بقلم: ماهر المهدي
القاهرة (زمان التركية)ــ بينما أنا في مكتبي، اتصل بي أحد أبناء مالكة العقار الذي أقيم فيه وقد بدا صوته مهزوزا غريبا، فانزعجت وسألته فورا: ماذا وقع يا حارث؟ وكان هذا اسمه. قال هناك حقيبة صغيرة على جانب باب بيتك، فهل وضعتها أنت في ذاك المكان ؟
استغربت السؤال وأحسست بنوع من الوقاحة فيه السؤال، ولكني قدرت أن ظروف الحياة بالعاصمة بغداد في ذلك الوقت قد تدفع البعض إلى سوء التقدير أو سوء الظن، ناهيك عن سوء التعبير. سكت لبرهة، ثم جاوبت المتصل بأنني لا أضع حقائبا أمام منزلي ولا أدري ماهية تلك الحقيبة التي يتحدث عنها وعدت إلى عملي. وعلمت بعد ذلك، أن البعض من الجيران تخلص من نفاية منزله بوضعها أمام منزلي، وخشى مالكو المنزل المؤجر من كون الحقيبة “مفخخة” أي تحتوي على قنبلة أو شيئا خطيرا فسارعوا إلى الاتصال بمن يقطن في البيت لعلهم يجدون إجابة.
راج في ذلك الوقت اتهام العراقيين للأجانب بالضلوع في العمليات الإرهابية، بينما كانت التحقيقات المنشورة واعترافات العراقيين الذين قبض عليهم تشير إلى غير ذلك. والحقيقة، أن الإعلام العراقي لم ينشر خلال تلك الفترة عن مصر والمصريين إلا خيرا، وأن العراق يعلم أن مصر شقيقة حقيقة ولا طمع لها في العراق.
كثرت أعمال التفجيرات في بداية عام 2005 وتلاحقت، حتى شعرت بشعر رأسي يقف قشعريرة، حين غادرت سوقا شعبيا كنت أتردد عليه لشراء بعض مستلزمات بيتي كل فترة وانفجر السوق وراح في التفجير من راح ضحية لا حول لهم ولا قوة، فربما تدخل منطقة أو شارعا، وعندما تغادره إلى بيتك يصبح المكان عدما أو خرابا مبقعا بالدماء. واشتعلت الاتهامات بين الشيعة والسنة وتطايرت، واستعرت الهجمات على المساجد، في عمليات انتقام متبادلة أو هكذا تردد فلم ارى طبعا بعيني رأسي انفجارا – حتى لم يعد المرء يجرؤ على التردد على مسجد للصلاة، فبت اصلي في بيتي أو في عملي، والكل يدعو بالسلامة للعراق وشعبه الطيب.
–