بقلم: ماهر المهدي
(زمان التركية)- لا يوجد من الناس من لا يختلف في يوم من الأيام، فهذه طبيعة الناس في كل مكان، وهى أيضا طبيعة الشعوب كما خلقها الله سبحانه تعالى. بل أن الحياة تقوم على الاختلاف الذي هو آية من آيات الله سبحانه تعالى، في الشكل واللون واللغة والطباع والآمال والقدرات.
وكل اختلاف حميد مطلوب، ليكون هناك متسعًا لكافة الأذواق ومتباين التطلعات داخل الأسرة الواحدة وداخل المجتمع الواحد وعلى مستوى العالم.
ومن الإنجاز أيضا أن يكون الإنسان مختلفا في فكره، وفيما يقدمه من عمل، وفيما يطرحه من حلول أو رؤى عند الحاجة. وكل تماثل قد لا يعكس سوى الحاجة إلى مزيد من العمل ومن الابتكار والاختلاف المولد للفرص والطارد للملل.
إضافة إلى ما تقدم، فليس لأحد أن يصادر آراء الناس جميعًا. وقد لا يوجد من يستطيع أن يجبل الناس كلهم على تبني رأيه والعمل به، فضلا عن حاجة كل ذي رأي إلى من ينظر في رأيه ويقومه كليا أو جزئيا أو يؤيده – عن قناعة ووفقا لحيثياته الشخصية – ليكتسب الراب قوة وثباتا لدى شعب المتلقين للرأي.
الاختلاف إذا قد لا يضر في ذاته، ولكن الضرر قد يأتي على ايدي من يسارع إلى الخروج بما يثير كراهية الناس لمن اختلفوا معهم، ويبذل طاقته في تسخير القصص والاحاجي لتطاوعه الناس، ولتزيد مشاعر النفور والتباعد ويزين للناس الخير في الفرقة والبعد والابتعاد والتشرذم ويجسم الكراهية هدفا محبوبا وهو ظالم لنفسه. وعندما يفيق الجاهلون المروجون للكراهية تكون الأضرار قد انتشرت غواص في قلوب المجتمعات وإلى أطرافها وأعملت فيها مخالبها بما فيها من سوء وسموم.
الأضرار المحتملة كثيرة متنوعة للأسف. فهناك أضرار مباشرة وغير مباشرة على مساعي المجتمعات إلى التنمية الاقتصادية المستدامة وإلى التنمية التجارية وإلى حسن استغلال موارد الدول وإلى تعظيم السياحة كمورد للدخل القومي وإلى الحد من مقومات العنف وإلى توثيق العلاقات البينية وإلى وأد بذور الإرهاب في منابتها .
إن المجتمعات تتكاثر بشكل سريع، في حين أن الموارد لا تنمو بالسرعة المماثلة، مما يشق على أناس كثيرين في دول كثيرة ويجعل حياتهم أقسى وأردأ مستوى وهم لا يجدون من العمل أو من الوقت ما يعينهم على حياة. ولابد للجميع – في أجواء الخلاف خاصة – أن يتوخى اللطف ما استطاع، إذا ما تناول شأنا مما يمس روابط الشعوب، وألا يتبرع بالسىء من الخبرات التي تكدر الأجواء وتعيق الرؤيا وتؤسس لأحبال طويلة من المنغصات الاجتماعية والاقتصادية غير المطلوبة والتي قد يصعب تصحيحها أو محوها وقطعها سريعا، مثلما نبتت سريعا.
–