بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)ــ رغم نصيحة البعض لي بحيازة السلاح المناسب في بيتي الجديد في بغداد -من أجل الأمان- إلا أني لم أفعل، ولم أسترح إلى مثل هذا الاقتراح الخطير.
فالحقيقة، أن هناك قاعدة معروفة مقتضاها: أن حامل السلاح يجابه بالسلاح، وهو ما يعني أن كل من يحمل أو يقتني سلاحا في كل مكان في الدنيا قد يعرض نفسه لخطر ما في كل وقت، ولو كان حمله أو اقتناؤه للسلاح مشروعا ومسوغا. وقلت لمن نصحني ضاحكا: إن لدى في بيتي أيس كريم محترم، فإن زارني أحد فليس لدى ما أظهره سوى الأيس كريم، والله الحافظ. فاخترت أن أكون وحيدا في بيتي بلا حارس ولا سلاح، فقط مدبرة المنزل التي تأتي قبل مغادرتي البيت إلى عملي وتغادر عقب عودتي من عملي.
وكنت أحاول أن أرى كل شىء طبيعيًا ومع ذلك، فقد صرت قلقا متوترا، بسبب تزايد الانفجارات هنا وهناك، حتى لأن انفجارا وقع مباشرة إلى جوار مقر العمل، وعندما التففنا حول مديرنا لنرى ردة فعله وتصرفه، قال أنه يحب إلا نجعل من ذلك الأمر قصة، خاصة وأن أحدا منا لم يصب، فلما استغربنا ما قال الرجل، عقب بقوله: ان عاقبة الشكوى إلى القاهرة قد تكون القرار بعودة الجميع وإخلاء المكان وخسارة الرواتب المميزة.
ولم يكن تنازلي عن حارس البيت تواضعا تاما، وإنما التماسا للأمن، فقد كانت الأجواء في ذلك الوقت في بغداد معبأة بأعمال الخطف على أيدي مجموعات مسلحة تعترض الضحية في طريقها وتسيطر عليها وعلى الحراسة المرافقة لها أيضا، أو تهاجم الضحية في عقر دارها مقنعة في زي رجال الشرطة مثلا، لتفتح لمجموعات الخطف الأبواب وتفاجىء الضحية وحراستها بالخاطفين وبالسلاح.
وكان من المتواتر أن حراسة البيوت تساعد عصابات الخطف -بتزويدهم بمعلومات عن الضحية المراد اختطافها- فتصبح عصابات الخطف على دراية بكافة تفاصيل حياة الضحية (روتين حياته اليومية وعاداته وأسماء وعدد المقيمين معه والمترددين عليه)، وتصبح مهمة مجموعات الخطف واضحة وميسرة والعياذ بالله.
وكان الخطف للابتزاز المادي -مثلما حدث مرات مع العاملين في شركات مصرية عاملة في بغداد- أو لصالح جماعات إرهابية أو لأهداف أخرى، فقد حكى لي صديقي أبو أركان ذات مرة أن تغيرًا خطيرًا طرأ على الحياة في بغداد، بحيث توافر القتلة المأجورون تحت الطلب مقابل خمسين دولارا أمريكيا.
فيستطيع من يريد تسوية حساب مع خصم له أن يرسل إليه من يقضي عليه لقاء حفنة من الدولارات، فلما ظهر أبو أركان في شارع يقيم فيه رجل مدين لأبي أركان بمبلغ من المال، كان ذلك تحذيرا كافيا ليسارع الرجل إلى سداد ما عليه من مال في التو والحال.
–