بقلم: نورية أكمان
الموافقون؟ الرافضون؟ انتهى الرهان. لامزيد من الرهانات. تركيا الجديدة هي الفائزة. لا للوقوع في مثل هذه المصائد الموازية. فإننا نكسر الأيادي التي تمتد إلى الإرادة الوطنية. لقد تعبنا كثيرا ومن حقنا أن نلهو ونمرح بعض الشيئ. وإن(“رضا”نا “ضراب”نا) اشترى طائرة جديدة بـ58 مليون دولار وهو بانتظار ذهابنا ليفتتحها. هيا بنا لنذهب إليه جميعا ليطير بنا إلى العلا! عذرا أيتها المعارضة لا نظن أنه يبقى لكم مكان في الطائرة!
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هؤلاء المضطربون الذين يبدون كأنهم سعداء يقضون على ضمائرهم من خلال جوانبهم الظالمة. وهم يستهدفوننا ويضروننا أيضا لأنهم غير مدركين وغير واعين بحقيقة أحوالهم ولا يدرون أن الوعي الكلي لديهم مختل ولايعمل بشكل سليم.[/box][/one_third]لا! لانظن أنه قد جرى حديث كهذا فيما بينهم. ولاندري أي أيديهم استخدموها في التصويت. لكننا واثقون من أن الأيادي التي ارتفعت بالموافقة على قرار “أن إحالة الوزراء الأربعة إلى المحكمة العليا تعني بطلان ادعاء الانقلاب والوزراء ليسوا بحاجة إلى التبرئة” نزلت فوق ركبهم مصابة بمرض لادواء له. فتلك الأيادي لاشك أنها قد أصبحت غريبة على الأبدان التي هي جزء منها. ولم يبق لها خيار سوى مقاومة الكل الذي تنتمي إليه.
ولايمكن لنا أن نفسر القرار الصادر أمس 5 يناير/ كانون الثاني عن اللجنة البرلمانية المكلفة بالبحث والتحقيق في قضية الفساد إلا بعرض اليد الأجنبية. كما يُطلق على هذا المرض الدماغي اسم يد شبح أو اليد الفوضوية. وباختصار يمكن لنا أن نفسر هذا المرض بصراع (داخل الدماغ) ناتج عن ضعف الرابطة بين الجزء اليميني واليساري للدماغ حيث يعيش الإنسان صعوبة التحكم على أجزاء بدنه. وكل جزء من جزءي الدماغ يدعي أنه هو الزعيم في جسم الإنسان. أما في الحوادث الخارجية فيبدو أن إحدى الأيدي تعلن استقلاليتها وتخرج عن دائرة التحكم. واليد التي تأكل الطعام وتكتب الكتابات وتمسك الأشياء تصبح تُواجه العوائق من قبل اليد الأخرى. فاليد الفوضوية تتصرف كأن الجسم كله عدو لها وتحاول حتى خناقه لأن إرادة الإنسان تعجز عن تحقيق الانسجام.
ويرى خبراء الطب أن الإنسان إذا حاول خنق نفسه بيده فإن ذلك لا يؤدي إلى الوفاة بل إلى الإغماء. ولكن تكرار هذه الحالة بعد أن يصحو الشخص تحول حياته إلى جحيم ضمن حلقة مفرغة.
إن لهذا المرض قدرة تمثيلية فائقة على إظهار الجوانب الملائكية والشيطانية الموجودة في الإنسان في مشهد واحد. ونحن نعيش في وسط يحيطنا فيه المسؤولون المؤثرون الذين يضر الجانب المدمر منهم جانبهم البنّاء وإن لم يكن هناك تشخيص طبي بوجود عرض اليد الفوضوية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ما الذي علينا فعله؟ علينا أن نوفق بين الأجزاء اليسرى واليمنى في الأدمغة الشخصية والأدمغة العالمية المشتركة أيضا بمعالجة القطيعة فيما بينها. فإن لم نكن قادرين على فعل ذلك على الصعيد الشخصي فهل هناك حيلة من غير مداواة جناح “الأصدقاء” وجناح “الأعداء” عن طريق تكثيف التواصل فيما بينهما حتى نعلّمهم أنهم أجزاء المجتمع الواحد.[/box][/one_third]وهؤلاء المضطربون الذين يبدون كأنهم سعداء يقضون على ضمائرهم من خلال جوانبهم الظالمة. وهم يستهدفوننا ويضروننا أيضا لأنهم غير مدركين وغير واعين بحقيقة أحوالهم ولا يدرون أن الوعي الكلي لديهم مختل ولايعمل بشكل سليم. وتمتد الأيدي الفوضوية لتلتف بعنق الشعب أيضا وهم يظنون أنهم إن رفعوا من شأن فئة من المجتمع يستطيعون إسكات الفئات الأخرى.
ولكن بطبيعة الحال لايستطيع الطائر أن يطير بجناح واحد. وبالتالي فإن عرض اليد الفوضوية يتحول إلى كارثة وطنية. ويزداد عدد الذين يعطِّلون نصف دماغهم بإرادتهم. ولما يقومون بتصنيف الشعب من هم منا ومن هم ليسوا منا يحرم أغلبية المجتمع تنفس الأكسجين ويتعرض لحالة الإغماء.
ما الذي حدث أمس؟ هل تمت تبرئة حزب العدالة والتنمية مع الوزراء؟ هل تمكنوا من القضاء على محاولة الانقلاب المزعوم؟ وهل ارتاحت ضمائرهم وساد الأمن والاستقرار؟ لا فكلنا تعرضنا للموت البطيء المؤلم. وإذا كانت نتيجة التصويت في الاجتماع العام في البرلمان مثل هذا فسوف نلفظ نفسنا الأخير. وهذا لم يعد قضية فوز أو خسارة بالانتخابات بل هو قضية فقدان العدالة بشكل كامل. وستبدأ بعده مرحلة “فليدبر كل واحد أموره بنفسه وليحل كل واحد مشاكله بنفسه”. فإذا لم تعد هناك ثقة بالمحكمة العليا فسوف يعتمد الجميع على القوة والشدة. وستحال وظيفة حل المشاكل وإحقاق الحق بين الناس إلى العصابات من جديد. ولماذا يذهب المواطن إلى المحكمة التي يتجنب المسؤولون عن الذهاب إليها!
وكيف سيثبت الأستاذ داود أوغلو أنه رئيس الوزراء الأصيل وليس بالوكالة؟ فإنه قال للوزراء المتهمين بالفساد “اطلبوا المثول أمام المحكمة العليا بأنفسكم” قالو له: “لا”، “فالشخص الذي جعلك رئيس الوزراء لا يريد ذلك”.
حسنا، فما الذي علينا فعله؟ علينا أن نوفق بين الأجزاء اليسرى واليمنى في الأدمغة الشخصية والأدمغة العالمية المشتركة أيضا بمعالجة القطيعة فيما بينها. فإن لم نكن قادرين على فعل ذلك على الصعيد الشخصي فهل هناك حيلة من غير مداواة جناح “الأصدقاء” وجناح “الأعداء” عن طريق تكثيف التواصل فيما بينهما حتى نعلّمهم أنهم أجزاء المجتمع الواحد.