تقرير: ياوز أجار
أنقرة (زمان التركية) – فسّر محلل تركي دعوة رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان لإعادة فتح ملفات قضية “الفساد والرشوة”، التي تورط فيها وزراء بحكومة الرئيس رجب أردوغان، على أنها رسالة تهديد من رفيق الرئيس التركي سابقًا.
البروفيسور المتخصص في العلوم السياسية سافاش كينج رأى أن باباجان المنشق من حزب العدالة والتنمية الحاكم قرر الرد على تهديد يتعرض له من قبل الرئيس أردوغان بعد انشقاقه عن حزبه بتهديد مماثل.
جاء تحليل الأستاذ كينج هذا عبر تويتر بعدما أدلى علي باباجان أمس الثلاثاء بتصريحات صادمة استهدف فيها لأول مرة الرئيس أردوغان بشكل مباشر، حيث ادعى أن تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013 كانت محاولة انقلابية “مصغرة” ضد حكومة حزب العدالة والتنمية، لكنه رأى أن هناك ضرورة لإعادة فتح وتدقيق تلك القضية، التي برأ أردوغان جميع المتهمين فيها وأغلقها بشكل مثير.
خلال مشاركته في حوار مع الصحفي المعروف روشن شاكر ببرنامجه المذاع على يوتيوب، أجاب باباجان على سؤال الكاتب عن رأيه في فضائح الفساد والرشوة التي تورط فيها وزراء بحكومة أردوغان في عام 2013، قائلاً: “لقد أقدمت مجموعة متنفذة في جهازي الأمن والقضاء على محاولة انقلابية مصغرة ضد حكومة تلك الفترة بعدما احتفظت بحوزتها عديدًا من الملفات لفترة طويلة. لكني أرى أنه يجب إعادة فتح وتدقيق تلك الملفات مجددًا”.
المتخصص في العلوم السياسية سافاش كينج اعتبر تصريحات باباجان “شديدة اللهجة للغاية”، وأنه لا يمكن أن يستخدم مثل هذه اللغة الشديدة في الظروف العادية، حيث قال: “إنها تصريحات بالغة الشدة! لا يمكن أن يقبل باباجان على مثل هذه الخطوة لو لم يشعر بأنه تحت التهديد. فإن الرجل يقول (لأردوغان من خلال هذه التصريحت): حذار أن تهددني، وإلا سأكشف عن كل ما أعرف!”، على حد تعبيره.
تطرق باباجان أيضًا إلى الانقلاب المزعوم في عام 2016 متهمًا أردوغان باستغلال المناخ الذي ظهر بعد إفشال المحاولة، قائلاً: “لقد تشكل في تركيا بعد محاولة الانقلاب مناخ مختلف للغاية. حتى إنه تم استخدام عبارة الهدية الإلهية واستغلال هذا المناخ”، في إشارة إلى وصف أردوغان المحاولة الانقلابية بـ”الهدية الإلهية” التي سنحت له فرصة تصفية خصومه بأجهزة الدولة.
وأكد باباجان أنه يجب كل من تورط في محاولة الانقلاب وإنزال أحكام ثقيلة عليهم حتى لا تشهد هذه البلاد مرة أخرى انقلابات عسكرية، ثم استدرك قائلاً: “لكن تحقيقات الانقلاب شهدت محاكمات جائرة”، وفق تعبيره.
وكان الرئيس أردوغان قد اتهم المجموعة التي أعدت ملفات الفساد واحتفظت بها حتى ظهور فرصة سانحة لاستغلالها ضده بالانتماء إلى حركة الخدمة، إلا أن رئيس حزب الوطن القومي اليساري المتطرف دوغو برينجك اعترف في تصريحات لقناة “أولوصال تي في” بعد بدء تحقيقات الفساد في عام 2013 قائلاً: “بعض الناس يزعمون أن حركة الخدمة هي التي كشفت عن فضائح الفساد والرشوة في عام 2013، ولكن هذا خطأ؛ لأننا من فضحنا هذه القضايا قبل ذلك، ونحن من نشرنا التسجيلات السرية الخاصة بأردوغان، حتى إنهم اعتقلونا بسبب هذا. وأنا قلت هذا أمام المحكمة، كما أنه يوجد لدينا في الوقت الراهن 38 تسجيلاً صوتيًّا لأردوغان يمكنكم الاطلاع عليها، وكلها متعلقة بالفساد والرشوة”، على حد قوله.
يذكر أن دوغو برينجك تحالف مع أردوغان عقب فضائح الفساد المذكورة وخرج من السجن في عام 2014 بعفو رئاسي، بعد أن كان محكوما عليه في إطار قضية تتهمه بالانتماء إلى تنظيم أرجنكون -الدولة العميقة- المسئول عن تدبير الانقلابات العسكرية في تركيا، ليصبح فيما بعد أحد حلفاء حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، إلى جانب حليفه الآخر دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية اليمينية المتطرفة أيضًا.
المحلل السياسي التركي المخضرم، محمد عبيد الله، قال في تصريحات خاصة لموقع صحيفة (زمان) التركية، إن علي بابا جان بتصريحاته الأخيرة كشف من خلال وصفه تحقيقات الفساد والرشوة بأنها “محاولة انقلابية مصغرة” أن اللذين يقفون وراء هذه الإجراءات “المصغرة” لم يرغبوا في الإطاحة بأردوغان بالكلية، وإنما أرادوا إجباره على التفاوض معهم، وهذا ما حدث بالفعل بعد تحقيقات الفساد والرشوة، حيث اضطر أردوغان للتحالف مع كيان “الدولة العميقة” بجناحيه اليساري واليميني، أي حزبي الوطن والحركة القومية ليحولوا تركيا في نهاية المطاف إلى دولة مارقة سواء في السياسة الداخلية والخارجية.
–