تقرير: ياوز أجار
أنقرة (زمان التركية) – بالتزامع مع رفع شكوى ضده، دافع إلكاي سيزار، محامي رئيس الأركان التركي السابق إلكر باشبوغ، عن اتهام موكله بتهديد حكومة أردوغان بالانقلاب، وقال إن هناك محاولات لتحريف للتصريحات الصحفية لرئيس الأركان الأسبق عن انقلاب 1960 العسكري، مفيدا أن الأمر أعاد للأذهان الاتهامات الباطلة المماثلة في الماضي القريب.
وفي حديثه مع صحيفة (جمهوريت)، روى باشبوغ تفاصيل الأحداث التي سبقت “انقلاب 1960″، حيث ذكر أن الحكومة آذاك كانت قادرة على عرقلة هذا الانقلاب، قائلا: “كان بإمكان رئيس الوزراء آنذاك عدنان مندريس عرقلة انقلاب 1960 بنسبة كبيرة لو أعلن موعد الانتخابات المبكرة في أسكيشهير يوم 25 مايو عام 1960، أي قبل يومين من وقوع الانقلاب؛ وذلك لأن الانقلاب العسكري على حكومة قررت عقد انتخابات مبكرة يعني أنه انقلاب صريح على الإرادة السياسية للشعب”.
وكان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر شاليك قال عن تصريحات باشبوغ إن الديمقراطية لن تتحقق بتبرير الانقلابات، معتبرًا تصريحاته تهديدًا بانقلاب جديد في حال رفض عقد انتخابات مبكرة، ومن ثم تقدم الحزب ببلاغ ضده.
في حين علق المحامي سيزار على تصريحات شاليك هذه قائلا: “موكلي السيد باشبوغ شخص عارض جميع الانقلابات، بما فيها المحاولة الانقلابية الأخيرة، وأعلن موقفه هذا على جميع المنصات. ومحاولة البعض تحريف كلمته تعيد للأذهان الاتهامات الباطلة التي أثيرت بالماضي القريب”.
وكان باشبوغ تم اعتقاله بأمر صادر من أردوغان في إطار تحقيقات أرجنكون أو “الدولة العميقة” التي انطلقت في 2007، ومن ثم خرج من السجن في 2014 مع جميع القادة العسكريين الآخرين، بفضل تعديلات أجرتها حكومة أردوغان، بعد أن زعمت أنها تعرضت للخداع بتوجيه من حركة الخدمة بشأن تنظيم أرجنكون، وأن هذا التنظيم لم يحاول الانقلاب عليها أبدًا، على عكس ما ردده أردوغان عقدًا كاملاً أنه تعرض لمحاولات انقلابية على يد التنظيم.
واللافت أن هذا التغيير في نظرة أردوغان لتنظيم أرجنكون حصل بعد أن بات في زاوية ضيقة بسبب ظهور فضائح الفساد والرشوة لحكومته في عام 2013.
وأكد نائب حزب الشعب الجمهوري السابق باريش ياركاداش في تصريحات له في ديسمبر 2014 خلال برنامج على قناة “خلق تي في” أن أردوغان وقع في يد العسكر المرتبطين بتنظيم أرجنكون بعد تحقيقات الفساد والرشوة، ولذلك رفضت قوات الدرك أوامر النيابة العامة بتنفيذ عملية ضد متهمين بالفساد في إطار اتفاقية بين الطرفين نصّت على خلق تهمة تحت مسمى “الانتماء إلى الكيان الموازي” وتصفية كل من يقف أمام تحالف أردوغان – أرجنكون الجديد سواء كانوا عسكريين أو سياسيين أو مدنيين، وذلك من أجل أن يضمن أردوغان التربع على عرشه في القصر الرئاسي، على حد تعبيره.
كشفت تصريحات النائب المنحدر من أصول صحفية أن أردوغان وضع خطة شاملة لتحميل حركة الخدمة مسئولية كل الجرائم المرتكبة طيلة فترة حكمه، في محاولة منه للتخلص من فضيحة تورط حكومته في قضايا الفساد والرشوة في 2013 من جانب؛ ولإشاعة مناخ من الخوف العام في البلاد قبيل الانتخابات.
