القاهرة (زمان التركية) – أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الاثنين، القرار الأمريكي بشرعنة المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، والذي أعلنه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قبل أيام.
وقال أبو الغيط إن “السياسة الداخلية لأي دولة لا تصنع القانون” الدولي، وأن الإعلان الأمريكي “مجرد رأي فردي”.
جاء ذلك خلال الدورة غير العادية لاجتماع مجلس، جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، برئاسة، محمد علي الحكيم، وزير خارجية جمهورية العراق لبحث القرار الأمريكي غير القانوني بشأن الاستيطان.
وجاءت كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية على النحو التالي:
اجتماعنا الطارئ اليوم باعثه الإعلان، غير القانوني والمرفوض شكلاً وموضوعاً، الذى أعلنه وزير الخارجية الأمريكي قبل أيام.. والذى أشار خلاله إلى أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية مخالفة للقانون الدوليّ.
إننا نعتبر هذا الإعلان تطوراً بالغ السلبية.. وتحولاً مؤسفاً فى الموقف الأمريكي نشك فى أن الإدارة الحالية تقدر تبعاته وآثاره على المدى الطويل حق قدرها.. لا نقول هذا الكلام لأن الإعلان يُغير شيئاً من وضعية المستوطنات بوصفها كياناتٍ غير شرعية ولا قانونية.. فالقانون الدولي يصيغه المجتمع الدولي كله، وليس دولة واحدة مهما بلغت أهميتها.. والاحتلال الإسرائيلي يظل احتلالاً مداناً من العالم أجمع.. والاستيطان يظل استيطاناً، باطلاً من الناحية القانونية.. وعاراً على من يمارسه أو يُقر به من الزاوية الأخلاقية.
وما يُثير الانزعاج حقاً فى شأن هذا الإعلان هو تأثيره السلبي على أى أفق لتحقيق السلام فى المستقبل.. إن الإقرار بشرعية الاستيطان يعني ضمنياً إقراراً بواقع الاحتلال.. فعلى أى شئ يتفاوض الفلسطينيون مع الإسرائيليين إذن إن لم تكن هناك أرض محتلة، أو مستوطنون مغتصبين للأرض؟
لقد جاءت الإدارة الأمريكية بوعود كبيرة بتحقيق “صفقة كبرى” تُنهي الصراع وتجعل حلم السلام واقعاً.. وما رأينا منها إلا تماهياً كاملاً مع رغبات وتصورات اليمين الإسرائيلي فى نسخته الليكودية المتطرفة.. ويبدو أن ما نجحت فيه هذه الإدارة حقاً بعد ثلاث سنوات من المواقف الأحادية والضغوط الهائلة على الطرف الواقع تحت الاحتلال؛ أي الفلسطينيين.. هو إنهاء دور الولايات المتحدة كوسيط أو مرجع في أي عملية سلمية.. وهو أمرٌ يحدث للمرة الأولى منذ أربعة عقود لعبت خلالها إدارات أمريكية متعاقبة هذا الدور، بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل.
والحقُ أن تبعات الإعلان الأمريكي تتجاوز حتى الدور الأمريكي فى الشرق الأوسط أو فى عملية السلام.. ذلك أن الاستخفاف بمبدأ مستقر نص عليه القانون الإنساني الدولي – وبالذات فى اتفاقية جنيف الرابعة – والذى يحظر على القوة القائمة بالاحتلال نقل سكانها إلى الأراضي الواقعة تحت احتلالها.. نقول إن الاستخفاف بهذا المبدأ المستقر يضرب ما تبقى للولايات المتحدة من شرعية أخلاقية فى هذا الملف.. بل يخصم من مصداقيتها كقوة عالمية يُفترض أن تحترم القانون وأن تعمل على تنفيذه.
إننا ندين بأشد العبارات هذا الإعلان المؤسف الذى يضرب عرض الحائط بفكرة القانون الدولي ذاتها.. وندعو كافة دول العالم إلى التصدي لمثل هذا النهج.. ونُرحب بحالة الإجماع الدولي المناهض للإعلان الأمريكي والتى تشكلت تلقائياً بعيد الإعلان، وعبرت عنها جلسة مجلس الأمن المنعقدة فى 20 الجاري.. حيث أكدت الدول الأربع عشرة الأعضاء فى المجلس – باستثناء الولايات المتحدة – أن الاستيطان يُمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي.. وتلت مندوبة المملكة المتحدة، نيابة عن الدول الأوروبية، بياناً واضحاً فى هذا الصدد.. فهذا الإجماع العالمي يجعل من الإعلان الأمريكي مجرد رأي فردي يكرس مبدأ أن القوة هى التى تصنع الحق.. وهو مفهوم خطير ومرفوض يكشف عن خلل قيمي لدى من يتبناه أو من يدافع عنه.
وأخيراً؛ فإننا نقول إن السياسة الداخلية لأي دولة لا تصنع القانون.. والقانون يقول أن الاستيطان، مهما طال به الأمد هو غير شرعي وإلى زوال.. هذا هو أيضاً درس التاريخ.. وذلك ما نؤمن به وندافع عنه.. وإلى أن يزول هذا الاستيطان البغيض.. فإننا نقف جميعاً مع الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه، وندعمه بشتى الوسائل.. ونحمل قضيته فى العالم كله.
شكــــــراً لكــــــم.
–