الجزائر (زمان عربي) – أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق قسوم أن اتهام علماء الأمة والمصلحين الذين يحملون مشروعا نبيلا للنهوض بهذه الأمة من أمثال العلامة التركي محمد فتح الله كولن بـ”الإرهاب” هو سلاح الضعفاء الفاقدين للحجة والبرهان.
وقال الدكتور قسوم في ندوة علمية ألقى خلالها محاضرة: “بعنوان سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم دروس وعبر” إن من يتعرض للعلماء بالسوء لن يجني من ورائه إلا السوء لأن دماء العلماء مسمومة ومجادلة العلماء لاتكون إلا بالعلم والفكر لا بالاتهام والسب والشتم. وأشار إلى أن وضع العلماء في خانة الإرهابيين هو سلاح الضعفاء وهو أمر خطير على أمن واستقرار المجتمعات والأمم.
وأضاف: “على رجال الخدمة أن يثبتوا أكثر فنحن عرفناهم بإخلاصهم في الميدان. وذلك من خلال الدليل العملي والسلوكي للمتعاطفين مع الخدمة باختلاف أطيافهم وألوانهم. فالاتهامات الموجهة لهم لا معنى لها”.
وتابع الدكتور قسوم قائلا: “كل من يحمل رسالة نبيلة ذات قيم إنسانية عالمية إلا ويصاحبه الأذى”. وأكد أن الابتلاء هو جزء من تلك الأمانة النبيلة وعلى حاملها تحمل ذلك البلاء لأنه لايمكن في أية حال من الأحوال تبليغ الأمانة وتحقيق أهدافها دون تضحيات، مستدلا على ذلك بمثالين:
المثال الأول: هو الحديث الذي دار بين السيدة خديجة وخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وهو حديث العهد مع الوحي ولم يكن يعي ما يدور حوله حيث طمأنته السيدة خديجة بأن الله لن يخزيه أبدا وللتأكد من الأمر قالت له بأنها سوف تذهب إلى شيخ على الديانة القديمة وهو ورقة بن نوفل وتطلعه على الأمر علها تجد عنده تفسيرا لما يعيشه خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلّم فذهبت إليه وروت عليه القصة كاملة فأجابها ورقة بن نوفل بأن تقول لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يتحمل ويصبر على ما أتاه الله وأخبريه بأن كل من يحمل رسالة قيمة ونبيلة إلا وصاحبه أذى وأعلميه أن قومه سيخرجونه من وطنه وما عليه إلا بالصبر حتى يبلغ رسالة رب العالمين إلى العالمين أجمعين.
المثال الثاني: يتعلق بالمصلح الجزائري عبد الحميد ابن بديس عندما خيره المستعمر الفرنسي بين أبيه الذي أفلست تجارته آنذاك وأصبح فقيرا بعدما كان غنيا. حينها وعدت فرنسا بمساعدته حتى يقف على قدميه مرة أخرى وتزدهر تجارته. وبين جمعية علماء المسلمين التي كان يحارب من خلالها الجهل والأمية وينير عقول الجزائريين حتى يثوروا ويستعيدوا وطنهم المغتصب من جانب الاستعمار الفرنسي. وعلى الرغم من مرارة الموقف وصعوبته إلا أن الشيخ ابن باديس فضل الجمعية على أبيه وحياته وماله إيمانا منه بحجم المهمة الملقاة على عاتقه.
وفيما يتعلق بحركة الخدمة واصل رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق قسوم قائلا: “أرى أن كلمة الخدمة تعني في مجمل الكلام المعاملة أي تطابق الفعل مع القول وهي عكس ما تروج له الأحزاب السياسية تماما. وهذه الأخيرة تخدر عقول البشر بالأقوال دون الأفعال. إن حركة الخدمة تعلمنا كيف يتعاون المسلم مع أخيه المسلم وكيف يجب أن تكون العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم، التي هي في الأساس تقوم على المحبة والمودة والتسامح والحوار كما أن الخدمة تدعو إلى الألفة بين القلوب وهو ما يؤدي إلى توحيد الهدف والسعي من أجل بلوغه”.
وفي ختام محاضرته دعا الدكتور قسوم الأمة الإسلامية قاطبة إلى الانتقال من الماديات وملذات الحياة إلى تغذية العقل بالأخلاق والمبادئ الأساسية التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم والصالحين من بعده.