أنقرة (زمان التركية) – حرض الرئيس التركي، رجب أردوغان، هيئة القضاة ومدعي العموم، ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كليجدار أوغلو، على خلفية اعتراضه على قرار بالتحقيق مع هيئة محكمة أصدرت أحكاما ببراءة المتهمين في قضية أحداث جيزي التي يصفها أردوغان بالانقلاب.
وكان كليجدار أوغلو قد وصف هيئة القضاة ومدعي العموم التركية بـ”الهيئة الدنيئة للقضاة ومدعي العموم” على خلفية بدئها تحريات وتحقيقات ضد هيئة المحكمة التي أصدرت في فبراير/ شباط الماضي قرارا بتبرئة رجل الأعمال والناشط الحقوقي عثمان كافالا والمتهمين في قضية أحداث حديقة جيزي عام 2013.
وفي حديثه مع صحيفة (يني شفق) علق الرئيس أردوغان على تصريحات كليجدار أوغلو قائلا: “بالتأكيد سيتعامل معك القضاء وهيئة القضاة ومدعي العموم بما يلزم عندما تستخدم مثل هذه التشبيهات. أرى أنهم تأخروا حتى في فعل هذا. وفقا لبند الدستور الخاص بالقضاة لا يمكنك حتى التلميح لهم بسوء دع عنك إهانتهم. هو تجاوز التلميح وأهانهم. هناك أمور كتيرة لا بد من ذكرها لكنني لا أريد التحدث كثيرا عن هذا الشخص”.
وصدر الشهر الماضي حكم ببراءة عثمان كافالا من جميع التهم المنسوبة إليه في قضية احتجاجات حديقة جيزي عام 2013، بما في ذلك تهمة محاولة الإطاحة بالحكومة، وأمرت المحكمة بإطلاق سراحه من السجن.
لكن السلطات التركية أصدرت حينها مذكرة توقيف بحق عثمان كافالا بتهمة مرتبطة بمحاولة الانقلاب في تركيا عام 2016، منعته من مغادرة السجن بعد عامين ونصف من الاعتقال، ثم أصدرت هذا الأسبوع مذكرة توقيف أخرى بحقه في تهمة جديدة هي “التجسس السياسي والعسكري”.
وأعيد توقيف كافالا بعدما قال أردوغان في تصريحات حملت تخوينا لهيئة المحكمة: “هناك مناورة للإفراج عنه” فيما اعتبره كثيرون دليلا على سيطرة الرئاسة على قرارات القضاء.
ولم يتوقف الأمر عند اعتقال كافالا مجددا، إذ تقرر التحقيق مع هيئة المحكمة التي أصدرت قرارا ببرائته، حيث وافق مجلس القضاة والمدعين العموميين على تكليف محقق لدراسة الإجراء الذي أدى إلى تبرئة متهمي قضية “جيزي بارك”، بعدما أبدى أردوغان انزعاجه.
ويُتهم الرئيس التركي رجب أردوغان بتسييس القضاء في بلاده خلال السنوات الأخيرة على نطاق واسع، واستغلاله في الانتقام من معارضيه وزيادة نفوذه.
وقال أردوغان الشهر الماضي خلال اجتماع للكتلة البرلمانية لحزبه العدالة والتنمية، إن أحداث “جيزي بارك” في عام 2013 ليست احتجاجات عادية وإنما كانت تستهدف الإطاحة بالحكومة التي كان على رأسها، معتبرا أنه “حاولوا أمس الإفراج عنهم (عثمان كافالا) من خلال مناورة”.
وشهدت تركيا حملة قمع أمني عنيفة منذ انقلاب عام 2016، حيث اعتقل وفصل الآلاف من المواطنين بتهمة المشاركة في الانقلاب، كما فر الكثيرون إلى خارج تركيا هربا من الملاحقات الأمنية، فيما تعتبر تركيا أكبر بلد سجنا للصحفيين على مستوى العالم، وشهد الادعاء العام والقضاء عمليات فصل تعسفية كبيرة، وتم تعيين عدد كبير من الموالين لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويستخدم أردوغان دائما سلاح الدعاوى القضائية ضد منافسه الشرس زعيم المعارضة، ومنذ عام 2011 بلغ مجموع قضايا التعويضات التي رفعها الرئيس التركي رجب أردوغان، ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، كليجدار أوغلو، 36 قضية تعويض، نظر القضاء منها 21 دعوى قضائية تم الحكم في 18 منها لصالح كليجيدار أوغلو.
وخلال زيارته تركيا مؤخرًا أكد وفد البرلمان الأوروبي أن هناك أزمة خطيرة تتعلق بسيادة القانون في تركيا، مستشهدًا بواقعة إعادة اعتقال رجل الأعمال والناشط عثمان كافالا بعد الإفراج عنه، داعيا الحكومة التركية لإطلاق سراح كافالا، والقيادي الكردي المعتقل منذ ثلاث سنوات صلاح الدين دميرتاش، وإزالة القيود والعوائق أمام تحقيق سيادة القانون.
الوفد الأوروبي انتقد أيضا عزل رؤساء البلديات الأكراد المنتخبين وتعيين وصاة بدلًا منهم، مؤكدين انتقادهم عزل الرؤساء المنتخبين دون أي أدلة ضدهم، وأكد الوفد على مخاوفه حول مدى “استقلالية القضاء” في تركيا، منتقدين عدم تطبيق قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية.
–