واشنطن (زمان التركية) – انتقد المحلل الاقتصادي العالمي، نورييل روبيني، المعروف بتنبؤاته حول الأزمات الاقتصادية العالمية، سياسات وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق، معتبرًا أنه لا سبيل لخروج تركيا من أزمتها المالية الا بإجراء إصلاحات اقتصادية.
نورييل روبيني اشتهر من خلال تنبؤه بالأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، قبل حدوثها بعامين.
روبيني أوضح أن هناك إشارات كافية من أجل خروج تركيا من الأزمة الاقتصادية التي تواجهها، لكنه أكد في الوقت ذاته قائلًا: هناك كثير من الواجبات ينبغي على تركيا القيام بها في هذا الصدد.. بادئ ذي بدء السياسة المالية التركية الحالية ليست في الاتجاه الصحيح، حيث لم تشهد سياسة النقد والائتمان أي إصلاحات منذ 2014″.
تجنب نورييل روبيني الحديث بشكل مباشر عن وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق وهوصهر الرئيس أردوغان، وإنما فضَّل أن يقول: “السياسات المالية في تركيا لا تتجه إلى الطريق الصحيح”.
روبيني قال في حواره مع صحيفة “سوزجو” التركية: “تقلُّب سعر الصرف الذي شهدته تركيا في صيف عام 2018، تسبب في أزمة سيولة داخل البلاد. أثرت الأزمة على القطاع الخاص. منذ هذا اليوم، تم تجاوز الأزمة بحزمة من التدابير، ودخل الاقتصاد مرحلة مستقرة. ويتم غلق العجز، ولكن لا يوجد إصلاحات اقتصادية”.
وأكد روبيني أن البنك المركزي تأخر في اتخاذ التدابير اللازمة قبل الأزمة التي كانت متوقعة، قائلًا: “في النهاية، اضطر البنك المركزي إلى الكشف عن سياسته المالية من أجل منع انهيار الليرة. وبدأ استخدام السياسات المالية بشكل أكثر احترازًا”.
وأوضح أن قرار البنك المركزي الأمريكي بتخفيض الفائدة، كان فرصة للاقتصاد التركي، قائلًا: “عند حالف الحظ وقرر البنك المركزي الأمريكي تخفيض سعر الفائدة، بدأت الأموال تتدفق مرة أخرى إلى عدد من الدول النامية مثل تركيا. ولكن تحقق ثبات نسبي في سعر الصرف، بالرغم من تأثيرات الضغوط الجيوسياسية. معدلات النمو المتوقعة الآن 0.3% فقط”.
وفيما يتعلق بتخفيض سعر الفائدة في تركيا، قال: “البنك المركزي في تركيا خفض سعر الفائدة بسرعة كبيرة وبقيمة عالية. عند تغير الطقس بالنسبة للدول النامية، أي عند ارتفاع الفوائد في الدول المتقدمة، سيشكل هذا أزمة بالنسبة لتركيا”.
أما عن حلول خروج تركيا من أزمتها الاقتصادية، قال: “تركيا سوق منفتح للغاية، ومناسب للاستثمار. والبنية التحتية جيدة. والقطاع المالي فيها جيد. الأتراك لديهم أناس جيدون، ولديهم قوة بشرية مدربة وماهرة. كما أن الدولة في موضع استراتيجي. وحققت نموًا قويًا على مدار السنوات. في ضوء كل هذا ستكون حلول تركيا قوية لتجاوز الأزمة”.
وأكد روبيني على ضرورة إعادة الإصلاحات الهيكلية المتوقفة في تركيا، قائلًا: “من الممكن تحقيق معدلات النمو مرة أخرى، من خلال إعادة الإصلاحات الاقتصادية مرة أخرى. وسيوفر هذا فرص عمل لملايين الأشخاص. وهذه هي نقاط ضعف الاقتصاد التركي”.
وأضاف قائلاً: هناك كثير من الواجبات ينبغي على تركيا القيام بها.. السياسة المالية التركية الحالية ليست في الاتجاه الصحيح قبل كل شيء، ولم تشهد سياسة النقد والائتمان أي إصلاحات منذ وقت طويل”.
وأعلن وزير المالية التركي وهو صهر الرئيس رجب أردوغان في 20 سبتمبر/ أيلول 2018 برنامجا اقتصاديًا لثلاث سنوات يتضمن أن تكون معدلات البطالة المستهدفة 11.3% لعام 2018، و12.1% لعام 2019، ثم 11.9% لعام 2020. كما يتضمن البرنامج الاقتصادي أن يظل التضخم فوق 20% خلال 2018، قبل أن يتراجع إلى 15.9% في 2019.
وقالت وكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني (FİTCH) مؤخرًا، إن الاقتصاد التركي، لم يقترب بعد أي خطوة من أهداف البرنامج الجديد للحكومة.
مدير مجموعة تقييم الدول في وكالة فيتش، إيد باركير، كشف أن الاقتصاد التركي شهد توازنًا في الفترة الأخيرة، ولكنه أوضح أن الاقتصاد التركي لم يحقق أي خطوات في سبيل الاقتراب من أهداف برنامجه الجديد.
باركير توقع أن يحقق الاقتصاد التركي نموًا بنسبة 3% فقط خلال عام 2020، قائلًا: “نتوقع أن تصل معدلات التضخم في تركيا خلال العام المقبل إلى 12%”.
وأوضح أن معدلات التضخم المرتفعة وعدم توازن الاقتصاد متناهي الصغر في تركيا يمثلان أضعف جوانب الاقتصاد التركي.
باركير منح الأمل للاقتصاد التركي مرة أخرى، موضحًا أن الاقتصاد شهد توازنًا نسبيًا في الفترة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الاقتصاد بدأ يحقق نموًا طفيفًا بعد التراجع الكبير الذي شهده.
ولكنه شدد على أن الاقتصاد بالرغم من تحقيقه التوازن، إلا أنه لم يحقق أي خطوة في سبيل الاقتراب من أهداف البرنامج الاقتصادي الجديد المعلن من قبل وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق.
وفي اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت الحكومة التركية أن معدل التضخم السنوي أصبح 9.26 في المئة، بعدما كان في شهر أغسطس/ آب الماضي 15.01%، وفي يوليو/ تموز 16.65%.
ووفق ما أعلنت هيئة الإحصاء التركية في سبتمبر/ أيلول الماضي، بلغ إجمالى نسبة البطالة في تركيا 13.3 في المئة، بعدما وصل رقم العاطلين عن العمل 4.253 مليون شخص، بزيادة 938 ألف شخص مقارنة مع شهر يونيو/ حزيران 2018″ فيما تقول تقارير الأحزاب السياسية المعارضة أن الأرقام أعلى من ذلك بكثير.
–