا بالدليل استحالة الانفصال بين الفهم الصحيح للدين والتحضر.
ثم تأتي بعد ذلك دعوة الدكتور أحمد عبادي إلى الحوار بين الحضارات تحت شعار وضع عنوانا للمقال وهو: الحوار بين الحضارات مقاربة تصنيفية مقترحات منطلقية.
وهي دعوة أن يسود الحوار بين الحضارات المقاربة وقبول الآخر، وتجاوز العادات والممارسات السلبية التي لا تزال تشوب محافلنا الحوارية.
ثم يأتي بعد ذلك الحديث في موضوعات متنوعة مهمة لكتاب كبار، أدعو القارئ الفاضل الرجوع إليها إذا ما أراد، ولقد جاء الحديث عنها تحت هذا العنوان:
الحوار الحضاري، صوب مقام التعارف للدكتور سمير بودينار
المشترك الإنساني وثقافة الحوار، للشيخ عبدالله بن بيه
مستويات الحوار الحضاري مع الآخر، للدكتورة مريم آيت أحمد
السلام وموقف الإسلام منه، للدكتور إسحاق بن عبدالله السعدي
الإسلام والتفاعل بين الحضارات للدكتورة رقية أهجر
الإسلام والسلم العالمي للدكتور الشريف حاتم العوني
الذات والآخر ودعوة إلى التواصل والمثاقفة، للدكتور بركات محمد مراد
الجالية المسلمة في المغرب وآليات الانفتاح الإيجابي للدكتور محمد الدرداري
كيف نتعايش رغم اختلافنا، للدكتور عبد العزيز الإدريسي
الحوار ضرورة عصرية، للدكتور محي الدين عفيفي
أدبيات الحوار والتواصل من منظور قرآني، للدكتور العطري بن عزوز
المشترك الإنساني في قيمة الحب، للدكتور محمد جكيب
ثم يأتي كمسك للختام، وتلخيصا لكل ما سبق من دعوات وقيم في دعوة واحدة، وهي دعوة الحب، لرائد الفكر العالم الأستاذ، محمد فتح الله كولن ليس بكلمات كغيرها من الكلمات وإنما وكأنها ترانيم للقلوب، يهمس بها إلى الذات الإنسانية فيقول (إن حب الإنسان لأخيه الإنسان، بل إن احتضانه لجميع الكائنات بشعور من الرحمة الغامرة مرتبط بمدى اكتشافه لحقيقة ذاته ومعرفته بها وإحساسه بانتمائه إلى الخالق سبحانه”.
دامت الأمة الإنسانية بكل حب وخير