أنقرة (زمان التركية) – جاء اعتراف مثير على لسان نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ماهر أونال يفنّد مزاعم الرئيس رجب طيب أردوغان حول تدبير حركة الخدمة محاولة الانقلاب في 2016 من أجل الإطاحة بالحكومة والسيطرة على الحكم في البلاد.
وقد أكد ماهر أونال أنه لا توجد ذراع سياسية لما سماه “منظمة فتح الله كولن”، في إطار رده على سؤال للإعلامية جوليده آتيش على قناة “خبر جلوبال” التركية مفاده: “من هم الذين يشكلون الذراع السياسية لمنظمة فتح الله كولن؟”.
وبعدما باتت تُوجَّه للرئيس رجب طيب أردوغان وحزبِ العدالة والتنمية تهمة “الذراع السياسية لحركة الخدمة” من قبل حزب الشعب الجمهوري وضباط بالجيش ينتمون لتنظيم أرجنكون، يعاني الحزب الحاكم حاليًا من حالة تخبط في سبيل الدفاع عن نفسه، بعدما صنف أردوغان الحركةَ التي كانت حليفة له في السابق تنظيمًا إرهابيًّا، مما يعني أنه منح خصومه فرصة الانتقام منه.
وسرد أونال الأسباب التي حملته على نفي وجود ما يسمى “الجناح السياسي لمنظمة فتح الله كولن” قائلاً: “نظرة مجموعة فتح الله كولن إلى السياسة معلومة للجميع. فرئيس المنظمة فتح الله كولن يرى السياسة من أحطّ الأمور وأسفلها، وكذلك يعتبر اللهاث وراء السلطة السياسية من أحقر الأمور وأخسّها. لذا فإنهم لم يفكروا بتاتًا في التسلل والتسرب إلى السياسة”، التصريحات التي تتناقض مع اتهام أردوغان لحركةِ الخدمة بالانقلاب على الحكومة والسيطرة على زمام الأمور في تركيا.
واصل أونال قائلاً: “وعلى الرغم من أن أعضاء منظمة فتح الله كولن تسلّلوا إلى بعض أجهزة الدولة كالأمن والقضاء، إلا أنهم لم يرغبوا أبدًا في التسلل إلى مجال السياسية.. والعلاقة التي أقاموها مع حزبنا العدالة والتنمية كانت واضحة للغاية. فلما استقطب حزبنا إلى صفه جميع منظمات المجتمع المدني الديمقراطية المعارضة للوصاية والانقلابات العسكرية، عقب وصولنا الحكم في البلاد، هم كذلك جاؤوا وتمحوروا حول حزب العدالة والتنمية”.
واستجابة لدعوة أطلقها الرئيس أردوغان في فبراير الماضي رفع نواب من حزب العدالة والتنمية دعوى قضائية ضد كل من رئيس الأركان العامة الأسبق إيلكر باشبوغ والبرلماني الحالي من صفوف حزب الشعب الجمهوري، رئيس شعبة الحرب النفسية في الجيش سابقًا دورسون جيجك، ووجهوا لهم تهمة “إهانة مسؤول” و”الافتراء”، وذلك ردا على وصف “باشبوغ” و”جيجك” نواب حزب العدالة والتنمية بـ”الذراع السياسية لمنظمة فتح الله كولن”، الأمر الذي وصفه مراقبون بـ”ارتداد سلاح أردوغان عليه”.
وكان رئيس هيئة الأركان الأسبق إيلكر باشبوغ أكد “ضرورة البحث عن السياسيين الذين قدموا للبرلمان عام 2009 مقترحا قانونيا تم من خلاله إقصاء القضاء العسكري ومحاكمة العسكريين أمام محاكم مدنية” متهما نواب حزب العدالة والتنمية الداعمين لهذا المقترح في البرلمان آنذاك بأنهم “الذراع السياسية لمنظمة غولن”.
ولفت ماهر أونال إلى أن كل الشعب التركي كان يعرف في التسعينات وبدايات الألفية الثالثة مَن ينتمون إلى حركة الخدمة، حيث قال: “إن الأشخاص الذين نقول عنهم اليوم إنهم من أعضاء منظمة فتح الله كولن كانوا أشخاصًا معروفين يعيشون معنا وبيننا، فهم كانوا أطباءَ ومعلمين وقضاةً ومدعين عامين وضباطًا في الجيش ورجالَ أمن”.
ومن ثم زعم أونال أن الوجه الحقيقي لحركة الخدمة ظهر عندما حاول أعضاؤها في الأمن والقضاء الانقلاب على الحكومة في 2013 من خلال تحقيقات فتحوها بدعوى تورط رجال أعمال وأبناء وزراء في الفساد والرشوة، ومن ثم في محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016.
سؤالٌ يطرح نفسه!!
تصريحات نائب رئيس حزب العدالة والتنمية أثارت سخرية رواد الإعلام الاجتماعي حيث تساءلوا قائلين إذا كانت حركة الخدمة لا تفضل الانخراط في السلك السياسي ولا تريد السيطرة على الحكم في البلاد فلماذا تقودون منذ عام 2013 دعاية تزعم أنها حاولت الانقلاب على الحكومة مرتين؟ هل انقلبت على الحكومة دون أن ترغب في السلطة؟
يُذكَر أن حكومة أردوغان اختلقت أولاً جريمة تحت اسم “الانتماء إلى منظمة فتح الله كولن الإرهابية غير المسلحة” لا ينص عليها الدستور أو القانون، لإعلان أعضاء الأمن والقضاء الذين أشرفوا على تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013 “مجرمين” ينتمون إلى تلك المنظمة، واتهامهم بـ”محاولة الانقلاب” على الحكومة من خلال توظيف ملفات الفساد.
ولكي يتمكن أردوغان من تصنيف حركة الخدمة كمنظمة إرهابية “مسلحة”، بعد أن صنفها منظمةً إرهابية “غير مسلحة” في البداية، خوفًا من رد فعل الرأي العام، أقدم في عام 2016 على تدبير انقلاب شكلي على حكومته، وألقى بالجريمة على الخدمة، وبادر إلى شيطنتها وإثارة الكراهية ضدها، لتبرير حركة التصفية الشاملة التي خطط لتنفيذها بحجة الانقلاب.
ثم بات أردوغان يتهم كل من يعارضه أو يختلف معه بالانتماء إلى منظمة فتح الله كولن، لكي يقوم بشيطنته ثم تصفيته بكل سهولة، بحيث لم يبق هناك أي حزب سياسي معارض إلا وجَّه له تهمة “الذراع السياسية لمنظمة فتح الله كولن”، لكن لما بدأت المعارضة تتهمه بأنه “الذراع السياسية لمنظمة فتح الله كولن” بناءً على علاقته السابقة معها، عندها توجه أركان حزبه إلى نفي وجود ذراع سياسية لهذه المنظمة المزعومة، مما يكشف زيف الاتهامات التي يوجهها للحركة وعدم التماسك المنطقي في مزاعمه بهذا الصدد.