اسطنبول (رويترز- زمان عربي) – بدأت اليوم الثلاثاء محاكمة 35 من رابطة مشجعي فريق بيشكتاش التركي لكرة القدم المعروفة باسم” تشارشي” بتهمة محاولة القيام بانقلاب خلال مظاهرات حاشدة نظمت العام الماضي في ميدان تقسيم بوسط اسطنبول وتعرف باسم” أحداث جيزي بارك” . وهي قضية تقول جماعات المعارضة وأخرى مدافعة عن حقوق الانسان انها تجسد انتهاك الحكومة للنظام القضائي بقصد الثأر.
وتأتي هذه المحاكمة بعد 48 ساعة فقط من حملة اعتقالات ” الأحد الأسود” التي شكلت انقلابا على الديمقراطية والصحافة الحرة في تركيا واستهدفت قيادات صحفية بارزة في مقدمتهم رئيس تحرير صحيفة” زمان أكرم دومانلي ومدير مجموعة ” سامان يولو” الإعلامية هدايت كاراجا ومجموعة من كتاب السيناريو ورجال الأمن بالتهمة نفسها وهي التخطيط للانقلاب على الحكومة.
ويطالب الادعاء بالسجن المؤبد لكل المتهمين وهم من مشجعي فريق بشيكتاش لكرة القدم في اسطنبول ومتهمون بالمشاركة في تنظيم احتجاجات جيزي بارك التي اندلعت في ميدان تقسيم في اسطنبول في مايو/ ايار عام 2013 احتجاجا على قطع الأشجار في المتنزه التاريخي لإقامة مركز تجاري وتحولت الى تحد كبير لرئيس الوزراء حين ذاك رجب طيب اردوغان، الذي أصبح فيما بعد رئيسا للجمهورية.
وتوعد اردوغان الذي فاز بالرئاسة في اغسطس اب بملاحقة “الخونة” الذين يقفون وراء الاحتجاجات وفضيحة الفساد والرشوة التي ظهرت على السطح بعد ستة اشهر من هذه الاحتجاجات في 17 ديسمبر/ كانون الماضي ويقول ان الاحتجاجات والفضيحة هما محاولة للاطاحة به.
وبدأت المحاكمة بعد يومين من تعرض تركيا لانتقادات دولية بعد ان احتجزت الشرطة شخصيات اعلامية بارزة فيما قال اردوغان انه رد على “عمليات قذرة” يقوم بها خصومه السياسيون في إشارة إلى “حركة الخدمة” التي تستلهم فكر الداعية محمد فتح الله جولن الذي عرف بتقديم الدعم لحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان عندما كان يتبنى النهج الديمقراطي قبل استفتاء 2010 والانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2011 والتي من بعدهما تحول مسار الحزب باتجاه الاستبداد والديكتاتورية.
ووجهت لائحة الاتهام الى مشجعي كرة القدم تهمة السعي الى احتلال مكتب اردوغان في اسطنبول القريب من استاد بشيكتاش “لخلق مظهر بأن هناك سلطة ضعيفة ظهرت في البلاد” وجلب وسائل اعلام أجنبية الى مناطق الاحتجاج.
وذكرت لائحة الاتهام: “لقد حاولوا خلق صورة تستحضر تغيير حكومات في بعض دول الشرق الاوسط التي أطلق عليها (الربيع العربي) واستهدفت الاطاحة بحكومة شكلت بطريقة قانونية للجمهورية التركية باستخدام وسائل غير مشروعة.”
ولعبت مجموعة من مشجعي بشيكتاش (تشارشي) دورا بارزا في الاحتجاجات التي جذبت حشودا متنوعة من مئات الالاف في أنحاء تركيا.
وتثير الاتهامات الموجهة لمشجعى بيشكتاش السخرية والانتقادات. وقال جم ياكيسكان وسط ضحك وتصفيق في قاعة المحكمة اليوم: “لو كانت لدينا سلطة القيام بانقلاب لكنا جعلنا فريق بشيكتاش يصبح الحائز على بطولة الدوري التركي لكرة القدم.”
وكانت الاضطرابات بدأت كاحتجاجات سلمية ضد هدم حديقة جيزي التي تقع في ميدان تقسيم لكنها انتشرت في انحاء البلاد بعد حملة وحشية شنتها الشرطة. وأقام ممثلو الادعاء منذ ذلك الحين سلسلة من القضايا ضد المشاركين في تلك الاحتجاجات.
وقال أوموت أوران عضو البرلمان عن اسطنبول ويمثل حزب الشعب الجمهوري الذي مزق اعضاؤه نسخة من لائحة الاتهام خارج المحكمة اليوم: “ظهر الوجه الحقيقي لتشكيل حكومة حزب العدالة والتنمية.”
وتجمع الشباب من رابطة مشجعي بيشكتاش (تشارشي) أمام القصر العدلي في تشاغلايان في إسطنبول اليوم دعما ومساندة لزملائهم وتضامن معهم عدد من نواب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية.
وأثارت الممارسات الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة العدالة والتنمية قلقا واسعا في أنحاء العالم ولاسيما في الاتحاد الأوروبي، الذي تسعى تركيا للحصول على عضويته، على الديمقراطية والحريات في تركيا، مع ظهور توجه صريح من أردوغان لقمع جميع الأصوات المعارضة له وإسكات كل صوت مخالف توجه بالحملة على المؤسسات الصحفية والإعلامية والتي وصفت في مختلف الأوساط بأنها انقلاب على الديمقراطية وحرية الصحافة في البلد الذي يعاني قمعا شديدا للحريات في السنوات الأخيرة بعد أن سبق وقدم نفسه كنموذج للتعايش بين الديمقراطية والقيم الإسلامية من قبل.