تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (زمان التركية) – “نشعر بالاختناق.. لا نستطيع التعبير عن أنفسنا.. نخشى حتى أن ننشر أي مشاركة عبر الإعلام الاجتماعي أو نقوم بإعادة نشر المشاركات.. نخشى استبعادنا بعد مقابلات العمل حتى إن نجحنا في امتحان التوظيف.. بل نخاف من عدم الحصول على أي عمل حتى في القطاع الخاص بسبب التصنيفات الأيديولوجية.. قلقون من أن ننضمّ إلى جيش ضحايا المحسوبية وغياب المساواة في الفرص رغم أهليتنا وكفاءتنا..”
هذه العبارات نبذة من الإجابة التي رد بها مجموعة من الشباب الجامعي في تركيا على سؤالٍ طرحه عليهم وزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان مفادُه: ما هي أكبر مشكلة تعانون منها؟
لا شك أن هذه الإجابات الصادرة عن شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و25، حسب ما أفاد باباجان، أفضل تعبير عن القمع الذي يمارسه الرئيس أردوغان مع حلفائه على تركيا كلها.
قبل أسبوع خرج علي باباجان على شاشة “خبر ترك” ليرد على أسئلة الكاتب والإعلامي المعروف فاتح آلتايلي حول الحزب الذي سيؤسسه ورؤيته المستقبلية لتركيا، وملامحه، ووعوده والاختلاف بينه وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي انفصل عنه بسبب “ابتعاده عن معايير ضبط مصنعه”، على حد تعبير باباجان. ومن الممكن القول إن تصريحاته على شاشة خبر ترك بمثابة “مانيفستو” الحزب الجديد الذي سيؤسسه علي باباجان مع فريقه ويكشف عن معالم الطريق الذي سيسير عليه.
في البداية حاول باباجان سرد الأسباب التي دفعته ومجموعة من زملائه الآخرين إلى الاستقالة من حزبهم القديم العدالة والتنمية، قائلاً: “في السنوات الأولى كنا نتحدث دائمًا عن الديمقراطية والحقوق والحريات، لكن اعتبارًا من عام 2011 – 2012 بدأت المسافة بين هذه المبادئ العالمية وسياسات حزبنا تتسع رويدًا رويدًا، إلى أن وصل الأمر إلى هذه الأيام التي نعيشها جميعًا”.
ورد باباجان على سؤال: “هل بذلتم جهودًا لإصلاح حزبمكم عندما لاحظتم انحرافه عن المسار الديمقراطي؟” بالقول: “لقد ناضلنا بجد مع زملائي الآخرين من أجل عودة حزبنا إلى مساره الأول، والتمسك مجددًا بالمعايير والمبادئ العالمية التي انطلقنا منها، لكننا فشلنا في تحقيق هذا الهدف. واستمر كفاحنا الداخلي حتى عام 2019. فضّلنا البقاء تحت مظلة حزبنا طيلة الفترة الماضية خشية مزيد من الإضرار ببلادنا”.
تركيا دخلت نفقًا مظلمًا
وأفاد باباجان أن تركيا دخلت نفقًا مظلمًا، وأرجع سبب المشاكل التي تعاني منها البلاد في ظل حكم أردوغان إلى غياب الشفافية، والقابليةِ للمحاسبة، وآلية الشورى، والنقد الذاتي والديمقراطية داخل الحزب، والإدارة المحلية، بالإضافة إلى تعرض مؤسسات الدولة للضعف، على عكس الفترة الأولى التي كانت الآليات المعنية تناقش كل الأمور، ومن ثم تتخذ القرارات، ثم تابع: “ولما أدركنا استحالة تسوية المشاكل بعقلية الإدارة الراهنة اضطررنا إلى اتخاذ قرار بالاستقالة وتدشين ومشروع جديد من أجل الإسهام في خروج تركيا من هذا النفق المظلم”.
