إسطنبول (زمان عربي) – تتسبب ممارسات الحكومة التركية من عمليات التفتيش الضريبي وتصنيف المستثمرين بهدف التضييق عليهم في سحب وإلغاء العديد من الاستثمارات تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. ففي الوقت الذي تقل فيه الاستثمارات الأجنبية ويلجأ المستثمرون الأتراك إلى البحث عن أسواق خارجية بدأت حوافز الاستثمار تتراجع شيئا فشيئا.
وشهدت تركيا خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلغاء نحو 1.035 وثيقة تحفيز للاستثمار وصلت قيمتها أكثر من 4.1 مليار ليرة تركية (نحو ملياري دولار أمريكي) كما تشير المعطيات الاقتصادية أن عدد وثائق تحفيز الاستثمارات في الشهر نفسه وصل إلى 293 وثيقة فقط.
كما شهدت قيمة الاستثمارات الثابتة المعتمدة على وثائق تحفيز الاستثمار تراجعا ملحوظا بالمقارنة بالعام الماضي على الرغم من الكثير من التسهيلات بدءًا من الإعفاءات الجمركية مرورا بتخفيض الضرائب وصولا إلى دعم المساعدات على ضريبة الدخل وأقساط التأمين على الموظفين.
وتشير المعطيات الاقتصادية إلى أن قيمة الاستثمارات وصلت في الشهور العشرة الأولى من عام 2013 إلى 64.8 مليار ليرة تركية (32 مليار دولار أمريكي) بينما شهدت الفترة نفسها من العام الجاري تراجعا ملحوظا وصل إلى 29% مسجلا 46.1 (23 مليار دولار أمريكي). في حين شهدت الفترة نفسها من عام 2012 استثمارات بقيمة 39.6 مليار ليرة (18 مليار دولار أمريكي).
قانون الاشتباه المعقول سيصيب الاستثمارات
وقال رمضان طاش الأستاذ المساعد رئيس قسم الاقتصاد بجامعة تورجوت أوزال إن تلوث المناخ الاستثماري في البلاد يقف وراء هذا التغير الذي تشهده وثائق تحفيز الاستثمار.
وأوضح طاش أن المسار السيئ الذي يتجه فيه المناخ الاستثماري في البلاد عقب تمرير قانون الاشتباه المعقول سيتضح أكثر قائلا: “شهدت الاقتصاد التركي خروجا لاستثمارات بقيمة 4.5 مليار دولار خلال عشرة أشهر. ويعني ذلك أن تركيا تفقد مميزاتها كدولة يمكن ضخ استثمارات جديدة بها. وذلك لأن الحرية وحقوق الملكية تعرضت لضربة كبيرة مؤخرا. فالمستثمرون يفكرون في كيفية خروج أموالهم خارج البلاد سريعا. فهم لايرغبون في مجازفة جديدة لضخ استثمارات جديدة. لذلك فإن التراجع الملحوظ سواء طلبات الحصول على وثائق تحفيز الاستثمار أو الاستثمارات نفسها أمرٌ طبيعي”
وتابع طاش أن الحكومة تعتبر الكيان الموازي شماعة تعلق عليها جرائمها وأخطائها قائلا: “فالسلطة كما قال الفاروق عمر بن الخطاب هي: “ويلك يا عمر لو أن بغلة تعثرت في العراق لسئل عنها عمر لما لم تمهد لها الطريق” فالحكومة تشعر بأنها لا تتحمل أي مسؤولية طالما تتخذ الكيان الموازي شماعة لأخطائها. فهذا في الوقت نفسه يضعف قوة السلطة والحكومة. ويجعله يعجز عن التحكم في العلاقات الدولية والاقتصاد. فهنا توجد مفارقة. فكلما هربتم من المسؤولية وألقيتموها على غيركم كلما ضعفت قوتكم على التحكم في الاقتصاد وفقدتم القدرة على التحكم في الحياة الاجتماعية”.