بعد عام من أحداث” جيزي” ..معرض”قلب
اسطنبول: تقسيم” يروي تاريخ الميدان
تصدرت حديقة “جيزي” الواقعة في ميدان تقسيم، بوسط مدينة اسطنبول، واجهة اهتمام الإعلامي العالمي ، لتدخل تاريخ تركيا من بوابة الاحتجاجات ضد محاولة حكومة رجب طيب أردوغان تغيير بعض معالمها في إطار مخطط لتطوير الميدان، فيما عرف بأحداث” جيزي بارك” التي وقعت في مثل هذه الأيام من العام الماضي.
هذه الأحداث، التي شهدت عنفا بين الشرطة والمتظاهرين وسقط فيها قتلى وجرحى، كانت واحدا من أهم التحولات الذهنية لدى الأتراك ، وكذلك لدى مرتادي مدينة اسطنبول ومن يعرفونها جيدا ، ومن يستهويهم التجوال في ميدان تقسيم .
التحولات التي مر بها ميدان تقسيم، الذي يعد قلب اسطنبول، هي محور معرض دشنه معهد الأبحاث باسطنبول، تحت عنوان: “قلب اسطنبول: تقسيم” ،في ميدان تقسيم ، من المقرر أن يفتح أبوابه للزائرين حتى الحادي عشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل،
يضم المعرض نقوشا لرحالة الشرق المشهور “ملينج”، وصورا تعود لمنتصف القرن الماضي، ورصدا لمراحل تحول مباني مدينة اسطنبول من المنازل الخشبيّة إلى الخرسانيّة.
ويشرح المعرض معنى إسم ساحة ” تقسيم”؛ حيث كان بالساحة مكان لتقسيم وتوزيع المياه على منطقة” بي أوغلو” وجوارها، أي أن اسم الساحة، أو الميدان الحالي، ينسب إلى المكان الذي كانت تقسم فيه المياه.
وفي هذا المكان كان توجد منازل صغيرة، مسقوفة بالخشب العادي، كانت تستخدم كأماكن للاستجمام، وقد بُنيت على المنحدرات المسطحة التي تطل على مضيق البوسفور في مطلع القرن التاسع عشر، وكان بجوارها مقاه وآرائك.
ولاتزال أماكن توزيع وتقسيم المياه بخط الأنابيب الذي تم جلبه من شمال المدينة موجودة حتى الآن، وهذه الأماكن كانت تمد بالماء قسم “بره” بالمدينة المنتعش بالتجارة والفن.
وفي أحد جوانب الساحة أيضًا كانت هناك “ثكنة للمدفعيّة”، أعاد السلطان محمود الثاني تجديدها في عام 1812، وكانت بمثابة مُكمل عسكري لثكنة السليميّة الموجودة على الضفة المقابلة.
ومع حلول عام 1812 اكتسبت ساحة تقسيم وظيفة متعددة الأغراض، فإلى جانب كونها مدرسة عسكريّة، شهدت احتفالات الأعياد والاحتفالات الرسميّة، وأصبحت أيضا ساحة للاحتجاجات ، آخرها كان أحداث ” جيزي بارك” العام الماضي.
وشهدت ساحة تقسيم أحداثًا مهمة؛ من استقبالات ومظاهرات، منها قيام” جيش الحركة” الذي وفد من سلانيك في أعمال شغب 31 مارس، بتفجير مبنى لحشد غفير من المتمردين القابعين في ثكناتهم لتفريقهم من الساحة.
وبعد الحرب العالمية الأولى، حوّل الجيش الفرنسي المكان الفارغ الموجود بجوار الثكنة العسكرية، التي تؤوى الجيش، إلى ساحة تعليميّة للجند الفرنسيين، وعندما استرد الأتراك المدينة مر الجيش من ممرات كبيرة تم تأسيسها في الميدان لإقامة الاحتفالات المهمة في الأعياد القوميّة.
وقدّم المعمار الفرنسي” بروست”، الذي تمت دعوته إلى المدينة في أولى مراحل تأسيس الجمهوريّة التركيّة، بعض المشاريع الرامية إلى تطوير هيكل مدينة اسطنبول، وكان من ضمن تلك المشاريع ، إقامة الميادين كرمز للنظام الحاكم الجديد، وتم في ذلك الفترة تشييد نصب تذكاري للجمهورية على رأس أحد زوايا الميدان.
وقام النحات الإيطالي جيولو مونتاري بتشييد آثار معماريّة عديدة في اسطنبول، وأنشأ المعمار” برفتشي” مساكن بدلًا عن الأماكن الفارغة ومخازن الثكنات المتبقية من منطقة “تعليمخانه”.
وفي عام 1929 تم تدشين ميدان تقسيم بحفل صاخب، وأضحى منذ ذلك اليوم مقرًا لإقامة الاحتفالات والمناسبات الرسميّة والاحتجاجات أيضا.