بقلم: هيثم السحماوي
(إن الطريق الصحيح لمواجهة وتجاوز المشاكل المتعددة في المجالات المختلفة، هو أن يبدأ كل إنسان بذاته، ويكون هو التغيير الذي يود أن يراه، ويتجاوز هذه المشكلات ويتخطى هذه العقبات، وإن لم لم يتجاوز ذلك فسيصبح هو بحد ذاته مشكلة، وحينئذ سيصبح إنسانًا موبوءًا بالمشاكل خطره ليس على نفسه فقط وإنما على بيئته ومجتمعه أيضا، فهو كمن أصيب بالإيدز، ينشر الفيروس ويعدي الجميع. وخلاصة القول هنا هو أن دور كل أحد حل مشاكله هو أولا ثم الانطلاق فيما بعد لحل مشكلات العالم).
هذا اقتباس من فكر العالم المجدد الفاضل محمد فتح الله كولن
يحكي الكاتب البرازيلي باولو كويلو قصة قصيرة وهي: كان أب يقرأ الجريدة وكان بجواره طفلة يداعبه، وزاد في الأمر حتي ضايقه، فاختار الأب من الجريدة قطعة منها كانت تحوي شكل خريطة العالم، وقام بتمزيقها قطعا، ثم أعطاها لطفلة كي يعيد تجميعها من جديد، على يقين أن ذلك مستحيل فقط هو يريد أن ُيلهي طفله، ولكن كانت المفاجئة أن الطفل بعد ربع ساعة عاد وفي يده خريطة العالم التي كانت ممزقة، وهي ُمعاد تجميعها، وفي دهشة من الأب سئل طفله كيف تم ذلك، فأجاب الطفل أنه كان يوجد رسما لوجه إنسان على الجانب الآخر، وما فعلته إنني قمت بتجميع الخريطة على وجه الإنسان، فعندما اكتمل وجه الإنسان اكتملت خريطة العالم.
انتهت القصة، وأول المستفاد منها أن إعادة بناء الإنسان هي الطريق الصحيح لإعادة بناء العالم.
إنني أتذكر للعالم الدكتور إبراهيم الفقي رحمة الله عليه، قصة حكاها ذات مرة وهي لرجل أراد أن يغير العالم، ولكنه رأي العمر يمر ولا يحدث شيء، لذا قال سأكتفي بتغيير بلدي. ولكنه أيضا رأى أن العمر يمر ولا يحدث شيء، لذا قال سأكتفي بتغيير المدينة التي أعيش فيها.
وكان نفس الشيء يتكرر، وهكذا أيضا عندما قال سأكتفي بتغير الحي الذي أعيش فيه، ثم الشارع. حتى وجد أنه على فراش الموت ولم يغير شيئًا، وحينها أدرك الحقيقة وقال إنني لو كنت غيرت نفسي لكان بالتأكيد تغير ما حدث وانعكس على العالم والبلد والمدينة والحي والشارع.
وها هو الروائي والمفكر الروسي ليو تولستوي يقول (إن الجميع يفكر في تغيير العالم لكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه).
وقبل كل ذلك يقول الله في القرآن الكريم: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)
حضرة القارئ اتساقا مع كلامي فلقد عزمت منذ كتابة مسودة المقال أن أبدأ بنفسي وأحاول أن أكون أفضل في معاملتي مع غيري وفي إتقاني لعملي، والتسامح وقبول الآخر، ومحاولة الالتزام بالرقي وحسن الخلق في كل شيء.
دامت الأمة الإنسانية بكل حب وخير..