بقلم هيثم السحماوي
(زمان التركية)- الرجال والنساء.. الشباب والشيوخ.. تري في أحوال كل هؤلاء وفي تصرفاتهم في ليإلى هذه الأيام المباركة وفي أنهُرها ظرفا يفوق ما جاء في الأساطير وفي القصص. فيدع الإنسأن منا نفسه في يد الفرح والانفعال والبكاء وكأنه قد دعي لعالم قدسي.. ويتخيل بعضنا بأنه قد تهيأ للسفر بين النجوم وأنه يسابق الشمس والقمر، ويحس أن أنفاسه تختلط بأنفاس الملائكة إلى الدرجة التي تجعل قلوبنا تلين إلى اقصي حد.
هذه كلمات حضرة المفكر التركي محمد فتح الله كولن أو بمعني أدق هذه من همساته التي همس بها للقلوب في كتابه (ترانيم روح وأشجان قلب) في هذا الكتاب اصطحب الأستاذ القلوب وحدها وجلس معها في خلوة بعيدا عن العالم المزعج، على أرض الإيمان، في حضرة المحبة، قلوبا تستشعر سحر الاسلام، وأفق القرآن الساحر، وسر الدعاء، قلوب تعلقت بحب الروضة المطهرة والمسجد الأقصى منادية في خضوع وخشوع تام
اقبلني يا رسول الله
اقبلني بأبي أنت وأمي..
قلوبا تتفهم جيدا بأن صلاتها هي صلة ولقاء بالله، وأن قبل صلاتها يجب الوضوء، وأن الوضوء يكون بالمحبة قبل الماء، لأنها تعي جيدا أن الصلاة من قلب حاقد لا تجوز كما قال الإمام مولانا جلال الدين الرومي.
يناقش الأستاذ أفكارنا ومثلنا في ظلال القبة الخضراء، متذكرًا للهجرة النبوية والرحلة المباركة.
مستقبلا شهر رمضان بالاستقبال اللائق به والمناسب لحضرته مدركا بأن أساس فرض الصوم وعلة صيامنا (تقوي الله ) التي من معانيها أن تجعل بينك وبين الله وقاية بألا تقترب ما يغضبه سبحانه وتعالي.
ولأنه يُدرك جيدا ويتحدث دائما من منطلق فهمه للإسلام الصحيح لا ينسي أن يدعو القلوب للفرح وأن تسعد بالحياة وتُسعد الآخرين.
ولا يفوت الأستاذ أن يتحدث عن الميلاد السعيد لمن بُعث رحمة للعالمين، النبي الخاتم محمد صلي الله عليه وسلم.
الذي جاء ومضمون رسالته كان اتمام مكارم الاخلاق، بل إن مكارم الاخلاق هي مضمون جميع الرسالات والمعتقدات.
عن جابرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون». قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون» (رواه الترمذي و صححه الألباني)
ملحوظة : الثرثارُ: هو كثيرُ الكلامِ تكلفاً، والمُتشدقُ: المتطاولُ على الناس بالكلام .
ولا ينسي أن يُربت علي قلوب المخطئين العصاة مطمئنهم بقوله تعإلى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) )
فالرب سبحانه وتعالى هنا لا يتحدث عمن أخطأ أو عصاه فقط وإنما يتحدث عمن أسرف في الذنوب والمعاصي ولأن رحمته تعالى وسعت كل شيء فيطمأن الله عباده ويقول، انه يغفر الذنوب جميعا، ويؤكد -تعإلى الله علي تأكيد كلامه ولكنه جبرا بخاطر العصاة المذنبين- يقول إنه هو الغفور الرحيم.
ويواصل العالم الفاضل الهمس للقلوب والحديث معها في مواضيع هامة وجوهرية في حياتنا ولكنه حديث مختلف، حديث هادئ من القلب عن الوجه الآخر للموت، والإحساس الآخر بالزمن، ويوصي الجميع بالصبر.
والصبر يكفي لبيأن مقداره وثوابه عند الله أن أذكرك عزيزي القارئ أنه هو الوحيد الذي لم يبين الله مقدار جزاؤه وجعله بغير حد فقال 🙁 إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
وفي نهاية حديث الاستاذ كولن في كتابه ترانيم روح واشجأن قلب ينادي علي جميع إخوته في الإنسانية.
تعالوا نتبرأ من كل آثامنا مستغلين بركة هذه الايام التي أحاطت بنا، فنبدأ بعيش فترة تطهر، ونعزم على احترام الاخرين، والحفاظ علي جميع القيم الإنسانية، واحترام أفكار الآخرين وقبولهم علي ما هم عليه، وأن ندع النزاعات التي حدثت في الماضي ولا نثيرها من جديد، وندع تقسيم المجتمعات إلى طوائف ومعسكرات مختلفة، بل نتوحد ويحتضن بعضنا البعض الآخر.
عاشت الامة الانسانية بكل حب وخير
–