النظام الرئاسي لم يخضع للنقاش
وكشف باباجان المستقيل من العدالة والتنمية في يوليو/ تموز الماضي، عن خلفيات الاستفتاء الدستوري الذي أجري في عام 2017 وانتقلت تركيا بموجبه إلى النظام الرئاسي، منوهًا بأن النظام الجديد لم يتم نقاشه كما ينبغي، لا مِنْ قِبل البرلمان ولا من قبل الحزب الحاكم ولا من قبل المعارضة ولا من قبل الرأي العام، مردفًا بقوله: “كان حزبي (أي أردوغان) طلب مني المشاركة في الدعاية لصالح النظام الرئاسي، إلا أنني رفضت ذلك وقلت لا يمكنني أن أدافع عن هذا النظام، ولو شاركت معكم في اللقاءات الجماهيرية الدعائية لكشفت للحاضرين عن الوجه الحقيقي للنظام المراد تأسيسه ولَمَا صوّت الناس لصالحه في الاستفتاء”، ما يدل على أن بدايات افتراقه من أردوغان فكريًّا يعود إلى عام 2017 على أقل تقدير.
وواصل باباجان أن النظام الرئاسي بـ”النكهة التركية” يخضع للاختبار منذ تشريعه في عام 2017، وأشار إلى أنه رغم أن أردوغان قام بسنّ هذا النظام واعدًا للناخبين بأنه سينهي فترات التحالفات، وسيكون المفتاح السحري الذي يفتح كل الأبواب أمام تركيا والعلاجَ الناجع لجميع مشاكلها، ثم استدرك بقوله: “لكن البلاد واجهت قبل أن تمضي بضعة أشهر على تشريع النظام الرئاسي أزمة اقتصادية طاحنة. ودع عنكم إنهاء عهود التحالفات أو الحكومات الائتلافية فإن حزب العدالة والتنمية لم ينجح في سنّ هذا النظام إلا من خلال التحالف مع حزب الحركة القومية ولا يزال هذا التحالف مستمرًا بعد تشريع النظام الرئاسي”.
تطرق باباجان أيضًا إلى مستقبل حزبه الجديد الذى ذكر أنه سيعلن عنه قريبا، وقال إنه لن يسعى للتواجد في البرلمان الحالي، ما يعني أنه لن يستقطب أعضاء في البرلمان لتكوين تكتل برلماني.
رؤية مستقبلية
وحول الملف الاقتصادي المتأزم في تركيا، ذكر باباجان أنه شارك شخصيًّا في حوالي 30 اجتماعًا دوليًّا بين عامي 2017 و2018، على خلفية دعوات تلقاها من منظّميها، لافتًا إلى أن محتوى معظمها كان يدور حول قضايا ومشاكل اقتصادية تعاني منها دول العالم والحلول المحتملة لها. وأضاف: “فمثلاً حضرت اجتماعًا في الصين وتحدثت فيه عن آرائي حول النظام المالي العالمي والطرق الكفيلة بمنع حدوث أزمة اقتصادية جديدة. وفي اجتماع آخر دار حديثي حول جيوسياسية الشرق الأوسط ومستقبل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي الناتو”.
وشدد باباجان على أهمية الاطلاع على التيارات الجديدة في العالم سواء في المجال الاقتصادي أو السياسي من أجل وضع رؤية مستقبلية واضحة لتركيا، ودافع عن أنه لم يعد بمقدور حزب العدالة والتنمية الوصول إلى برّ الأمان من خلال الديناميات الداخلية الحالية بعدما رسب النظام الرئاسي في تجاوز مرحلة الاختبار المستمرة منذ 2017.
وفيما يتعلق بالرؤية المستقبلية للحزب الذي سيؤسسه مع زملائه، قال باباجان: “سنسعى إلى وضع رؤية مستقبلية واضحة المعالم تتضمن خلاصة كل التيارات والنزعات السياسية، تقوم على كواهل كادر مؤلف من أشخاص حققوا في أنفسهم معايير النزاهة والأخلاق والكفاءة المهنية بغضّ النظر عن هويتهم الدينية أو الإثنية أو المذهبية، وتقدِّم الفرد المواطن على جهاز الدولة.
