القاهرة (زمان التركية)ــ أصدرت مؤسسة حقوقية تقريرا يرصد الوضع الحقوقي في تركيا وأهم الانتهاكات التي ارتكبتها السلطات التركية خلال العام الماضي.
ويأتي التقرير بمناسبة مرور عام على خضوع ملف حقوق الإنسان في تركيا للمراجعة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في إطار عملية الاستعراض الدوري الشامل.
وأشار التقرير الصادر عن مؤسسة ماعت للتنمية والسلام إلى أن الحكومة في تركيا لم تفِ بتعهداتها بالنهوض بالحقوق والحريات الأساسية، بل على العكس من ذلك فرضت تأميما شبه كامل لحرية الرأي والتعبير وسجنت المعارضين السياسيين ونشطاء الرأي بتهم لها علاقة بمكافحة الإرهاب، ولم توفر لهم المحاكمات العادلة.
أضاف التقرير “تزامنت هذه الفترة مع إظهار الحكومة التركية نهج أقل في التعاون مع الآليات الدولية بالإضافة إلي الاستمرار في التنصل من الالتزام والتوقيع على المعاهدات الدولية الإنسانية، ناهيك عن عدم اتخاذ تدابير فعالة فيما يخص تعزيز مؤسسات حقوق الإنسان بما ساهم في ترسيخ بيئة قمعية يحظى فيها مرتكبي الانتهاكات لسياسة الإفلات من العقاب”.
ورصد التقرير في 99 نقطة تدهور أوضاع حقوق الإنسان في تركيا بشكل مخيف، حيث بقي الأتراك يعيشون في ظل القبضة القمعية لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أضاف التقرير “لا يزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة منهم صحفيون ونشطاء حقوقيون مسجونين بتهم ذات دوافع سياسية وتحت ذريعة وستار مكافحة الإرهاب، كما تابعت الحكومة التركية هجمتها الانتقامية على المنظمات الحقوقية المستقلة والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، ناهيك عن حملات التشهير والتخوين الإعلامية شبه اليومية والحض على الكراهية وعلى العنف والقتل أحيانا التي يواجهها هؤلاء النشطاء، بينما استخدمت القوى الأمنية التركية القوة المفرطة في مناسبات عدة ضد المتظاهرين، وغالبا ما تمر هذه القضايا دون عقاب ولا تزال الحكومة التركية تلاحق الأشخاص وتحقق معهم بسبب ممارستهم لحقهم المشروع في التعبير السلمي وتحيلهم إلى المحاكم التركية”.
وقال أيمن عقيل الخبير الحقوقي ورئيس مؤسسة ماعت أن السلطات التركية ضربت بجميع التوصيات التي قدمت لها أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عرض الحائط، فخلال العام الماضي صدرت العديد من التشريعات التي تقوض حقوق الإنسان، وتقييد الحريات الأساسية، بالإضافة إلى القبض العشوائي على المواطنين، واحتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي، دون تمثيل قانوني، فضلا عن محاصرة الأصوات المعارضة والمستقلة، وأغلقها لكافة قنوات ومنافذ التعبير الحر، بالإضافة لترهيب الإعلاميين ونشطاء المجتمع المدني والقبض عليهم بسبب عملهم.
كما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برغبته في تعديل الدستور، وذلك من أجل إحكام قبضته على ما تبقى من المجال العام.
وأضاف عقيل أن البيئة القمعية لنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ساهمت في خلق سياسة الترهيب ضد الصحفيين والنشطاء الحقوقيين، ويأتي ذلك بالتزامن مع استمرار شرعنه الانتهاكات بإصدار قوانين تقييد حرية الرأي والتعبير مثل قانون وسائل التواصل الاجتماعي والذي أصدرته الحكومة التركية في يوليو 2020، فضلاً عن إصدار قانون من شأنه القضاء على المجتمع المدني في ديسمبر الماضي، وعلى المنوال ذاته استمرت سياسات القمع والبطش التي لجأت له الحكومة التركية دون توقف وبشكل غير مسبوق، حيث تم ملاحقة أعضاء المعارضة التركية بتهم زائفة وفضفاضة.
وأوضح عقيل تقاعس الحكومة التركية بشكل منهجي عن منع العنف ضد المرأة في تركيا، حيث ارتفعت معدلات العنف ضدهن بشكل مقلق، خاصة وأن تركيا تحتل المرتبة الـ 130 من بين 153 دولة في مؤشر المساواة بين الجنسين للعام 2020، كما لا تزال الأقليات الدينية والعرقية تواجه تمييز ممنهج في تركيا.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت أن أوضاع حقوق الإنسان في تركيا تدهورت خلال السنوات الأخيرة على نحو لم تشهده البلاد في تاريخها الحديث، إذ تكثفت الانتهاكات وحظي مرتكبيها إفلات كامل من العقاب، وترسخت سياسة الترهيب لمجرد إبداء الرأي أو المشاركة في المجال العام، و انتهجت الدولة جرائم التعذيب بحق المواطنين لانتزاع الاعترافات بشكل ممنهج، حيث تعرض أكثر من 1855 شخص للتعذيب داخل السجون التركية خلال عام 2020، توفي منهم 38 شخص. وأضاف عبد الحميد أن الحكومة التركية اتجهت خلال عام 2020 إلى التضييق على حرية الرأي والتعبير وخصوصًا حرية الصحافة، حيث تم اعتقال ما لا يقل عن 48 صحفيًا بتهم مختلفة من بينها إهانة الرئيس التركي.
وان تركيا تحتل المرتبة 154 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020، وتحتل بذلك المرتبة الثانية من حيث عدد الصحفيين المعتقلين في العالم بعد الصين.