واشنطن (زمان التركية) – يحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جاهدًا فرض نفسه زعيمًا للأمة الإسلامية، من خلال دعاية يقودها في العالمين العربي والإسلامي، وتسويقه النموذج الذي يطبقه في تركيا كمثال لإدارة إسلامية، غير أن هذه الدعاية بدأت تلقى رفضًا حتى من قبل أقرب المجموعات الإسلامية إليه.
يواجه أردوغان انهيارًا كبيرًا في شعبيته وشعبية حزبه العدالة والتنمية الحاكم في الشارع التركي بشكل خاص، وفي العالم الإسلامي بشكل عام، في الفترة الأخيرة، بسبب غياب الديمقراطية والعدالة في تركيا، وتوقف الإنجازات الاقتصادية التي كان يتفاخر بها، وتحويله الدولة إلى عزبة خاصة لعائلته والمقربين منه، والذين تلخطت أسماؤهم بممارسات فساد على شتى أنواعها.
لجأ أردوغان إلى تقديم نفسه قائدًا وزعيمًا للأمة الإسلامية مرة أخرى، من خلال اللعب على مشاعر المسلمين في الدول الغربية، وبشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية، بإرسال دعوة لعدد من الدعاة الإسلاميين المنتمين، بينهم من ينتمون إلى تنظيم الإخوان المسلمين في أمريكا، للمشاركة في ندوة تحت اسم “نوحِّد الأمة”، يشارك هو نفسه فيها خلال تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
من المخطط أن تعقد الندوة في ولاية نيويورك الأمريكية في 22 سبتمبر/ أيلول المقبل، بتنظيم لجنة التوجيه الوطنية التركية الأمريكية (TASC) المعروفة بقربها من حكومة حزب العدالة والتنمية، بالتعاون مع مؤسسة الأتراك في الخارج والمجتمعات ذات الصلة (YTP)، وذلك بالتزامن مع مشاركة أردوغان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في الشهر نفسه.
إلا أن الدعوة قوبلت بالرفض من قبل عدد من الباحثين والدعاة المقيمين في الولايات المتحدة، كان أبرزهم الباحثة الأمريكية داليا مجاهد التي شغلت منصب المستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما، بالإضافة إلى الداعية الإسلامي عمر سليمان المنحدر من أصلٍ فلسطيني، والناشط في مجال حقوق الإنسان، ومؤسس معهد “يقين” للأبحاث والدراسات الإسلامية.
الشخصان الأبرزان علقا على الدعوة بتغريدة على حساباتهما على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مؤكدين رفضهما دعوة الرئيس التركي أردوغان للمشاركة في برنامج “نوحِّد الأمة”.
أكدت داليا مجاهد التي تعمل مديرة لقسم البحث في معهد السياسات الاجتماعية والتفاهم (ISPU) أنها وعمر سليمان رفضا دعوة المشاركة في ندوة أردوغان، دون الكشف عن أسباب الرفض.
أما عمر سليمان فقد نشر تغريدة تعليقًا على الدعوة، قائلًا: “لقد رأيت ملصقًا باسمي كمتحدث في الدعوة منتشر في كل مكان. لقد رفضت هذه الدعوة منذ شهر، ولم أعد أرغب في تلقي تغريدات على هذا الملصق. جزاكم الله خيرًا”.
وكان أردوغان أطلق الإشارات الأولى على أنه سيتجه في الفترة القادمة إلى خطاب “توحيد الأمة الإسلامية” حول قيادته عندما اتهم المنشقين من حزبه لتأسيس حزب جديد بأنهم يسعون إلى تقسيم “الأمة”، ووصفهم بـ”الخونة”، وهددهم بأنهم سيدفعون الثمن.
يذكر أن الخبير الأمني الأمريكي لورينزو فيدينو، المسؤول عن برنامج الأمن الداخلي لتسليط الضوء على التطرف وتهديدات الاختراق في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، قال في حوار مع موقع “أحوال تركية” في مايو/ آيار الماضي، إن تنظيم الإخوان المسلمين سعيد بالدعم المالي والاهتمام المتزايد من حزب العدالة والتنمية بالكثير من رموز التنظيم في المؤسسات المختلفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن هناك أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين ينزعجون من التقارب بين التنظيم وأردوغان في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل انتهاكات حقوق الإنسان التي تشهدها تركيا في عهده.