دستور جديد
في حين أنه أجاب على التساؤلات الواردة حول كون الحزب الذي سيؤسسه امتدادًا لحزبه القديم العدالة والتنمية الذي كان أحد مؤسسيه، قال إن الظروف التي أخرجت حزب العدالة والتنمية في 2002 مختلفة عن الظروف الحالية التي ستولد حزبه، وفصل الأمر بعد ذلك قائلا: “لقد تأسس حزب العدالة والتنمية على خلفية انقلاب 28 فبراير 1997 الذي استهدف شريحة معينة من المجتمع وهي الشريحة المحافظة والمتدينة، والأزمة الاقتصادية في عام 2001. أما اليوم فهناك مشكلةٌ عامة تتمثل في غياب حرية التفكير والتعبير والعدالة تعاني منها جميع فئات الشعب بالإضافة إلى أزمة اقتصادية متفاقمة يومًا بعد يوم. لا يمكن حل تلك المشاكل إلا من خلال دستور جديد يحل مشكلة التفكير والتعبير لكل فئات الشعب ويحقق العدالة للجميع قبل كل شيء.. دستور يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث بدلا من جمعها في شخص واحد، ويأخذ بنظر الاعتبار المواطنين كافة بدلا من المؤيدين للحكومة فقط”.
لن أكون زعيمًا
ومن اللافت أن باباجان شدد على أن أعضاء حزبه “لن يكونوا ديمقراطيين مؤقَّتِين مثل الآخرين”، في إشارة إلى نزول رفيق دربه أردوغان من قطار الديمقراطية بعدما قضى حاجته منها وتمكن من السلطة في عام 2011 حيث فاز بالانتخابات العامة وأسس الحكومة للمرة الثالثة دون انقطاع.
وحول الفرق الجوهري بين حزب العدالة والتنمية والحزب الجديد الذي يعتزم تأسيسه قال: “نسعى إلى تشكيل حزب يقوده كادر لا شخص واحد أو أشخاص معينون دون آخرين.. فمثلاً لن أكون أنا زعيمًا أو قائدًا في الحزب وإنما “سأكون منظّمًا” يقوم بتنسيق جهود هذا الكادر الذي سيتشكل من الخبراء والمتخصصين المخلصين من أبناء الوطن من كل الاتجاهات الفكرية. مثلاً مع أننا نعتزم الإعلان عن الهوية الاعتبارية للحزب قبل نهاية العام إلا أنني لم أقم حتى الآن بتعيين أي رئيس شعبة، ولم أتعهد لأي من الزملاء الذين يشاركون في اجتماعاتنا الاستشارية بأي منصب داخل الحزب، وذلك لأن الكادر كاملا من سيبحث وسيقرر كل شيء وليس أنا فقط، وإلا لا مناص من أن تؤدي هذه الجهود إلى ظهور أشكال جديدة من الرجل الأوحد”.
نرفض سياسة التخويف
ثم اعترف باباجان بتصاعد التطرف والتشدد في العالم كله وليس في تركيا فقط، تزامنًا مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام 2008، ثم حاول إزاحة الستار عن أسباب ذلك، قائلاً: “إن السياسيين إذا فشلوا في تقديم مشاريع جديدة عن المستقبل يحاولون البقاء في السلطة أو الحصول على التأييد الشعبي عن طريق سياسة التخويف وصنع استقطاب مجتمعي”. واستشهد على ذلك بمبادرة بعض السياسيين الأمريكيين إلى تخويف الناخبين بالمهاجرين المكسيكيين، واليمينيين المتطرفين في دول الاتحاد الأوروبي بفوبيا الأتراك والمسلمين عمومًا، قائلين: ادعمونا في الانتخابات وإلا ستواجهون الأسوأ من ذلك!
باباجان وصف سياسة التخويف بـ”الكارثة” التي تعوق انطلاق أي دولة نحو آفاق المستقبل وتؤدي إلى انغلاقها على العالم والمجتمع الدولي وانطوائها على ذاتها. ثم تعرض للواقع التركي في هذا الصدد قائلا: “أما تركيا فقد استطاعت أن تخرج من الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008 – 2009 بسهولة دون ضرر يذكر، بفضل النهج العام الذي كنا نعتمده في ذلك الوقت، والتدابير الاقتصادية التي اتخذتها وزارتي في ذلك الوقت، بحيث حققنا نموًّا بنسبة 10% في عام 2010، حيث كان كل العالم يعاني من الأزمة ويبحث عن مخرج”.
