بقلم/ أورخان محمد علي
علاقة الفلسفة بالعلم
ولكن العلوم والنظريات العلمية مع كونها منفصلة منذ قرون عن الفلسفة إلا أنها تعد -كما ذكرنا- أهم عامل وموجّه لجميع المدارس الفلسفية، بل سبباً في نشوء مدارس فلسفية عديدة؛ فمثلاً نرى أن القوانين التي اكتشفها “نيوتن” أثّرت في جميع فلاسفة عهده وفيمن جاء من بعدهم بقرون، حيث أصبحت صورة العالم بعد اكتشاف هذه القوانين كأنها آلة ضخمة في كون ساكن ولانهائي بثلاثة أبعاد تسير حسب قوانين محددة ومعلومة، وتَرسَّخ مبدأ “السبب – النتيجة” ترسخاً كاملاً، حتى قال بعضهم: “أعطني جميع المعلومات وأنا أسجل لك سير الكون حتى نهاية عمره”.
وبعد اكتشاف “النظرية النسبية” من قِبل “أنشتاين”، و”النظرية الكمية” من قبل “ماكس بلانك” و “هايزنبرغ” وغيرهما من العلماء، اضمحلت تلك المدارس الفلسفية وظهرت مدارس فلسفية أخرى حسب المنظور الجديد لكون ذي أبعاد أربعة (بُعده الرابع هو الزمان)، وتزلزل المبدأ السابق في “الحتمية” واختلفت النظرة إلى العالم في مقياسه الصغير (أي الذرة) وفي مقياسه الكبير أيضاً (أي الكون)؛ أي إن العلم أصبح يقود الفلسفة ويوجهها.
ومن هنا تأتي الأهمية الفائقة للنظريات وللقوانين العلمية من الناحية الفكرية والفلسفية إضافة إلى أهميتها في التقدم التكنولوجي الذي يساهم في زيادة رفاهية الإنسان وتقدمه في مضمار المدنية.
تأثير نظرية التطور
وكذلك من هنا تأتي أهمية “نظرية التطور” لـ”دارون”. ذلك لأنها أثرت تأثيراً بعيداً في جميع المناحي الفكرية للإنسان؛ أثّرت في الفلسفة وفي علم الاجتماع وفي علم النفس وفي السياسة. وقال عنها “كارل ماركس”: “إن هذه النظرية هي تطبيق فلسفتنا في صراع الطبقات في الطبيعة” مشيراً بذلك إلى فكرة “الانتخاب الطبيعي” في نظرية دارون، فأثر هذه النظرية واضح في العديد من المدارس الفلسفية. فبعد انتشار هذه النظرية وذيوعها نرى أن العديد من الفلاسفة بدأوا بسحب هذه النظرية من إطارها في عالم الأحياء ليطبقوها على مستوى الكون. لذا نرى ولادة تعابير فلسفية جديدة بعد ظهور هذه النظرية وشيوعها مثل “التطور الانبثاقي” للفيلسوف البريطاني “لوي مورجان” و”التطور الخلاق” للفيلسوف الفرنسي “هنري برغسون”.
والشيء نفسه نلاحظه عند الفيلسوف الأسترالي صمويل ألكساندر. الذي قال بأن هناك تطور على مستوى الكون، وأن المادة كانت في صورة بسيطة في أول أمرها ثم تطورت إلى مادة لها خواص معينة كاللون والرائحة، ثم ظهرت الحياة وبعدها العقل، وأن الله يمثل المرحلة النهائية للعقل؛ أي إن الله -تعالى الله علوّاً كبيراً- ليس إلا نتيجة هذا التطور الذي بدأ منذ الأزل في هذا الكون الذي عدوه قبل عقود من الزمن لانِهائيّاً من ناحية الزمان والمكان. هذا عند طائفة من الفلاسفة المؤمنين بوجود الله، أما المنكرون والملحدون من الفلاسفة فقد قالوا بالمصادفة؛ أي إن المادة وهي تتقلب في أدوار وأطوار وحالات مختلفة أنتجت هذا النظام الرائع المشاهَد في الكون وفي الحياة وهذا يخالف قانون “الاحتمالات الرياضية”.
