بقلم: صالح أبو بكر قورا – نيجيريا *
نيجريا (زمان التركية) – هذه هي الدنيا، أبى الله تبارك وتعالى أن يكون البقاء لغيره.. اللهم اغفر لأستاذنا حسين بيدار وارحمه، وتقبل صالحات أعماله، وتجاوز اللهم عن سيئاته.. اللهم ثبت عند السؤال منطقه، والحقه اللهم بسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم..
إننا بوفاته فقدنا بطلا من أبطال الدعوة إلى الله تبارك وتعالى في نيجيريا وأفريقيا بصفة عامة، عرف بخدماته الجليلة التي تصب في رفعة شأن الإيمان والإسلام والإحسان..
فقدنا تلكم الهمة التي علت وتربعت في سماء أهل نيجيريا، لا هي تريد لنفسها الراحة، ولا لمن جاورها من الناس، فقدنا العمل الدؤوب في إيصال صوت سيد المرسلين بطريقة جد مهذبة ومزينة بتعليم القرآن الكريم، (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة…) [النحل: 125].
فقدنا رجلا “لا كأي رجل..” -بتعبير الأستاذ فريد الأنصاري- ، فقدنا أحد أبطال “أرباب المستوى..” كما صنفهم د. باباعمي..
فقدنا سيدي العزيز حسين الأستاذ التركي والنيجيري بل الإفريقي، ذلك الرجل الذي يمثل امتدادا لأصحاب خير القرون أرباب المستوى في قوة التحمل والصبر، والإصرار في إيصال صوت التسامح والوسطية في حياة الناس حتى تستقيم على الجادة..
لقد كان الأستاذ حسين بيدار أيقونة حركة الخدمة في أفريقيا الغربية، عرف من خلال الأنشطة والفعاليات العلمية والثقافية التي تقدمها شركة “نصرت” للتربية والثقافة على طول نيجيريا وعرضها، أنشطة لامست شغاف القلوب والأرواح، فأثمرت الاتحاد والتعاون -شبه مفقودين- بين كثيرين من المواطنين الذين فرقهم التحزب الديني والتعصب الطائفي..
نشطت بسبب همته العالية كليات الشريعة الإسلامية، واللغة العربية بجامعات النيجيرية من خلال الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية التي تنظمها الشركة بالتعاون مع هذه الجامعات..
و كذلك كان سببا في ترجمة كتابي: “النور الخالد” و”من البذرة إلى الثمرة..” إلى لغة الهوسا، وكتب أخرى على الطريق بإذن الله تعالى، كما أن بتوجيهه تم تسجيل أكثر من 120 حلقة لكتاب النور الخالد بلغة الهوسا، ليكون بذلك أول موسوعة مترجمة في كتاب ورقي، ومسجلة عن السيرة النبوية الشريفة بلغة الهوسا..
رحل الأستاذ حسين بيدار بعد أن شق الطريق ووطده لمن يأتي بعده استكمالاً للمسيرة، واستمرارا لخدمة القرآن والإيمان.. رحل بعد أن لعب الأدوار الإيمانية المنوطة به كما ينبغي أن يكون.. رحل بعد أن تربع على عرش قلوب النيجيريين، أحبوه كما أحبهم.. رحل وعيون أهل الخير تبكي على فراقه، وألسنتهم تثني عليه خيراً.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) [الأحزاب: 23]
وداعاً يا أستاذنا الفاضل والكريم.. فإلى رحمة الله الواسعة ورضوانه غير المحدودة، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، بجوار سيد المرسلين..
* مدرس لغة بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر الشريف، القاهرة