محمد أبو سبحة
القاهرة (زمان التركية)ــ جاء إعلان الولايات المتحدة القضاء على زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي مستفزًا بالنسبة إلى تركيا التي كان “البغدادي” يختفي عن الأنظار بمنطقة خاضعة لنفوذها في شمال سوريا، إذ بدأت أنقرة تحركات مرتبكة لا يفهم منها سوى أنها تريد النأي بنفسها عن تهمة إيواء العناصر الإرهابية التي تهدد أمن العالم.
هذا الأسبوع أعلنت تركيا عن القبض على نحو تسعة أفراد من أسرة زعيم تنظيم داعش في شمال سوريا، وكان من المثير نقل هؤلاء إلى تركيا.
وفتحت عملية مقتل البغدادي في قرية بمحافظة إدلب شمال سوريا التي تقيم فيها تركيا نقاط مراقبة منذ أشهر، باب الاتهامات على تركيا من جديد بإيواء ودعم العناصر الجهادية الخطرة مثل تنظيم داعش الذي يزعم الرئيس رجب أردوغان أن قواته متواجدة في سوريا لمحاربته، بالإضافة إلى أنه من المعروف أن إدلب تتحصن بها عناصر مدعومة من أنقرة انتمت في السابق إلى فصائل عدة من بينها المصنف على قوائم الإرهاب مثل تنظيم “جبهة النصرة” المعروف حاليًا باسم هيئة تحرير الشام.
ويوم الثلاثاء من هذا الأسبوع أعلن جهاز المخابرات التركي القبض على “رسمية عواد” شقيقة زعيم داعش وزوجها وخمسة من أبنائهم وكنتها في بلدة أعزاز الخاضعة لسيطرة تركيا منذ عام 2017 بمعركة “درع الفرات” العسكرية التي كانت تركيا أعلنت انطلاقها ضد تنظيم داعش الذي كان يسيطر على المنطقة. ثم أعلن الرئيس التركي بعد ذلك بيومين أن أرملة البغدادي ألقي القبض عليها ونقلت إلى تركيا،
وقال أردوغان أمس الأربعاء في لقاء بجامعة أنقرة: “أسرنا زوجته، أُعلن ذلك للمرة الأولى، لم نثر ضجة كبيرة حول الأمر” وذلك في إشارة إلى الاهتمام الذي حظي به إعلان الرئيس الأمريكي أواخر الشهر الماضي عن العملية العسكرية الخاصة الي أسفرت مقتل البغدادي.
الرئيس #اردوغان :
قبضنا على زوجة #البغدادي واخته وزوج اخته!
هذه محاربة ارهاب ولا شغل فيس بوك عائلي؟
الاميركي جاء من اخر الدنيا ليقتل البغدادي ومساعده وهما قاعدين على حدود #تركيا من سنتين.
سبحان الله الان فقط صار سهل العثور على شجرة عائلة الغدادي كلها.— Yusuf Şerif يوسف الشريف (@AlsharifSKY) November 7, 2019
وكان الكاتب الصحافي التركي، الخبير في العلاقات الدبلوماسية فهيم تاشتاكين، اعتبر أن تركيا في مأزق كبير بعد عملية تصفية البغدادي، حيث يشير عدم علمها المسبق بتنفيذ العملية، إلى إدراك الولايات المتحدة بأنها قد تفشلها.
وقال تاشتكين: “اقتصر التعاون بين أنقرة وواشنطن على استخدام القوات الأمريكية مجال تركيا الجوي فقط”. وأوضح أن القوات الأمريكية فضلت الحصول على المعلومات الاستخباراتية من قوات سوريا الديمقراطية التي يتشكل أغلبها من الأكراد، بالإضافة إلى جهاز الاستخبارات العراقية، “لأنها لا تريد أن تدع مجالا لهروب البغدادي”، حيث كانت تخشى مشاركة المعلومات مع تركيا، حتى لا تتسرب، إلى داعش.
وكان القيادي في قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ريدور خليل، قال عقب تصفية “البغدادي” إن على تركيا الإجابة عن سبب تواجد زعيم تنظيم داعش الإرهابي في منطقة خاضعة لنفوذها في إدلب شمال سوريا، متهما أنقرة بتوفير الحماية والتمويل للعناصر الإرهابية.
وخلال مؤتمر صحفي من الحسكة بعد يوم من مقتل البغدادي، قال ريدور خليل إنه يجب على العالم أن يتسائل عن سبب تواجد أبو بكر البغدادي في منطقة سيطرة القوات التركية في إدلب رغم النفي من السلطات التركية من أعلى السلطات بمعرفتهم بمناطق تواجد زعيم وعناصر تنظيم داعش”.