كما استندت كثير من النظريات السياسية كالنازية والفاشية إلى نظرية التطور مستخدمة إياها كسند علمي لأَيدولوجياتها البعيدة عن الإنسانية، فما دامت الحياة صراعاً يبقى فيها الأقوياء ويزول من مسرحها الضعفاء، فمن حق العناصر القوية (كالعنصر الجرماني في النازية وكالرجل الأبيض عند العنصريين البيض) أن تملي إرادتها على العناصر الأخرى وأن تفعل بها ما تشاء إلى حد الإبادة.
كما كانت هذه النظرية خلف ظاهرة الإباحية الأخلاقية أو ما سميت بـ”الثورة الجنسية” التي اجتاحت العالم الغربي والعديد من بلدان العالم. لأن الإنسان ما دام سليل حيوانات فما عليه إلا اتباع غرائزه وعدم كَبتها، وما الخُلُق والضمير إلا قشور زائفة صنعها المجتمع، وهي لا تستحق الالتفات إليها أو الاهتمام بها.
لقد شهد القرن التاسع عشر ميلادَ ثلاث نظريات أثّرت في الحياة الإنسانية تأثيراً خطيراً وسلبياً وهي: “النظرية الماركسية” و”نظرية دارون” في التطور و”نظرية فرويد” في التحليل النفسي. ولعل نظرية التطور لدارون هي أخطر هذه النظريات، لأنها حاولت البرهنة على “حيوانية الإنسان”. وعندما يتم إثبات هذه الصفة الحيوانية في الإنسان ويدمغ بها فمن السهل قبول النظرية الماركسية التي ترى أن الهم الوحيد للإنسان هو حاجاته المادية وما يشبع بطنه. وكذلك يسهل قبول نظرية فرويد التي أرجعت جميع نشاطات الإنسان وغاياته إلى غريزته الجنسية.
تحول النظرية إلى أيدولوجية، وعمليات التزوير
وهناك ظاهرة تلفت النظر في موضوع نظرية التطور، وهي أن هذه النظرية خرجت من كونها نظرية علمية قابلة للصواب أو الخطأ، إذ تحولت إلى “أيدولوجية” يدافع عنها أنصارها، ولا يترددون حتى في القيام بعمليات تزوير مشينة من الناحية العلمية والأخلاقية، وهذا ما لا نراه في النظريات العلمية الأخرى؛ فلا نرى عالماً في الفيزياء أو في الكيمياء أو في أي علم من العلوم يقوم بعملية تزوير لإثبات صحة نظريته أو صحة القانون الذي اكتشفه، لأن غاية العلم هي الوصول إلى الحقيقة. بينما نرى أن عمليات التزوير العلمية منحصرة في موضوع نظرية التطور فقط.
وأُولى عمليات التزوير هذه قام بها العالم الألماني “أرنست هيجل” وكان من أنصار نظرية التطور. ولما رأى أن صور الأجنة لا تتطابق تماماً مع هذه النظرية قام بعمليات رُتُوش وحذْف في صور الأجنة البشرية لكي تتطابق مع نظرية “التلخيص” (وهي إحدى النظريات السابقة التي قُدّمت كبرهان على نظرية التطور ثم نفض العلماء أيديهم عنها بعد ثبوت خطئها). ولكن أحد العلماء اكتشف عملية التزوير هذه وأعلنها في إحدى الصحف، وتحدى فيها “أرنست هيجل” الذي لم ير بدّاً من الاعتراف بجريمته العلمية والأخلاقية بعد فترة صمت وتردّد، فاعترف في مقالة كتبها في 14/12/1908 وقال فيها: “إن ما يعزّيه هو أنه لم يكن الوحيد الذي قام بعملية تزوير لإثبات صحة نظرية التطور، بل إن هناك المئات من العلماء والفلاسفة قاموا بعمليات تزوير في الصور التي توضّح بنية الأحياء وعلم التشريح وعلم الأنسجة وعلم الأجنة لكي تطابق نظرية التطور”.
