بقلم: هيثم السحماوي
القاهرة (زمان التركية)ـــ أنشئت منظمة الأمم المتحدة عام 1945، حيث تم توقيع ميثاقها بعد اجتماع في مدينة سان فرانسيسكو طال أكثر من شهرين شهدا تداول وتفاوض بين ممثلي خمسين دولة.
وكان سبب إنشائها فشل سابقتها (عصبة الأمم) في تحقيق ما وجُدت لأجله، باندلاع الحرب العالمية الثانية، وذاق العالم مرة أخرى مرارة الحرب وكوى بنارها وعانى من آثار الدمار والتخريب الذي خلفته الحرب. فأُنشئت الأمم المتحدة بأهداف وغايات سامية، علي رأسها حفظ الأمن والسلم الدوليين، وتحقيق التنمية بين الدول، وحماية حقوق الإنسان.
والآن في عيدها الخامس والسبعين تختلف الرؤى حول مدى نجاح الأمم المتحدة في تحقيق ما أنشئت لأجل تحقيقه.
فإحدى وجهات النظر ترى أنها فشلت بامتياز في تحقيق ما أنشأت لأجله فلا هي حافظت على السلم والأمن الدوليين، ولا هي حققت التنمية الحقيقية بين الدول، ولم تحمِ الإنسان من الاعتداء على حقوقه، خاصة ممن كانوا في حاجة ماسة لهذه الحماية من أفراد البلدان الضعيفة.
ويواصل هؤلاء القول بأن الوصف الجيد لهذه المنظمة أنها وجدت لحماية الأقوياء ولتحصين انتهاكاتهم المتعددة، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ، ويذكر هنا ما حدث أحد المرات من الأمين العام السادس للأمم المتحدة الأسبق المصري بطرس بطرس غالي حيث استبدل عند حديثه سهوا بدلا من الأمم المتحدة الولايات المتحدة، فكان خطأ يعبر عن حقيقتها وتوجهها.
ويضيف هؤلاء من أوجه النقد أيضا مميزات الدول الكبرى فيها على حساب باقي الدول كحق الفيتو، وحق العضوية الدائمة الممنوحين لخمس دول فقط وهي (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا) بالإضافة إلى ضعف ميزانيتها ومن ثم فلا حاجة لوجودها.
أما أصحاب وجهة النظر الأخرى فيرون أن للمنظمة حسناتها بل وإنجازاتها التي منها على سبيل المثال تدخلها في وقف القتال وتهدئة الكثير من الصراعات والنزاعات وإرسال قوات حفظ السلام لعدد كثير من الدول يقدر بنحو 122 دولة وفقا لتقرير الأمم المتحدة الصادر في أبريل عام 2019، والوسطاء في النزاعات والحروب الداخلية المبعوثين من قبل الأمم المتحدة في عديد من البلدان مثل سوريا واليمن وليبيا .. الخ.
وبالإضافة لهذا الدور في حفظ السلم والأمن الدوليين كانت هناك أدوار أخرى و انجازات حققتها الأمم المتحدة كدورها في حفظ التراث الإنساني، وفي مجال الصحة العامة، والإغاثة ومتابعة اللاجئين .. الخ .
ومع كل ذلك فهناك نقد للأمم المتحدة ومآخذ عليها التي ذكرها أصحاب وجهة النظر السابقة كما يتعلق بالعضوية الدائمة، وحق الفيتو، وقرارات مجلس الأمن المُسيسة في أحيان كثيرة .. الخ
ولكن الحل لذلك هو النظر في إصلاحها وتطويرها وليس إلغائها.
وهناك آخرون لديهم وجهة نظر مختلفة لدور الأمم المتحدة والنقد الموجه إليها فيقولون: إن منظمة الأمم المتحدة تقوم بدورها الهام وفقا لطبيعتها وإمكانياتها المتاحة، وإن أصحاب الرأي الأول يبدو أنهم يُقيمون المنظمة من منطلق الخيال المثالي بعيدا إلى أقصى حد عن العالم الذي يعيشون فيه وتمارس فيه المنظمة عملها.
فإذا كانت هذه المنظمة بمثابة حكومة للعالم فهي تختلف من كل النواحي في قيامها بعملها عن الحكومات الداخلية للدول، ولا وجه للمقارنة بين الدورين في شيء.
وبالنسبة لمن يرون سيطرة الدول الكبرى عليها فلأن هؤلاء هم من يتحملون نفقاتها ويوفرون ميزانيتها، وفي الواقع الذي يعيشه الجميع الكلمة تكون للقوى ومن يملك المال، أنه واقع يمكننا أن نمقته أحيانا ونلعنه أحيانا أخرى ولكنه يبقى في النهاية هو الواقع الذي نعيشه ليس على المستوى الدولي فقط ولكنه على المستوى الداخلي للدول وحتى داخل الأسرة الواحدة.
انه من الغُبن والظلم البين أن تتحمل المنظمة نتاج ضعف وتخلف وفقر بعض الدول. إن الحقيقة في معظم أحيانها مرة ولكنها تريح، وبإدراكها وتفهمها يمكننا البدء في بناء عالم قوي عادل ينعم فيه أفراده بالأمن والسلم، وتسوده التنمية، ويشيع فيه احترام حقوق الإنسان .
عاشت الأمة الإنسانية بكل حب وخير
–