إسطنبول (زمان التركية) – مرت 10 سنوات على هجوم قوات الجيش الإسرائيلي على سفينة المساعدات الإنسانية لكسر الحصار على قطاع غزة “مافي مرمرة”، والتي أسفرت عن مقتل 10 أتراك، بالإضافة إلى إصابة العشرات.
مافي مرمرة انطلقت من تركيا بمباركة بل توجيه من أردوغان، بالرغم من أن السلطات الإسرائيلية حذرت علنًا أكثر من مرة أنها ستقوم بالهجوم على السفينة، لكن رئيس جمعية هيئة الإغاثة التركية “İHH” بولنت يلدريم قلل من التهديدات وأكد أن إسرائيل لن تهاجم السفينة وسوف تضطر إلى التراجع.
إلا أنه في منتصف ليل 30 مايو 2010 وقبل ساعات قليلة من صباح اليوم التالي، شنت قوات تابعة للجيش الإسرائيلي هجومًا على سفينة مافي مرمرة وستة سفن مساعدات أخرى، الأمر الذي أسفر عن مقتل 10 مواطنين أتراك، وإصابة العشرات من جنسيات مختلفة.
في تلك الأثناء، علق المفكر الإسلامي التركي مؤسس حركة الخدمة فتح الله كولن على الواقعة، وكتب مقالًا في جريدة وول ستريت جورنال، حيث قال: “يا ليتهم استخدموا القنوات الدبلوماسية إلى أقصى حدودها، لما كانت هذه القوة الغاشمة استخدمت”.
رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت ورئيس الجمهورية الحالي رجب أردوغان وجد الفرصة مواتية ليشن هجومًا على فتح الله كولن من جانب، وطالب من حانب آخر إسرائيل بثلاثة شروط: “الاعتذار، والتعويض للضحايا والمصابين ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة؛ وإلا لن تعود العلاقات لما كانت عليه سابقًا”.
الحقيقة أن إسرائيل لم تنفذ كل هذه الشروط، ولكن العلاقات بين البلدين عادت لمجراها الطبيعي، وتضاعف حجم التجارة بين البلدين بنحو 4 أضعاف تقريبًا.
بولنت يلدريم علق على الأحداث مرة أخرى خلال مشاركته في برنامج تليفزيوني في شهر يناير 2014، وقال: “لم نكن نتوقع أن تكون إسرائيل غدارة لهذا الحد. كان هدفنا: خلق حالة من الجدل في الرأي العام العالمي في وسط البحر”، بمعنى أنهم لم يبالوا بإزهاق الأرواح في سبيل عمل “شو” إعلامي عالمي.
وفي 27 مارس 2014 قالت جريدة صباح المقربة من حزب العدالة والتنمية، إن الحكومة التركية توصلت لاتفاق مع إسرائيل، وأن إسرائيل ستدفع تعويضات بموجب هذا الاتفاق، وسيتم إزالة الحصار؛ إلا أن إسرائيل لم ترفع الحصار.
وكان سيردار تشام مدير مكتب أردوغان السابق في البرلمان التركي ا خلال فترة توليه رئاسة الوزراء بين 2002 و2009، قال إن: “هذه الواقعة أدت إلى انقطاع مساعي تركيا للتقارب بين قطاع غزة ورام الله. وتم إضعاف يد تركيا. وفي المقابل أصبح لمصر وعدد من الدول العربية دور فعال… وقد أدى تراجع التيارات الليبرالية اليسارية في إسرائيل إلى تمهيد الأرض لزيادة العقليات الراديكالية المتشددة والاستيطانية والاستعمارية”.
وأوضح أن الأضواء سلطت لسنوات على قطاع غزة فقط، دون الاهتمام بالضفة الغربية أو القدس والمسجد الأقصى الذي يعتبر أهم منها جميعًا، مؤكدًا أن تركيا بالرغم من أنها الوريث الشرعي للإمبراطورية العثمانية التي حكمت فلسطين لنحو 401 عام، إلا أنه تم استبعادها من الأوساط الدبلوماسية، على حسب قوله.
وأفاد تشام أن مؤامرة سفينة مافي مرمرة عززت فلسطين المشتتة بدلا من توحيدها، وجعلت تركيا تتعرض لمشاكل واحدة تلو الأخرى وتبقى خارج اللعبة، الأمر الذي لم يصب لا في مصلحة فلسطين ولا في مصلحة إسرائيل.
واتهم تشام دولا دون أن يسميها بدفع تركيا إلى إطلاق مبادرات مدنية، أي إرسال سفينة مافي مرمرة، مشيرا إلى أن تلك الدول لا تزال نشاطها مع إسرائيل بعد إقصاء تركيا.
ومن المثير أن رئيس الوزراء آنذاك رجب أردوغان هو الذي قدم دعما صريحا لانطلاق سفينة مافي مرمرة، بل المخابرات التركية وأذرعها المدنية هي التي وجهت هذه الحملة، ثم غيرت موقفها بعدما تفاقمت المشاكل بين تركيا وإسرائيل، بل إن أردوغان كان اتهم المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن بموالاة إسرائيل لمجرد أنه دعا إلى تفعيل اللغة الدبلوماسية بدلا من اللجوء إلى طرق استفزازية تعرقل عملية انفتاح تركيا بقوتها الناعمة على المنطقة والعالم.
–