إذن فهناك مئات من عمليات التزوير -وليست عملية واحدة أو عدة عمليات- تمت في علم الأحياء وفي علم التشريح وعلم الأنسجة وعلم الأجنّة قام بها العلماء من أنصار التطور.
أجل! على مثل عمليات الغش والتزوير هذه قامت نظرية التطور وانتشرت، وتمت بها أيضاً عملية غسيل دماغ الجماهير في هذا الموضوع، وأصبح من لا يؤمن بها رجعياً وجاهلاً!!.
وهناك حادثة “إنسان نبراسكا” فقد عثروا على سن واحدة ليعلنوا أن صاحب هذه السن هو الحلقة المفقودة التي يبحثون عنها، ونشروا صوراً خيالية لهذا الإنسان، بل حتى عن حياته العائلية، وقدّم علماء التطور هذه السن كدليل في محكمة “سكوبس”(2) عام 1925. وعندما اعترض الطرف الآخر سخروا من جهله! ومع أن المحكمة أصدرت قرارها بإدانة السيد “سكوبس” إلا أن الضجّة التي أثارها أنصار التطور في الصحافة وفي المحافل العلمية جلبت عطفاً كبيراً على المتهم، وغضباً على المحكمة.
وفي هذه المحكمة قدّم علماء التطور هذه السن كدليل لا ينقض على صحة التطور، لأنهم اخترعوا من هذه السن الواحدة إنساناً أسموه “إنسان نبراسكا” وأطلقوا عليه اسماً لاتينياً رنّاناً ليسبغوا عليه صبغة علمية.
ولكن تبيَّن فيما بعد أن هذه السن لا تعود لإنسان، ولا لقرد، بل لخنـزير بري! نعم خنـزير! إذن تأملوا مدى المبالغات الموجودة في تفسيرات علماء التطور للمعطيات العلمية أو للمتحجرات التي يعثرون عليها، ومدى انحرافهم عن النهج العلمي الذي يجب أن ينطلق من مبدإ “الموضوعية” في تفسير المعطيات والظواهر العلمية والطبيعية، بينما ينطلق هؤلاء العلماء من فكر مسبق، وهو أن نظرية التطور صحيحة. لذا يقومون بليِّ عنق هذه الظواهر والمعطيات العلمية لكي تتوافق مع ما يعتقدونه من فكر مسبق. ولا يترددون -كما رأينا- حتى من القيام بعمليات تزوير معيبة ومشينة أخلاقيّاً وعلميّاً في هذه السبيل. وهناك أمثلة أخرى كثيرة في هذا الصدد لا نوردها هنا خشية الإطالة.
لقد خرجت نظرية التطور من كونها نظرية -أو فرضية- علمية يمكن دراستها ووضعها على المحك مثل النظريات العلمية الأخرى، وأصبحت “أيدولوجية” عند علماء التطور يدافعون عنها حتى ولو تطلب الأمر القيام بعمليات تزوير مشينة.
ولكن لماذا أصبحت نظرية التطور أيدولوجية؟ لأنها النظرية العلمية الوحيدة التي يمكن أن تؤدي إلى الإلحاد، لكونها تدعي القيام بتفسير الكون والحياة دون الحاجة إلى الخالق. فإذا ظهر أن كل نوع من أنواع الأحياء خلق على حدة، وأن الحياة لم تظهر نتيجة مصادفات عشوائية، لأن هذا أمر مستحيل، وأن الأحياء لم تتطور عن بعضها البعض فلا يبقى هناك أي مجال أمام جميع العلماء سوى الإيمان بالله تعالى.