أضاف القيادي الكردي “هذه العملية أثبت أن تركيا -كانت- توفر الغطاء السياسي ليس للبغدادي فقط ولكن جميع الفصائل الإرهابية التي تعمل في الشمال السوري، ومن هنا يجب أن يتسائل المجتمع الدولي عن نوايا وأهداف تركيا من الدعم الذي قدمته لهؤلاء العناصر. ويجب علي المسئولين في تركيا الإجابة عن هذا السؤال، رغم أن الحقيقة قد انكشفت ولم يعد هناك مجال ليقولوا غير ذلك”.
ويثار منذ سنوات الحديث عن علاقة نظام الرئيس التركي رجب أردوغان مع تنظيم داعش.
وقبل يومين قال وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب، إنه لا حاجة لبذل الجهد لإثبات علاقة الرئيس التركي رجب أردوغان بتنظيم داعش الإرهابي، مؤكدًا أن أردوغان استخدم داعش حتى ضد حركة الخدمة.
وقال الوزير السابق صالح القلاب في مداخلة مع قناة “العربية”: “المعروف منذ البدايات أن القاعدة وطالبان موجودان في باكستان وداعش موجود في تركيا”.
أضاف القلاب: “أردوغان تحالف مع داعش ضد جماعة جولن الموجود في الولايات المتحدة. الآن في السجون التركية 80 ألف معتقل غير القتلى، بحسب الأرقام التي تقدمها السلطات التركية. داعش كانت حليفا لأردوغان”.
واعتبر القلاب أن تركيا صارت “ساحة داعش” تتحرك فيها عناصر التنظيم كيفما تشاء ويمكن أن تصل من خلالها إلى أوروبا، موضحا أنه يقصد أردوغان بحديثه عن تركيا و لا يقصد الإساءة للشعب التركي الشعب التركي.
وكان القيادي في تنظيم داعش الإرهابي، طه عبد الرحيم عبد الله مساعد أبو بكر الغدادي، كشف عن تلقيهم أوامر في عام 2014 من الرئيس التركي رجب أردوغان بتنفيذ هجمات على منطقة (عين العرب/ كوباني) شرق حلب، التي سيطر عليها الأكراد منذ عام 2012.
وأكثر ما كان يقلق أنقرة هو إقامة الأكراد كيان قريب من الحدود التركية يتمتع بالحكم الذاتي، حتى لا تنتقل العدوى إلى الجنوب التركي، وهو الدافع الأساسي لعملية “نبع السلام” التي انطلقت هذا الشهر في شرق الفرات شمال سوريا.
ووفق مساعد البغدادي فإن هجوم داعش على عين العرب وحصارها منذ سبتمبر/أيلول 2014 وحتى يناير/ كانون الثاني 2015، والذي أدى لنزوح عشرات آلاف الأكراد نحو جنوب تركيا تم بأمر من أردوغان.
وفيما يظهر مدى التوجيه المباشر من الرئيس التركي للتنظيم، كشف القيادي في تنظيم داعش طه عبد الرحيم عبد الله، الموجود حاليًا في قبضة قوات سوريا الديمقراطية، خلال التحقيقات معه، أن البغدادي كان في عام 2014 يستعد للهجوم على دمشق، إلا أنه غير الخطة إلى مدينة “كوباني” الكردية في اللحظات الأخيرة. وقال عبد الله: “البغدادي طلب منا الهجوم على كوباني. اعترضنا على هذا الأمر، ولكنه لم يوافق. وبعد ذلك علمنا أن التغيير في الخطة جاء بناءً على إصرار من أردوغان”.
وقدم مساعد البغدادي معلومات تفصيلية عن الهجوم على كوباني الذي بدأها التنظيم في 13 سبتمبر/ أيلول 2014، قائلًا: “لقد طلب الأتراك توجيه حربنا نحو كوباني. وكان هناك إصرار من أردوغان نفسه. وبعد ذلك تم إرسال قائد هذه الحرب أبو ياسر عراقي، إلى العراق من أجل إسكاته. ولكن أبو ياسر أدرك ذلك”.
يشار إلى أنه لاحقا استخدم الرئيس التركي رجب أردوغان عناصر الجيش السوري الحر في قتال الأكراد عوضا عن داعش، بعد أن كانت تلك الفصائل متحالفة مع الأكراد، إذا فضلا عن مشاركتهم مع الجيش التركي في عملية درع الفرات ضد داعش، شاركوا مع القوات الكردية في عمليتي غصن الزيتون، ونبع السلام، ضد الأكراد في عفرين في شرق الفرات وشمال سوريا.