ثم انتقل إلى حالة الاستقطاب الحاد المسيطرة على جميع فئات الشعب بسبب سياسة التخويف ولغة العداء والكراهية التي يستخدمها أردوغان منذ 2013، مؤكدا أن تركيا في غنى عن مثل هذه السياسات؛ لأن الشعب التركي بكل طوائفه قد حقق التعايش السلمي والتسامح والحوار فعلا فيما بينهم، وإنما الساسة هم من يصطنعون الاستقطاب والعداء والكراهية من أجل خلق قوة سياسية من خلالها بعد إخفاقهم في تطوير وتقديم مشاريع جديدة.
وأردف باباجان أن تركيا بلد واعد بالمستقبل وفي غنى عن سياسة التخويف التي يلجأ إليها السياسيون في حال عجزهم عن إنتاج أشياء إيجابية، مؤكدا على ضرورة استعادة تركيا ثقتها وسمتعتها المتدهورة في الداخل والخارج وإقناع دول المنطقة مجددا بأنها تدعم الحوار والعلاقات الدبلوماسية مع جيرانها على أساس الثقة والمصالح المتبادلة. وذكر بأن تركيا كانت قادرة على التفاوض والتباحث مع جميع الدول المجاورة حتى وقت قريب، حيث لم تكن تسعى إلى تصدير النظام إليها أو تغيير الديناميات الداخلية، بل كانت تحاول فقط أن تكون مصدر إلهام أو تقدم نموذجا يحتذى به من دون أي إملاء، اعتقادا منها أن العملية الديمقراطية لا يمكن فرضها من الخارج وإنما تتم بصورة تدريجية بمشاركة القوى الداخلية في تلك الدول، وفقًا لتعبيره.
الالتزام بالقانون
وفيما يخص محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، نوه باباجان بضرورة محاكمة كل من له صلة بهذه المبادرة الغاشمة، لكنه أكد في الوقت ذاته ضرورة البقاء في الإطار القانوني والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان -كبراءة الذمة والمحاكمة العادلة – في المحاكمات الجارية بتهمة الانقلاب أو الانتماء إلى ما يسمى بمنظمة فتح الله كولن، مشيرًا إلى وجود أحكام قضائية مختلفة بل متناقضة في الحالات والقضايا المماثلة في تحقيقات الانقلاب، وأن عدم الالتزام بمعايير القانون العالمية في المعاملات القضائية يؤدي إلى ظهور مشاكل أكبر.
بعد ذلك ذكر باباجان النتائج التي أسفرت عن الأوضاع السائدة في تركيا منذ تشريع النظام الرئاسي، حيث قال: “نشاهد بحزن عميق أن معظم شبابنا يحلمون بالعيش في خارج تركيا بسبب الأوضاع الداخلية السيئة.. وقد قرأت مؤخرًا خبرا عن ارتفاع كبير جدًا في عدد الأطباء الذين يريدون العمل في بلدان أجنبية. وهذا أمر مؤسف فعلا، فبينما كان يجب علينا استقطاب مستثمرين أجانب إلى بلدنا نرى أن إنساننا لا يريد أن يعيش ويعمل في وطنه وإنما يبحث عن فرص للعيش والعمل في خارج البلاد”.
“نشعر بالاختناق”
وقال باباجان إنه يلتقي بالشباب كثيرًا للاستماع إلى آرائهم ومشاكلهم وتطلعاتهم من السياسة والسياسيين، وأضاف: “لقد اجتمعت مؤخرًا مع عشرة من الشباب الذين حققوا نجاحًا كبيرًا وتمكنوا من الدخول ضمن أول ألف طالب في تركيا نجحوا في الامتحان الجامعي. وبينما نتجاذب أطراف الحديث معهم سألتهم عن أكبر مشكلة يشكون منها فردوا علي بشكل مثير وباعث على الحزن والتفكير، حيث قالوا: نشعر بالاختناق.. لا نستطيع التعبير عن أنفسنا.. نخشى حتى أن ننشر مشاركات عبر الإعلام الاجتماعي أو نقوم بإعادة نشر المشاركات.. نخاف من التصفية عند المقابلة الشفوية وإن نجحنا في امتحان التوظيف العام.. بل نخاف من عدم الحصول على أي عمل حتى في القطاع الخاص بسبب التصنيفات الأيديولوجية.. نخاف أن ننضمّ إلى جيش ضحايا المحسوبية وغياب المساواة في الفرص رغم أهليتنا وكفاءتنا..”