شواهد علمية على تهافت هذه النظرة
وإذا أردنا الإشارة باختصار إلى بعض الشواهد التي تقف ضد نظرية التطور قلنا:
1- عجز النظرية: إن كل نظرية علمية تسعى إلى تفسير كل أو معظم الظواهر المتعلقة بها. فمثلاً عندما تضع نظرية حول الجاذبية الأرضية فيجب أن تقوم هذه النظرية بتفسير جميع الظواهر المتعلقة بها. وعندما تضع نظرية حول ماهية الضوء وخصائصه يجب أن تقوم هذه النظرية بتفسير كل ما يتعلق بالضوء وبخصائصه. وعندما تشذ أي ظاهرة من الظواهر عن النظريات الموضوعة لتفسيرها تتم محاولة اكتشاف نظرية أخرى أكثر شمولاً من النظرية السابقة.
إذا نظرنا إلى نظرية التطور من هذه الزاوية نرى أنها نظرية قاصرة جدّاً في هذا الصدد. وندرج أدناه بعض المواضيع التي لم تقم هذه النظرية بتقديم أي تفسير لها:
أ- أصل الحشرات: لا تقدم هذه النظرية أي تفسير لأصل الحشرات مع أنها تمثل 80 % من مجموع الحيوانات.
بـ- أصل وتطور القوارض غير معروف، مع أن أعدادها هائلة وتزيد على أعداد الثدييات الأخرى.
جـ- أصل الطّيَران بجميع أشكاله غير معروف تماماً. فكما هو معلوم فهناك أربعة أنواع من الحيوانات الطائرة: الحشرات، الطيور، بعض اللبائن (كالخفاش)، بعض الزواحف الطائرة (انقرضت). لا تقدم نظرية التطور أي جواب حول سؤال: كيف ظهر الطيران عند هذه الحيوانات؟
إذن ما بالك بنظرية لا تقوم بتفسير 90 % من الظواهر التي من المفروض تناولها ولا تستطيع تسليط الضوء عليها؟ وما دامت هذه النسبة الكبيرة من الظواهر غير معروفة وغير مفسرة من قبلها فكيف يمكن عدّها نظرية صحيحة؟ وهل هناك نظرية علمية أخرى غير هذه النظرية أبدت عجزها عن تفسير 90% من الظواهر التي تصدّت لتفسيرها؟ وهل يمكن أن تقبل الأوساط العلمية مثل هذه النظرية؟
2- الحياة في الخلية الأولى: كيفية ظهور الحياة في الخلية الحية الأولى غير معروفة، والقول بالمصادفة ليس جواباً علمياً، بل جواباً يصادم العلم؛ لأنه كلما زادت معلوماتنا عن الخلية الحية ومدى تعقيدها تأكد لنا أكثر وأكثر استحالة ظهورها مصادفة. ويكفي أن نعلم أن جزيئات D.N.A الموجودة في الإنسان تحتوي على معلومات لو قمنا بتسجيلها على الورق لاحتجنا لـ 900 ألف صفحة تقريباً، وهذا يعادل 34 ضعف المعلومات الواردة في دائرة المعارف البريطانية. فكيف يمكن إذن أن تظهر الخلية إلى الوجود مصادفة؟ وقد عُلم من تطبيق قوانين الاحتمالات الرياضية استحالة تكوُّن جزيئة واحدة من البروتين عن طريق المصادفة خلال أضعاف عمر الكون، فكيف يمكن ظهور خلية واحدة حيّة بطريق المصادفة؟
3- الحلقات المفقودة: تدعي هذه النظرية أن الأحياء قد تطورت من خلية واحدة إلى أحياء ذات خلايا متعددة ثم تشعّبت مساراتها في التطور حتى ظهرت الأحياء الحالية التي تبلغ أعداداها عدة ملايين. لذا فحسَب هذه النظرية لا بد من وجود عشرات الحلقات الوسطى أو الحلقات الانتقالية بين كل نوعين، أي إن أعداد الحلقات الوسطى يجب أن تزيد بعشرات المرات على عدد الأحياء الموجودة حالياً. أي إن أحياء الحلقات الوسطى يجب أن تبلغ عشرات ومئات الملايين، ولكن لم يتم العثور حتى الآن على أي حلقة وسطى. ولم يصح الزعم القائل بأن طائر “الأركيوباتريكس” يمثل الحلقة الوسطى بين الزواحف والطيور، لأنه تم العثور على متحجرة طائر في نفس العهد الذي عاش فيه “الأركيوباتريكس” وهو العهد الجوراسي (أو العهد الطباشيري) من قبل البروفسور “جون أرستروم” من جامعة “يالا”، وكتب مقالة مفصلة عن هذا الطائر في مجلة الأطبّاء العلمية (المجلد رقم 112 في 24 أيلول/1977). لذا لا يمكن أن يكون طائر “الأركيوباتريكس” جَدّاً وسلَفاً للطيور، بينما كانت هناك طيور حقيقية تعيش معه.