وتابع ياركاداش أن أردوغان قرر القضاء على الخدمة من خلال اتهامها بأنها من كانت وراء عديد من جرائم القتل التي قيدت ضد مجهول، ولم يعثر على مرتكبها في تاريخ تركيا الحديث، كاغتيال الصحفي أرمني الأصل هرانت دينك.
وقد جاء الرد على مزاعم أردوغان من صحيفة “آغوست” ذاتها التي كان دينك رئيس تحريرها في خبر نشرته في 11 ديسمبر 2014: “السلطة الحاكمة في تركيا بقيادة أردوغان ترى قضية اغتيال دينك سلاحًا يمكن استخدامه ضد حركة الخدمة. هذه الخطوة ليست إلا خطة خبيثة تجعل إحدى أكبر قضايا العدل في هذه البلاد أداة لتحقيق مصالح سياسية”.
واكبت تصريحات ياركاداش الذكرى السنوية الأولى لانطلاق تحقيقات الفساد، حيث بدأ أردوغان حملته التي تستهدف حركة الخدمة من خلال توقيف كل من رئيسي مجموعتي “سامانيولو” و”فضاء” الإعلاميتين هدايت كاراجا وأكرم دومانلي، وعدد من قيادات الأمن، بتهمة “نصب مؤامرة ضد أعضاء تنظيم تحشية المرتبط بتنظيم القاعدة”.
كما أوضح ياركاداش أن أردوغان كان يخطط لمزيد من عمليات الاعتقال في حق صحفيين عاملين لدى مؤسسات إعلامية مختلفة، غير أن تسريب هذه الخطة إلى وسائل الإعلام اضطره إلى أن تقتصر حملة الاعتقالات على الصحفيين المرتبطين بحركة الخدمة فقط، مؤكدًا أنه سيكمل في وقت لاحق هذه الخطوة باعتقال الصحفيين الآخرين.
وأضاف ياركاداش “أن أحد أهداف هذه العمليات هو السعي لإدراج حركة كولن ضمن التنظيمات الإرهابية المسلحة، تمهيدًا للاستيلاء على المؤسسات الإعلامية المحسوبة عليها كمجموعات سامانيولو وفضاء وإيباك الإعلامية”، وأشار إلى أن هناك قائمة تتضمن أسماء 4 آلاف شخص يتم التخطيط لاعتقالهم.
وقد جاءت تصريحات ياركاداش في وقت مبكر حيث كان أردوغان في بداية وضعه اللمسات الأولى لتفعيل خطته ضد حركة الخدمة ولم تتطور الأحداث بعد إلى هذا الحد.
ومن اللافت أن ياركاداش قد نبَّه إلى أن هدف هذه العمليات الأمنية لن يقتصر على الخدمة فقط وإنما ستشمل كل المعارضين لأردوغان وحلفائه الجدد، بل سيتم اعتقال هؤلاء المعارضين بتهمة الانتماء إلى الكيان الموازي حتى ولو لم تكن لهم أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بحركة الخدمة، كما أوضح أن تطبيق هذه الخطة سيتم بعد تعيين قضاة ونواب عموم موالين لهم وفي أوقات وظروف مواتية بصورة تدريجية.
من جانبه قال نائب رئيس حزب الاتحاد الكبير رمزي جايير في مارس 2015: “أردوغان قال لي: “لقد أجرينا تعديلات قانونية على محاكم الصلح والجزاء، وهي الآن أمام الرئيس عبد الله جول. وبعد نحو أسبوع أو عشرة أيام من التوقيع عليها سأطوي صفحة هذه الجماعة وأقضي عليها” إنه استخدم هذه العبارات عينها تمامًا”.
هذه التصريحات من الأدلة التي تثبت أن أردوغان قرر أولا القضاء على حركة الخدمة ثم أعلنها تنظيمًا إرهابيًّا بعد انقلاب 2016 الذي دبره مع حليفه الجديد تنظيم أرجنكون، وذلك بعدما هدد الحركة في وقت سابق قائلاً: “إنني قادر على إعلانكم منظمة إرهابية في يوم واحد من خلال نائب عام واحد وثلاثة شرطيين!”.