حقوق الأكراد والعلويين
وفيما يخصّ نظرته إلى المشكلة الطائفية في تركيا، عزا باباجان أساس المشكلة الكردية والعلوية التي تعاني منها البلاد منذ عقود إلى غياب دستور حقيقي يضمن حقوق كل الطوائف والأثنيات ومعتقداتهم وطقوساتهم دون عائق مادي أو معنوي، حيث قال: “يجب على الدولة أن تكون ضامنة لممارسة كل إنسان حقوقه النابعة من الدستور والقوانين التي لا بد أن تكون قائمة على أساس المواطنة المتساوية.. ولا أقول يجب على الدولة أن تمنح تلك الحقوق، بل المواطنون يمتلكون هذه الحقوق ولادة وفطريّا، وليس على الدولة إلا توفير الظروف التي تضمن الحرية الكاملة في الفكر والمعتقد والسلوك مهما كان ما لم يتضمن العنف. فضلا عن ذلك فإن هذه الحقوق لا يمكن أن تكون أداة لأي مساومة سياسية”، في تلميح منه إلى جهود أردوغان الرامية إلى منح حقوق الأكراد والعلويين مقابل الحصول على دعمهم، حيث كان أردوغان يجري مفاوضات مع الطائفتين في البداية، لكن لما توجه الأكراد من دعم حزبه إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في انتخابات 2015 أطاح بطاولة مفاوضات السلام التي كان يجريها مع حزب العمال الكردستاني.
وتطرق باباجان إلى قضية الإرهاب في الإطار ذاته قائلاً: “إذا تمكنت تركيا من سنّ دستور يضمن حقوق الإنسان العالمية لكل مواطن سواء كان كردًا أو تركًا أو أرمنًا أو شركسًا فإن التنظيمات الإرهابية، من أمثال حزب العمال الكردستاني، لن تجد أرضية وشرعية لهجماتها الإرهابية، حيث إن هذه التنظيمات تنبت في حال انتشار الظلم والانتهاكات.. وهناك قضية أخرى لإنهاء الإرهاب الذي يستهدف تركيا، وهي ضرورة السعي لاستعادة ثقتنا في المنطقة وإصلاح العلاقات مع كل البلدان المجاورة والإسهام في تأمين استقرارها حتى لا تتخذ تلك التنظيمات أراضيها أو أجزاء من أراضيها تشهد فراغ السلطة قاعدة للهجوم على الأهداف التركية”.
ثم أكد أن تركيا إذا أصبحت دولةَ جميع المواطنين فإن أيًا من الطوائف لن تفكر في إنشاء دولتها القومية ولن تطالب بالانفصال من البلاد، وواصل قائلاً: “التنظيمات الإرهابية تستغل الظلم والانتهاكات التي تتعرض لها قليلاً أو كثيرًا الطوائفُ المختلفة في البلاد في ظل غياب دستور بالمواصفات المذكورة، وتحوّلها إلى نوع من الشرعية لأعمالها الإرهابية. فمثلاً روسيا لا تصنّف حزب العمال الكردستاني إرهابيا، وكذلك لا تصنف الولايات المتحدة ذراعه السورية حزب الاتحاد الديمقراطي إرهابيًّا، حيث إنهما يقدمان نفسيهما للمجتمع الدولي على أنهما يناضلان من أجل استرداد حقوق الشعب الكردي المسلوبة في كل من تركيا وسوريا. لا سبيل إلى حلّ قضية الإرهاب إلا بالاعتراف بحقوق كل من يعيش تحت مظلة هذا الوطن في الداخل، وعقد علاقات دبلوماسية سلمية مع البلدان المجاورة والدول الكبرى في الخارج”.
ولفت باباجان إلى أن تركيا يجب عيلها أن تسترد موقفها السابق في المنطقة والعالم، حيث كانت تستطيع أن تتفاوض مع جميع الدول، وتلغي تأشيرات الدخول إلى كثير من بلدان العالم، وكانت في طريقها إلى رفع الحدود الجغرافية بينها وبين دول المنطقة مثل دول الاتحاد الأوروبي.
–