القاهرة (زمان التركية)ــ تناول تقرير حقوقي المعاناة التي تسببت فيها جائحة كورونا على أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في أنحاء العالم، بسبب القيود التي فرضتها الحكومات المختلفة، من إغلاق كلي وجزئي على حياة المواطنين أو الحجر الصحي الواسع الذي طبق لمنع تفشي الوباء.
جاء ذلك في تقرير أصدرته مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بعنوان “تداعيات فيروس كورونا على اللاجئين والمشردين داخليا في الشرق الاوسط”.
وأوضح التقرير التداعيات الناجمة عن هذه القيود من آثار سلبية على المواطنين في العالم، فقد ترتب على وباء (Covid-19)، على سبيل المثال لا الحصر، فقدان 25 مليون شخص لوظائفهم، وفقا لمنظمة العمل الدولية. وألقت الجائحة بظلالها على مجتمعات بأكملها.
اللاجئين الأكثر تضررا
وعلى وجه التحديد كانت مجتمعات اللاجئين من بين أكثر المتضررين، نظراً للهشاشة والضعف الذي يُصيب هذه الفئة في أوقات الأزمات الإنسانية والكوارث، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل والتي تؤوي حالياً أكثر من 85% من اللاجئين حول العالم. وذكر التقرير أن أعداد اللاجئين حول العالم يقدر بنحو 79.5 مليون نازح، منهم 18 مليون في منطقة الشرق الأوسط، نتيجة ارتفاع معدل النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية في تلك البلدان، وأن جائحة كورونا قد فاقمت من معاناة اللاجئين في هذه المناطق.
وأشار تقرير ماعت إلى أنه حتى منتصف العام الحالي 2020، اضطر ما يقرب من 80 مليون امرأة وطفل ورجل في العالم إلى ترك ديارهم ليصبحوا لاجئين أو مشردين داخلياً، وقد يكون الأكثر إثارة للدهشة أنه هناك 10 ملايين من هؤلاء الأشخاص فروا من ديارهم في عام 2019 وحده، وبطبيعة الحال فتلك الأعداد قد ازدادت مع ارتفاع وتيرة الصراعات والنزاعات الإقليمية والدولية، وخاصة النزاعات بالمنطقة العربية، والتي بدأت تتأجج مع دخول أطراف جديدة في الصراعات الدائرة، و تدخل قوى إقليمية ودولية في تلك الصراعات، وباتت بعض الدول العربية وكأنها مسرح عمليات، وأرضاً مهيأة للحرب بالوكالة، وتزامن مع كل هذا التعقيد والتشابك، ظهور فيروس هدد العالم بأسره، وشكلت جائحة كورونا – للأسف الشديد- تهديداً إضافياً للاجئين والمشردين داخلياً، والذين هم من بين أكثر الفئات ضعفاً.
وفي هذا الإطار، قال أيمن عقيل رئيس مؤسسة ماعت أن الآثار السلبية لفيروس كورونا المستجد على اللاجئين في الشرق الأوسط، أدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين اللاجئين في إقليم شرق المتوسط، بجانب تقلص أعداد الأطفال اللاجئين الملتحقين بالتعليم، والإمكانية المحدودة لوصول اللاجئين للمياه النظيفة والصرف الصحي، بجانب تأثير الوباء على الحق في الغذاء في مخيمات اللاجئين وعلى بعض الفئات الضعيفة مثل النساء.
وأضاف عقيل أن تفشي وباء فيروس كورونا المستجد أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة بين اللاجئين في دول الشرق الأوسط، ففي لبنان والتي تستضيف مليون ونصف لاجئ من الجنسيتين السورية والفلسطينية، فقد 50% من الرجال لوظائفهم، بجانب فقد نحو 100% من النساء للأعمال الذين كانوا يشغلونها قبل فرض القيود الخاصة بفيروس كورونا.
وكان الغالبية العظمي، من هؤلاء يعملون في وظائف متدنية ليست من ضمن الاقتصاد الرسمي، كعمال بناء او كهربائيين، او عمال نظافة او مزارعين، وأكد عقيل على أن الوضع قبل جائحة فيروس كورونا المستجد كان مٌختلف قليلاً، لكن وضع اللاجئين السوريين بعد الجائحة تفاقم وأصبح يُهدد حياتهم، وبلغ متوسط ديون الاسرة الواحدة 1115 دولار أمريكي، فيما أضطر 70% من اللاجئين إلى تقليل استهلاكهم من الغذاء، بسبب نقص الأموال اللازمة للقيام بعملية شراء الغذاء.
وقال عقيل أن واقع الحال يخبرنا بأن هنالك فشلاً دولياً ذريعاً في احتواء أزمة اللاجئين، خاصة مع استعمال “اللاجئ” كورقة ضغط من قِبل بعض الدول بالمنطقة كما يحدث من قبل تركيا، ووجب أن نقر أن هنالك ما يربو عن 190 دولة فشلوا في رفع المعاناة عما مجموعة حوالي 80 مليون لاجئ ومشرد داخلي حتى منتصف عام 2020، وأكثر من نصف هؤلاء اللاجئين يعيشون في عشرة دول فقط من بين 193 دولة، والتي منها فلسطين وسوريا والعراق والصومال.
من جانبه قال شريف عبد الحميد مدير وحدة الأبحاث والدراسات بمؤسسة ماعت إن التبعات والآثار السلبية لانتشار جائحة كورونا المستجد طالت كافة مناحي الحياة في كل بقاع الارض، وما زال يتوقع أن يزيد من شراسة آثاره إذا لم يتوقف انتشاره في كافة الدول، وأن من تبعاته السلبية، ارتفاع نسب البطالة في العالم، وكذلك نسب الفقر، وأعداد الأطفال العاملين، وارتفاع اعداد فاقدي السكن، والسند.
وأضاف عبد الحميد أن فيروس كورونا زاد من صعوبة أوضاع اللاجئين والمشردين داخلياً، والمتردية أوضاعهم بالفعل، بطبيعة ما صارت إليه منطقة الشرق الأوسط من كونها باتت خط نار وإقليم تحالفات إقليمية ودولية، وأُججت الصراعات بسبب وجود بعض القوى التخريبية والاقليمية كإيران وتركيا وقطر بالمنطقة، ودعمها لبعض الجماعات الارهابية على حساب القوى والجيوش الوطنية، وهو ما زاد من معاناة اللاجئين بين سندان الظروف الاستثنائية التي تفرضها جائحة كورونا، ومطرقة النزاعات والصراعات الدائرة في الشرق