كما قدّم التطوريون بعض الجماجم التي تعود لقرود -كانت تعيش سابقاً ثم انقرضت- وكأنها الحلقات المفقودة بين الإنسان والقرد. وكل هذه الجماجم مدار شكّ ونقاش حتى من قبل علماء التطور أنفسهم. ولو كانت نظرية التطور صحيحة لكان المفروض أن نعثر على مئات الآلاف من متحجرات الأحياء التي تمثل الحلقات الوسطى الانتقالية بين الأنواع؛ لأنه تم العثور على مئات الآلاف، بل ربما الملايين من المتحجرات في المائة والخمسين سنة الأخيرة وامتلأت بها المتاحف الطبيعية.
وهذا الفشل الذريع في الحصول على هذه المتحجرات (لأنها غير موجودة أصلاً) هو الذي دفَع بعضَ علماء التطور إلى البحث عن مخرج من هذه الورطة الكبيرة التي تهدد بإعدام نظرية التطور، لذا قام هؤلاء بوضع نظريات مختلفة. ومجمل هذه النظريات الأخيرة هو أن التطور حصل فجأة ودون مراحل انتقالية (مثلاً حدث أن زاحفاً وضع بيضة خرج منها طائر!) ولم يستطيعوا أن يقدموا لهذه الفرضية الخيالية البعيدة عن كل قسطاس علمي أي دليل يمكن أن يكون له وزن. وبهذا دخلت نظرية التطور في طريق مسدود.
4- الزمن عامل هدم لا عامل بناء: وفي السنوات الأخيرة بدأ نقاش حاد بين أنصار التطور وأنصار الخلق حول قانون فيزيائي يرى أنصار الخلق أنه ينقض نظرية التطور من أساسها وهو القانون الثاني من “الديناميكية الحرارية”.
فهذا القانون يشير إلى أن الكون منذ خلقه يسير نحو الانحلال ونحو التدهور ونحو الموت الحراري، فالنجوم تبعث طاقة حرارية وضوئية وإشعاعية ووقودها ينفد، ونحن نرى أن كل شيء يترك لحاله ينحل ويفسد؛ فإذا تركنا قطعة لحم أو فاكهة نراها تفسد بعد مدة. وإذا تركت بيتاً أو سيارة لحالها دون عناية وخدمة أسرع إليها البلى… وهكذا. أي لا يوجد هناك شيء يتطور أو يتحسن حاله إذا تركته لحاله ولم تتدخل بعلمك وإرادتك في تحسين وضعه؛ مثلاً تستطيع القيام ببناء بناية أو صنع آلة، ولكن العملية هنا عملية مقصودة تدخل فيها العلم والإرادة الإنسانية، وليست عملية تلقائية. أي إن الزمن عامل هدم وليس عامل بناء، لأن الأشياء إن تركت لحالها مالت إلى الانحلال والانهدام والتفتت، ولا تتطور ولا يزداد تعقيدها أو درجة نظامها. لذا ففي مثل هذا الكون، وفي ظل هذا القانون الفيزيائي لا يمكن أن يكون هناك تطور تلقائي مستند إلى المصادفات، لأن هذا الكون متوجه للانحلال وليس للتطور.