(زمان التركية) – ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَۤائِغًا للِشَّارِبِينَ﴾ (سورة النَّحْلِ: 16/66).
اللبنُ يخرجُ من بين الفرثِ والدمِ لكنَّه لا يحمل أيَّةَ صفةٍ كريهةٍ لا من الفرث ولا من الدم.
والآن، تعالوا بنا نُلْقِ نظرةً على الآية المتعلقة بالموضوع، في ضوء هذه المشاهدات العلمية:
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ (أي في حياتها وكيفية تناوُلِها الغذاءَ) لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ (أي من بعضه لا كله، فـ”مِن” في قوله “مِمَّا” للتبعيض)، ثم تشرح لنا الآيةُ كيف يتكوّن ما في بطونِ الأنعام فتقول: مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ (أي إن هنالك شيئين: الفرث والدم، فالفرزُ الأول يكون من بينهما، والفرز الثاني يكون في الدم خاصّة؛ فالمواد المغذّية تتحوَّل إلى دمٍ تمتصَّه الأمعاء، ثمَّ تبدأ الغدد الحليبيّة بممارسةِ مهامّها وتصفية الدم واستخراجِ الحليب منه، وهذه هي عمليّة التصفية الثانية)، “لَبَنًا خَالِصًا” (أي يكون لبنًا نظيفًا بكلّ معنى الكلمة، صافيًا خالصًا من الشوائب).
فالمادة التي تخرج من الفرث يَعافُها الإنسان، ولكي يزيل القرآنُ هذا قال أولا: “خَالِصًا”… ومن جانب آخر قد يُخَيَّلُ للمرءِ أنه غير مستساغٍ لأنه يخرجُ من بين الفرثِ والدمِ وأن الشاربَ سيَغَصُّ به، قال: “سَائِغًا للِشَّارِبِينَ”، فاللبنُ يخرجُ من بين الفرثِ والدمِ لكنَّه لا يحمل أيَّةَ صفةٍ كريهةٍ لا من الفرث ولا من الدم.
الرسول الأمي والحقائق العلمية
فالرسول كان أمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتبُ، وقد أجمعَ على ذلك كلّ مَن عاصره، من مؤمنٍ وكافرٍ ومنافقٍ، كانوا متَّفقين على أنه لا يعرفُ القراءةَ ولا الكتابة، ورغم أمِّيَّتِهِ نسمعُ آياتٍ كهذه صدرت من فمِهِ المبارك، وبعد أربعة عشر قرنًا نرى أن هذه الآيات تشير إلى حقائق علمية لا يمكن إدراكها إلا عن طريق الأشعة أو البحث العلميّ الدقيق!
فهذه الحقيقة تدل بكل نَصَاعةٍ ووضوحٍ على أن القرآن كلامُ علّامِ الغيوبِ سبحانه وتعالى، وبنظرةٍ خاطفةٍ يمكن للإنسانِ التحقُّقُ من هذا الأمر، شريطةَ أن يتحرَّرَ من الأحكام المسبقة.
رغم أمِّيَّة الرسول نرى أنه وبعد أربعة عشر قرنًا أن هذه الآيات تشير إلى حقائق علمية لا يمكن إدراكها إلا عن طريق الأشعة أو البحث العلميّ الدقيق
بقلم: فتح الله كولن
المصدر: مجلة نسمات