إسطنبول (زمان التركية) – أصبح الصحفيون في تركيا هدف السلطة السياسية مجددا، وهذه المرة بعد تناول سقوط جنود من القوات التركية في إدلب وطرابلس.
الصحفي التركي المعروف بعلاقاته الوطيدة مع حكومة حزب العدالة والتنمية زعم أن السلطات الأمنية ستعتقل الكاتب الصحفي الشهير سونار يالجين الذي يصنّف ضمن ما يسمى في تركيا بـ”الأوراسيين الجدد”.
السلطات التركية فتحت تحقيقات بحق 25 صحفيا على الأقل، خلال الأسبوع الأخير، مع حظر الوصول إلى موقع إخباري، ووضع قيود على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إصدار مذكرات اعتقال في حق 4 صحفيين.
وبعد تناول خبر في ثلاث صحف عن عودة جثمان ضابط استخبارات تركي مقتول على الأراضي الليبية، قررت السلطات حبس كل من الكاتب الصحافي في جريدة (سوزوجو) مراد أغيرال بعد عدة أيام من الإفراج المشروط عنه، وكذلك رئيس تحرير موقع أودا تي في (OdaTV) الإخباري باريش بهليفان ومدير التحرير بالموقع باريش ترك أوغلو، ورئيس تحرير صحيفة “يني ياشام” محمد فرهاد جليك، ومدير الأخبار آيدين كاسر.
وكانت السلطات التركية أصدرت في هذا الإطار قرارًا بمنع الوصول إلى موقع أودا تي في (OdaTv).
وكشف الصحفيون أن العقيد السابق بالجيش التركي أوكان ألتناي Okan Altınay’ın الذي تقاعد بعد انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 قتل في ميناء طرابلس وتم دفنه في مسقط رأسه في ظل تعتيم كبير.
يأتي ذلك رغم اعتراف الرئيس التركي رجب أردوغان، الشهر الماضي بسقوط عدد من الجنود الأتراك في ليبيا، ما يؤكد التقارير الصحفية التي تحدثت عن وفاة عسكريين أتراك ودفنهم سرا. وأمس قال أردوغان إن 59 جنديا تركيا قتلوا في إدلب منذ إطلاق عملية “درع الربيع” في 27 فبراير/ شباط الماضي.
وفي غضون ذلك، ساق أرصوي دادا، الكاتب الصحافي في صحيفة “ستار” الموالية لحكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس رجب طيب أردوغان ادعاء جديدًا يدل على أن اعتقالات الصحفيين لن تقتصر على المعتقلين الحاليين.
وقال دادا: “الكاتب الصحفي سونار يالجين -بموقع أودا تي في- هو الآخر سيتم اعتقاله. لا أقول ذلك اعتمادًا على معلوماتي حول وجود تحقيقات مفتوحة بحقه ولا أدعو النواب العامين إلى التحقيق معه، لكن الأمارات التي تلوح في الأفق تشير إلى هذا”.
وحاول دادا شرح الموضوع من خلال مثال: “أمامنا جسد المقتول، ويقف بجانبه قاتله، تسقط الدماء من سكينه. كل من يرى هذا المشهد يعرف أنه الشرطي يأتي بعد قليل لاعتقال القاتل. وهذا ليس من قبيل التنبؤ بما سيقع وليس دعوة النواب العامين لاعتقال القاتل. زملائي يسألونني: من هو القادم؟ وأنا أقول لهم: هو سونار يالجين”.
يذكر أن سونار يالجين كاتب وباحث معروف بكتبه ومؤلفاته ورواياته المتعلقة بتاريخ تركيا الحديث التي أصبحت ملهمة لعديد من المسلسلات السياسية التركية.
وقد اتهم الكاتب الموالي للحكومة أرصوي دادا، زميله سونار يالجين وموقع أودا تيفي الذي يكتب فيه، بإعداد أخبار لحساب الدول الأجنبية من أجل توجيه الرأي العام وتشويه الحقائق.
وتشهد تركيا كل يوم عمليات أمنية موجهة للصحفيين منذ أن خرجت الحكومة عن دائرة الدستور والقانون بالتزامن مع ظهور فضائح الفساد والرشوة الكبيرة في عام 2013 ومؤامرة الانقلاب الفاشل في عام 2016.
من جهته طالب مجلس أوروبا الحكومة التركية بتقديم قائمة تفصيلية ومعلومات إحصائية حول الدعاوى القضائية المرفوعة في إطار حرية التعبير وكذلك الأحكام الصادرة في هذا الصدد.
لجنة وزراء مجلس أوروبا طالبت تركيا باعتبارها عضوا في المجلس، بإعادة النظر في المادة 301 من قانون العقوبات، التي تنظم حرية التعبير، بشكل عاجل، في ضوء معايير القانون العالمية.
وأكدت لجنة وزراء مجلس أوروبا أن مدعي العموم والقضاة في تركيا يواصلون تطبيق قانون العقوبات دون الأخذ بنظر الاعتبار مبدأ حرية التفكير والتعبير.
ووفق تقرير لجنة حماية الصحفيين الأخير يبلغ عدد الصحفيين المعتقلين في تركيا حاليًا 68 صحفياً كثاني أكثر دولة سجنا للصحفين في العالم بعد الصين.
نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، والمتحدث باسم الحزب، فائق أوزتراك، انتقد اعتقال الصحافيين بسبب عملهم، مؤكدًا أن منع تداول الأخبار هو أهم وأكبر مؤشر على قمع الصحافة، خاصة وأن الموضوع المذكور أصبح علنيا بعد الكشف عنه أمام البرلمان، على حد تعبيره.
وقال أوزتراك: “هذه الإجراءات الأخيرة تكتسب زخما مع الوقت. من غير الممكن في دولة ديمقراطية أن يقوم نظامها بالقمع والحظر. ونقول لهم، إن لم تستطيعوا الإدارة، اتركوها. الإجراءات المتخذة في حق أودا تي في لا يمكن الموافقة عليها”.
–