أنقرة (زمان التركية) – في تناقض عجيب؛ طرح الرئيس التركي رجب أردوغان فكرة استخراج البترول من شمال سوريا لتمويل إنشاء مشروع “المنطقة الآمنة” من عائداته، بعدما كان يؤكد أن تركيا الوحيدة التي لم تفكر في الاستفادة من النفط السوري.
وخلال مشاركته في المنتدى العالمي الأول للاجئين في جنيف، قال أردوغان أمس الثلاثاء، إن بلاده تضم نحو 5 ملايين لاجئ من بينهم 3.7 ملايين لاجئ سوري، مشيرًا إلى أن المساعدات المالية التي تعهد بها الاتحاد الأوروبي لصالح اللاجئين السوريين لم تصله حتى الآن.
وكان أردوغان هدد بفتح الحدود مع أوروبا أمام اللاجئين إذا لم يوفي الاتحاد الأوروبي بتعهداته المالية، كما طالب الدول الأوروبية بتمويل مشروع “المنطقة الآمنة” في شمال سوريا التي يخطط لنقل مليوني لاجئ إليها.
وفي استجابة لتهديدات أردوغان، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيقدم المساعدات التي تعهد بها لدعم اللاجئين السوريين في تركيا والمقدرة بـ 6 مليار يورو، موضحا أن الدفعة الأولى ستبلغ 2.7 مليار يورو إلى تركيا من إجمالي قيمة.
لكن الرئيس أردوغان، قدم مقترحا آخر يضمن سرعة إنشائه مشروع “المنطقة الأمنة” وقال: “تعالوا لنستخرج البترول الموجود في هذه الآبار التي يسيطر عليها الإرهابيون في سوريا. ونسكن هؤلاء اللاجئين في المساكن والمدارس التي سنقوم بإنشائها” وقصد أردوغان بالإرهابيين المقاتلين الأكراد من وحدات حماية الشعب الكردية.
يأتي ذلك بعد أن كرر أردوغان في الأشهر الماضية الحديث عن أن بلاده الوحيدة التي لم تفكر في الانتفاع من البترول السوري وأن كل ما يهمها حياة الإنسان، وذكر أن تركيا رفضت جميع العروض التي تقترح عليها تقاسم النفط السوري.
وكانت تركيا نفذت في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول عملية عسكرية أطلقت عليها اسم “نبع السلام” لتنفيذ مشروع المنطقة الآمنة في شمال سوري الذي يقول أردوغان أنه سيسكن به 2 مليون لاجئ سوري، بينما هناك هدف آخر استراتيجي من ورائه وهو تحجيم النفوذ الكردي قي المنطقة، وإيجاد موطئ قدم أعمق لتركيا في الشمال السوري.
زعم أردوغان خلال مشاركته في منتدى اللاجئين أن نقص المساعدات الدولية لدعم اللاجئين دفع تركيا إلى إطلاق عمليات عسكرية في سوريا لبناء “منطقة آمنة وتطهيرها”من المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة “إرهابيين”.
أردوغان ذكر في كلمته أن المجتمع الدولي يواجه أزمة هجرة غير مسبوقة، قائلًا: “الناس لا تلجأ إلى الهجرة من أجل الحصول على عمل أفضل أو معايير حياة أفضل، وإنما من أجل إشباع بطونهم. ولكن هذه الرحلة التي تركض وراء الأمل تنتهي بالموت في أغلب الأوقات. جثامين الأطفال التي تصل إلى الشواطئ تظهر أنه لم يعد بالإمكان غض النظر عن الأزمة أكثر من ذلك”.
وأوضح أردوغان أن حكومة بلاده وفرت مدارس لنحو 685 ألف من بين نحو مليون طفل سوري، فضلًا عن تقديم منح دراسية ودورات لغة تركية لنحو 21 ألف و300 لاجئ سوري، مشيرًا إلى أن 516 ألف رضيع سوري ولدوا حديثًا خلال السنوات الثماني الأخيرة.
أردوغان زعم أن بلاده أنفقت أكثر من 40 مليار دولار لصالح اللاجئين، قائلًا: “الاتحاد الأوروبي وعدنا بتقديم 6 مليارات يورو على دفعتين، دعمًا للاجئين، ولكن لم يصلنا منها إلا 2 مليار يورو فقط، لصالح منظمات المجتمع المدني، ضمن الدفعة الأولى. أما الدفعة الثانية فلم يصلنا منها شيء. يقولون لقد تم تخصيص 450 مليون يورو منها، ولكن لم يصلنا شيء”.
أردوغان علق على عدم التجاوب مع مقترحه، قائلا “لا أحد يرد على اقتراحنا؛ لأنهم يريدون هذا البترول. من المخزي التفكير في الأرباح وممارسة السياسة، بينما هناك من يعيشون حياة مأساوية”.
أردوغان طرح خلال مشاركته في المنتدى الأول للاجئين في جنيف، إنشاء مساكن للاجئين السوريين في المنطقة الآمنة المزمع تأسيسها في الشمال السوري لنقل السوريين إليها، وأن تتولي الإنشائات هيئة الإسكان التركية.
تناقضات أردوغان
وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي قال أردوغان خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر أمناء المظالم الدولي المنعقد في إسطنبول: “البعض يتقاسم النفط (السوري)، وعرضوا ذلك علينا أيضا، فقلنا لهم نحن همنا الإنسان وليس النفط”.
وفي 29 أكتوبر/ تشرين قال أردوغان في خطاب بالمجمع الرئاسي في أنقرة “باستثناء تركيا، كل من يدعي أن همه في المسألة السورية حقوق الإنسان، وأرواح الأبرياء، ومستقبل الشعب السوري، سأقولها بكل صراحة إنه يكذب. إن الهدف الأساسي لكل المهتمين بالشأن السوري – باستثنائنا – هو التحكم بالموارد النفطية”
يذكر أن تركيا تستغل من وراء استضافتها أكبر عدد من اللاجئين السوريين حول العالم، الدول الأوروبية وتبتز الاتحاد الأوروبي على الدوام بورقة اللاجئين، وتجبره على التغاضي عن ممارساتها الغير شرعية خاصة في البحر المتوسط.
_