أنقرة (زمان التركية) – أثارت الأسماء التي حضرت احتفال عيد النصر في تركيا، الذي أقامه الرئيس رجب طيب أردوغان في قصره، ردود فعل مختلفة في الأوساط السياسية والإعلام الاجتماعي.
كان أبرز الصور التي تداولتها وسائل الإعلام على هامش الاحتفال، صورة أردوغان مع رئيسة حزب الخير ميرال أكشنار، بالإضافة إلى صورة أخرى له مع رئيس حزب الوطن دوغو برينجك الذي كان متهمًا رئيسًا في قضية تنظيم أرجنكون الموصوف في تركيا بالدولة العميقة، والذي كان اتهمه أردوغان في سنوات حكمه الأولى بالسعي لمحاولة الانقلاب على حكومته ووصف نفسه بأنه “المدعي العام المحقق في قضية أرجنكون”، لإسكات المعارضين لهذه القضية.
ومع أن أردوغان حرص على عدم الدخول في الصورة عينها مع برينجك، إلا أنه هذه المرة التقط مع زوجته صورة تذكارية مع كل من برينجك، ورئيس البرلمان مصطفى شنتوب، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي، ورئيسة حزب الخير ميرال أكشنار.
لفت أردوغان الأنظار من خلال السلام الحار بينه وبين رئيسة حزب الخير ميرال أكشنار، وتبادل معها أطراف الحديث، مما أدى إلى أن تصبح صورتهما حديثًا لمواقع التواصل الاجتماعي.
كما أثار أردوغان جدلًا واسعًا من خلال السلام الحار بينه وبين رئيس حزب الوطن دوغو برينجك الذي خرج من السجن في عام 2014 مع حوالي 400 متهم من العسكريين والمدنيين في إطار قضية أرجنكون.
برينجك يعتبر من الشخصيات الأكثر جدلًا في تركيا، خاصة أن اسمه ارتبط بالعديد من الأحداث الشائكة في تركيا، كما أنه أعلن يوم خروجه من السجن أمام عدسات الكاميرات في عام 2014 قائلاً: ““خرجنا من السجن كالسيوف المستلة من أغمادها، وسندمّر من يقسمون تركيا وسنؤسس حكم من سيوحِّدونها.. سندمِّر حكم أنصار أردوغان وعبد الله جول وفتح الله كولن!”، وهدّد بأن المشرفين على قضية أرجنكون سيدفعون الثمن غاليا، وأنهم سيرسلونهم إلى السجن بدلاً منهم.
في 21 مارس/ آذار 2008 ألقي القبض على برينجك بتهمة الانتماء لتنظيم أرجينيكون، ثم صدر في حقه مذكرة اعتقال، لتقضي المحكمة في أغسطس/ آب 2013 عليه بالسجن لمدة 117 عامًا بتهمة تأسيس وإدارة تنظيم مسلح، ومحاولة الإطاحة بحكومة أردوغان.
لكن في مارس/ آذار 2014، أي بعد أن وجّهت لحكومة أردوغان تهم بالفساد والرشوة في نهاية عام 2013، صدر قرار من البرلمان التركي بموافقة الأغلبية البرلمانية لحزب أردوغان العدالة والتنمية، بإلغاء المحاكم الخاصة المشرفة على قضية أرجنكون، والإفراج عن جميع المعتقلين في هذه القضية، من بينهم برينجك.
أما بعد الإفراج عنه، فقد واصل برينجك الجدل أيضًا مهدّدًا في تصريحات له بأنه سوف يقتلع جذور كافة الجماعات الدينية الموجودة في تركيا، لتبدأ بعدها حكومة حزب العدالة والتنمية هجومها الشرس على حركة الخدمة.
وكان برينجك اعترف في بث مباشر على إحدى القنوات التلفزيونية أنهم من تنصتوا على أردوغان، ويحوزون في الوقت الراهن أكثر من 37 شريطًا يتضمن مكالمات هاتفية لأردوغان وكلها تتعلق بعمليات فساد تورط فيها أردوغان ورجاله.
كما أن برينجك اعترف أكثر من مرة بأنهم من وضعوا “خطة القضاء على حركة الخدمة” وأردوغان ينفذها، وأقرّ أيضًا بأنهم من حدّدوا أسماء الموظفين الأمنيين والقضاة الذين أقالهم أردوغان بحجة أنهم حاولوا الانقلاب على حكومته عبر تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013، بالإضافة إلى تحديدهم أسماء مئات الآلاف من المعتقلين والمفصولين بعد محاولة الانقلاب المزعوم.
جاء اعتراف برينجك في اجتماع عقده مع كبار المسئولين الإيرانيين بطهران حول التصفيات الشاملة في الجيش وأجهزة الدولة الأخرى عقب انقلاب 2016 المزعوم، حيث أعلن أنهم مَنْ أعدوا قوائم الأسماء التي تمت تصفيتها، وأنهم استطاعوا تصفية “30 ألف جنرال/وعسكري كانوا موالين للناتو” بعد الانقلاب الفاشل، مما يدل على أنهم قاموا بتصفية الجنرالات والضباط الأتراك الموالين للناتو بعد هذا الانقلاب المدبر بفضل لافتة “جريمة الانتماء إلى منظمة فتح الله كولن” الجاهزة من جانب، ويفتخرون من جانب آخر بأنهم عينوا مكانهم الجنرالات والضباط الموالين للمعسكر الأوراسي ممن كانوا حوكموا سابقًا في قضية أرجنكون بتهمة التجسس العسكري وتسريب وبيع “الوثائق السرية للأمن والجيش التركي، إلى ستّ دول، بينها إسرائيل واليونان.
وقد كشف رئيس الأركان العامة السابق “إيلكار باشبوغ” الذي سبق أن سجن في إطار قضية أرجنكون مع برينجك، سبب تحالفهم مع الرئيس أردوغان قائلاً: “أردوغان كان أفضل شخصية لمكافحة تنظيم فتح الله، لولاه لما قطعنا شوطًا بعيدًا في هذا الصدد”.
في حين أن صباح الدين أونكبار، الكاتب الصحفي من جريدة “آيدينليك” التابعة لبرينجك أعلن عن دوافع تحالفهم مع أردوغان بقوله: “بغضّ النظر عن حبكم أو كراهيتكم للرجل، فإن أردوغان كان الترياق الشافي لسمّ تنظيم فتح الله كولن… ولا يمكن لأحد إطلاقًا أن يحلّ محله في هذا الأمر. تخيلوا أن الآلاف من النساء المحجبات من هذا التنظيم قابعات اليوم في السجون! لو لم يكن أردوغانُ الحاكمَ في تركيا اليوم لكانت هناك دعاية بأن هذه الخطوة هدفها معاقبة النساء المحجبات. لذا فإن الطريقة التي يتبعها أردوغان مهمة للغاية للنجاح في تصفية تنظيم كولن…!”، على حد تعبيره.