ويسل أيهان
لم يشهد الإعلام في تركيا ضغوطا كالتي يشهدها اليوم لا في انقلاب 27 مايو/ آيار 1960 ولا في انقلاب 12سبتمبر/ أيلول 1980.
لقد باتت هذه الحكومة التي سيطرت على القضاء كابوسا بالنسبة للدولة والإعلام. فقد اعتقل أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة” زمان” لمدة 6 أيام بأمر تعسفي من أحدهم في ظاهرة لا يمكن حدوثها في هذا العصر. كما اعتُقل هدايت كاراجا مدير مجموعة” سامان يولو” بقرار ساخر قد يدخل تاريخ القانون العالمي. فالأسئلة التي وُجِّهت إليه والتهم التي اتُّهم بها كلها مثيرة للضحك. فلا المدعي العام مستقل ولا القاضي مستقل. كما قال القاضي في عهد الانقلاب العسكري 27 مايو/ آيار 1960 : “القوة التي اعتقلتهم هي التي أمرت بسجنهم أيضا”.
ولا بد من أن يدفع رجال القضاء إن عاجلا أم آجلا ثمن إهمالهم لكتب القانون وتلقي الأوامر من القصر الأبيض. ولن يمكنهم الخلاص من هذه المهزلة.
المطالبة باعتقال الأستاذ كولن
لقد حوكم الأستاذ كولن 3 مرات في المحكمة العسكرية في عهود 3 انقلابات عسكرية في 12 مارس/آذار 1971 و12سبتمبر/ أيلول 1980 و28 فبراير/ شباط 1997. وقد تمت تبرئته في المحاكمات الثلاث. واليوم يطالب الذين أُثقِل كاهلهم بالمئات من ادعاءات الفساد والرشاوي باعتقال الأستاذ فتح الله كولن لتغيير جدول الأعمال.
فثمة قوانين للقصر الأبيض في تركيا فقط. وقد ينشر إعلام القصر الأبيض هذا القرار السخيف في العناوين الرئيسية لصحفه. وبعد هذه العناوين تأتي الأخبار ذات المضمون الفارغ. وبما أنهم تمسكوا بهذه الادعاءات السخيفة ورضوا بأن تُشوَّه سمعتهم فهذا يعني أن الأكاذيب التي انغمسوا فيها أكثر مما يُرى. فكل شيئ عبارة عن إدراك. حيث أصبح الإعلام كالقضاء تحت وصاية الحزب تماما.
حوكم رئيس الوزراء الأسبق “مسعود يلماظ” في المحكمة العليا لأنه قال لـرجل الأعمال التركي كوركماز ييغيت ذات يوم: اشترِ جريدة” ميللِّيت”. أما الآن فالإعلام له عصابات تابعة للحكومة. فصهر أردوغان له صحف. كما أن هناك إعلاما مواليا تم تأسيسه بالأموال التي جُمعت من رجال الأعمال (مقابل المناقصات الحكومية). فقد مورست الضغوط على مجموعة” خبرتورك” بواسطة رخص المناجم، وعلى مجموعة” دوغان” بالغرامات المالية. وكان صاحب جريدتي” ميلليت ووطن” البالغ 80 من العمر قد أجهش بالبكاء حين تلقى اتصالا هاتفيا من أردوغان الذي صب عليه جام غضبه.
وكان هناك برنامج “ألو نيرمين” على قناة (NTV) وقد تغير اسمه إلى “ألو مصطفى” (حيث أصبح مصطفى قراعلي أوغلو المعروف بأنه الساعد الأيمن لأردوغان عضوا في الهيئة الإدارية للقناة). ومفتشو الضرائب بالمرصاد لكل من يود الاعتراض على ذلك من رجال الأعمال والصناعة.
خطوة خطوة نحو جمهورية القصر الأبيض
لقد عين حزب العدالة والتنمية بشكل علني 144 عضوا في مجلس القضاء الأعلى و33 عضوا في مجلس الدولة. فمجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة أصبحا مرتبطين فعليا برئيس الجمهورية. وآخر حزمة من القوانين القضائية أسفرت عن تشريع الاشتباه المعقول. فقد أصبح من الممكن اعتقال أي شخص بقرار من المحكمة. كما يمكن مصادرة أموالهم غير المنقولة (العقارات) وحقوقهم وودائعهم. وبعبارة أخرى تم تقنين عصابة الأربعين حرامي.
أصبحت تركيا تحت حكم فردي بلاشك. ولم يبق لرئيس الوزراء أية صلاحية سوى المشاركة في احتفاليات عيد الطفولة في 23 أبريل/ نيسان. وليس له أي حكم فعلي. وقد انتهى النظام البرلماني. فقد سيطر الرئيس على التشريع والتنفيذ والقضاء. كما أُعلن في اجتماعات هيئة المستشارين عن قيام النظام الرئاسي عام 2015