أنقرة (زمان التركية) – تعرض تحالف الجمهور لهزيمة متكاملة الأركان في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، حيث حصد مرشح تحالف الجمهور، أكرم إمام أوغلو، 54 في المئة من أصوات الناخبين، بينما حصد منافسه بن علي يلديرم 45 في المئة من الأصوات.
وتزايدت نسب الأصوات التي حصل عليها إمام أوغلو في 39 بلدية تقريبا بنحو 4-5 في المئة، في الوقت الذي تراجعت فيه الأصوات التي حصل عليها بن علي يلدرم.
وتشير النتائج شبه الرسمية إلى ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات التي أقيمت بالأمس إلى 84.4 في المئة.
ولم تفلح كل من تهديدات أردوغان التي أطلقها خلال الأسبوع الأخير، ودعم زعيم حزب الحركة القومية بهجلي للتحالف، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان المسجون، والذي تمسك به كل من أردوغان وحليفه بهجلي طمعًا في أن يكون طوق نجاة لهما، على الرغم من أنهما اعتادا على وصفه بـ”برأس الإرهاب”.
فقد ظهر أن حملة “عبد الله أوجلان” لدعم السلطة السياسية بقيادة أردوغان لم تجدِ نفعًا لحصد أصوات الأكراد، حيث لم يستجيبوا لدعوة أوجلان، بل ساندوا إمام أوغلو كما طالبهم حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وزعيمه السابق المعتقل حاليا صلاح الدين دميرتاش.
وشهدت الانتخابات التي أقيمت بالأمس تصويت 10 مليون و560 ألف و963 ناخبا في 31 ألف و124 صندوق اقتراع، حيث تضمنت بطاقات الاقتراع 17 مرشحا مستقلا بجانب أحزاب العدالة والتنمية والشعب الجمهوري والوطن والسعادة.
وفي رد منهم على الظلم الذي تعرض له مرشح تحالف الشعب إمام أوغلو والتلاعب في نتائج الانتخابات السابقة، رفع سكان إسطنبول فارق الأصوات بين مرشحي تحالف الشعب والجمهور إلى نحو 800 ألف صوت بعدما كان 24 ألف صوت فقط خلال الانتخابات التي أجريت في الحادي والثلاثين من مارس/ آذار.
امتناع وكالة الأناضول عن نشر النتائج لساعات
وبعد دخولها التاريخ بعملية التعتيم التي ارتكبتها في الحادي والثلاثين من مارس/ آذار الماضي، بدأت وكالة الأناضول يوم أمس بنشر نتائج الفرز بعد ساعات من انطلاقه وبعد أن نشرت وكالات الأنباء الأخرى.
وعقب إغلاق صناديق الاقتراع في تمام الساعة الخامسة بتوقيت تركيا مساء أمس الأحد، بدأت وكالة “أنكا” للأنباء بتزويد الصحف والقنوات التلفزيونية بنتائج أعمال الفرز، فبعد فرز عشرة في المئة من الصناديق كانت نسبة الأصوات التي حصل عليها إمام أوغلو تبلغ نحو 53 في المئة، في حين كانت نسبة الأصوات التي حصل عليها يلدريم تبلغ نحو 43 في المئة.
في تلك الأثناء التزمت وكالة الأناضول الصمت، وفي بيانها الصادر في السابعة إلا ربع بتوقيت تركيا أعلنت وكالة الأناضول أنها ستنشر نتائج أعمال فرز الصناديق في تمام الساعة السابعة ونصف بتوقيت تركيا.
بن علي يلدرم: أهنئ إمام أوغلو
في تمام الساعة السابعة والربع خرج يلدرم أمام عدسات الكاميرات لتهنئة منافسه قائلا: “إمام أوغلو أولى الانتخابات اهتماما. أهنئه على فوزه وأتمنى له التوفيق. الانتخابات تعكس الديمقراطية، وهذه الانتخابات أظهرت مجددا أن الديمقراطية تُمارس بأفضل طريقة في تركيا. أتمنى أن يقدم رفيقي أكرم إمام أوغلو خدمات متميزة لمدينة إسطنبول منذ الآن فصاعدا، وسأواصل مساعدته في أعماله”.
تعليقات الصحفيين المخضرمين:
قال رئيس تحرير قناة “بوجون”، المغلقة قبل محاولة الانقلاب من قبل حكومة أردوغان، الصحفي المعروف آدم يافوز أرسلان، تعليقًا على نتائج انتخابات إسطنبول المحلية: “النظام المؤسسي في تركيا أنهى عصر أردوغان.. وحان وقت الأوجه والخطابات الجديدة”، لافتًا إلى ضرورة التركيز على الخطوة التي سيتخذها حليف أردوغان دولت بهجلي.
وذكر أرسلان أن أردوغان وأوجلان هما من خسرا الانتخابات بفارق كبير، وأن الجميع يتساءلون عما سيفعله أردوغان عقب الخسارة، غير أن السؤال الذي ينبغي طرحه هو ماذا سيفعله بهجلي بعد الهزيمة؟ وأضاف أن “صورة “تركيا الديمقراطية” التي تداولتها الصحافة الدولية كانت جزءا من لعبة أردوغان الاستراتيجية وحققت مبتغاها نوعا ما من خلال انتخابات إسطنبول.
وتابع أرسلان “لا أتفق مع التحليلات التي ترى أن أردوغان سيزداد عنفا وحدة، بل ستلين لغته، وسيشدد على الديمقراطية وإن لم يكن يؤمنا بها، وسيبحث عن حلفاء جدد. ليس من المعروف إلى أي مدى سيستمر الحلفاء الجدد، غير أن أردوغان يرى أن التحالف هو الحل الوحيد”.
من جانبه، ذكر أرهان باشيورت، الكاتب الصحفي ورئيس التحرير السابق لصحيفة “بوجون” التي تم إغلاقها أيضًا قبل محاولة الانقلاب، أن أردوغان وبهجلي وأوجلان هم من خسروا، وانتصرت الديمقراطية والحرية قائلا: “هل كان جديرا بكم الإضرار بالديمقراطية والدولة إلى هذا الحد يا حزب العدالة والتنمية؟ المعارضة حصلت على نتائج الانتخابات عبر آلياتها، ولم تدَعْ للسلطة الحاكمة ووكالة الأناضول الفرصة للتلاعب”.
هذا وأوضح عبد الحميد بيليجي، رئيس التحرير السابق لصحيفة “زمان” التي أغلقتها السلطات أيضا قبل الانقلاب المزعوم، أن تصدي إسطنبول لتمادي السلطة في الظلم والغطرسة والتبذير بمثابة فرصة كبيرة لتركيا.
يذكر أن إمام أوغلو فاز ببلدية إسطنبول مرشحا عن حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات المحليات التي جرت في 31 مارس/ آذار المنصرم، على حساب مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، لكن اللجنة العليا للانتخابات قررت إعادة التصويت في إسطنبول في ٢٣ يونيو، بعد طعون تقدم بها حزب العدالة والتنمية بحجة وقوع مخالفات تصويتية كبيرة، ليفوز إمام أوغلو مجددا وبفارق كبير يصل إلى نحو 800 ألف صوت بالأمس.