إسطنبول (زمان عربي) – أكد المفكر الإسلامي التركية العلامة الأستاذ فتح الله كولن أن من نذروا حياتهم وأرواحهم لله جل وعلا لاينبغي عليهم أن يخضعوا أو يستسلموا لتهديدات الظالمين.
جاء ذلك في درس جديد للأستاذ كولن عبر موقع herkul.com بعنوان: “ينبغي ألا يستسلم الذين نذروا أرواحهم لله لتهديدات الظالمين” استهله بالحديث عن معنى الدعاء لله وأهميّته وكيف يجب أن يكون الدعاء. وأكّد ضرورة الدعاء وفق عقيدة توحيد سليمة وأن يعي الإنسان ما يلفظه بلسانه وأن ينطق بما يختلج به صدره من مشكلات وأن ينطلق لسانه بتصديق من قلبه.
وأوضح كولن خلال الدرس أن العلامة الراحل بديع الزمان سعيد النورسي حلّت به –أيضًا- أحداث مشابهة لما نشهدها في هذه الأيام قال: “يوجد في يومنا الحاضر أيضا من يمكن تسميتهم بالمرتدين عن خدمة الدين أو المرتدين عن الأعمال الصالحة أو حتى المرتدين عن العقيدة الإسلامية من الذين وقعوا في الأسر وانحرفوا عن الطريق بسبب وعـكات أو أمراض مثل الولع بالمناصب والانغماس في الملذات والرغبة في معيشة مرفهة واللهث وراء الترف وما شابهها”.
وأكد كولن أن الذين تخلّوا عن أناس ظلوا إلى جانبهم طيلة عشرين أو ثلاثين عاما وارتكبوا افتراءات شنيعة ضد أصدقائهم القدامى واغتابوهم بسبب أطماع دنيوية أو مخاوف ما لن ينالوا آمالهم ولن يحققوا مآربهم الدنيئة.
وأضاف أنه لن يعتمد أحد على هؤلاء أو يثق بهم أبدا وهؤلاء الذين باعوا أنفسهم سيتم استخدامهم لمدة ما ثم يستغنى عنهم ويطرحون جانبا.
وتابع الأستاذ كولن أن الجميع سيشك في هؤلاء أثناء تعاملهم معهم وسيقول فيهم الناس: “إن هؤلاء قد يتخلون عنّا كذلك في أي حين كما فعلوا من قبل بأصدقائهم الذين وقفوا إلى جانبهم لسنين طويلة. فما دام هؤلاء جاءوا إلينا عندما أعطيناهم فيلا واحدة ويمكن لهم أن يذهبوا إلى غيرنا بمجرد أن يعدوهم بإعطاء فيلتين في يوم ما. وإن كانوا يحصلون عندنا على عشرة آلاف فسيذهبون إلى غيرنا إن أعطوهم عشرين ألفا. وبالتالي لايمكن لهم أن يكونوا أوفياء لنا”.
واستشهد كولن على هذا الموضوع بمثال من عصر السعادة، عصر النبي صلى الله عليه وسلم، قائلا: “روي أن مسيلمة الكذاب أسر رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال لأحدهما: “ماتقول في محمد؟” قال: “إنه رسول الله” قال: “فما تقول في؟” قال خوفا: “أنت أيضا” فخلاه، وقال لآخر: “ما تقول في محمد؟” قال: “إنه رسول الله” قال: “فما تقول في؟” فقال أولا: “إنما أنا أصم” فأعاد عليه ثلاثًا، فأعاد جوابه، ولكنه في الأخير قال: “إنما أنت كذاب” فقتله مسيلمة، فبلغ خبر ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم – فقال: “أما الأول فقد أخذ برخصة الله تعالى وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئًا له”.
وأضاف الأستاذ كولن بعد التذكير بهذه الواقعة: “ينبغي على الذين نذروا أرواحهم لله عز وجل ألا يأخذوا بالرخص وألا يعتذروا للظالمين. وإنما يكون العُذر بشرط أن يقول الظالمون؛ “نحن نعتذر للشعب” بعد أن يعترفوا بأكاذيبهم وافتراءاتهم وتصرفاتهم بمشاعر انتقامية وأعمال السرقة التي ارتكبوها والمحرمات التي أكلوها فإن ذلك بمثابة توبة إنسان ارتكب ذنبًا والله يتقبل التوبة من عباده ونحن كذلك نسامحهم على ما ارتكبوا في حقنا. وإلا فالاعتذار لهم يعني أن يكون الإنسان مثلهم. وأن يموت الإنسان خير له من أن يكون مثلهم. فإن الموت بالنسبة للمؤمن الحقيقي كيوم فرح وسرور لأنه سيلقى بعده ربه وأحبته” (من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا).