إسطنبول (زمان التركية) قال المحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، إن أنقرة تواجه مأزقا كبيرا، بسبب التهديدات الأمريكية لها على خلفية صفقة شراء الصواريخ الروسية.
ففي مقال له بعنوان “أردوغان على المحك بخصوص صواريخ أس – 400” نشره موقع “إندبندنت عربية” أشار إلى أن رسالة التهديد الذي بعثها نائب وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان في 6 يونيو/حزيران، مثلت إحراجا كبيرا لتركيا.
وتابع أنه لم يَسبق لحكومة حزب العدالة والتنمية أنْ وقعت في مثل هذا الموقف الصعب بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من جهة أخرى.
ولفت إلى أن تاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، شكل بداية فصل جديد في العلاقات مع موسكو، إذ تم إسقاط الطائرة المقاتلة الروسية عن عمد على الحدود السورية، وكان هذا حادثاً مدوياً، أرغم تركيا على أن تنحاز إلى روسيا على المستوى الدولي وإلى إيران على المستوى الإقليمي، إذ صرح الكرملين أن أردوغان اعتذر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه لم يكن اعتذاراً عاديا، بل كان من ثمراته المُرَّة شراء منظومة S-400، فكانت هذه عملية بدأت بحالة حرب وانتهت بغرام زائف، فلأول مرة يصبح أردوغان محشوراً لهذه الدرجة في زاوية ضيقة، في حين أنه ظل معروفاً في علاقاته الدولية برؤيته البراغماتية، وفي السياسة الداخلية بخطابه الشعبوي المتلاعب.
وعدد تورجوت أوغلو خسائر تركيا المتوقعة من أزمتها مع واشنطن مؤكدا احتمال فرض عقوبات طويلة الأجل، قد تؤدي إلى تعطيل المنظومة الدفاعية مما قد يتسبب في وقف حوالى ألف شركة محلية كبيرة، يعمل لديها عشرات الآلاف من الموظفين، وتهديد مصير الاتفاقيات المبرمة مع الولايات المتحدة في مجال الطيران المدني، وابتعاد تركيا عن حلف “الناتو”، مما يخرجها من محورها ويتيح المجال لنظام أردوغان كي يتحول إلى كيان دكتاتوري بحت.
وأردف أن هذه الحالة ستضع أردوغان أمام ثلاثة خيارات صعبة وطرق شائكة، لكن يتوجب عليه أن يختار واحدة منها: الأولى أن يتراجع عن شراء صواريخ S-400، ويتعرض لغضب الروس الذين قد ينشطون “مجموعة أرجنكون” الفاعلة في القوات المسلحة التركية والمعروفة بقربها من روسيا وإيران.
وبيّن أن الاحتمال الثاني هو الاستمرار في الصفقة وتحمل ضريبة معاداة واشنطن والاتحاد الأوروبي معاً، والتعرض لعقوبات اقتصادية باهظة تليها عقوبات سياسية مجحفة على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن الخيار الثالث والأرجح هو أن تلجأ تركيا لتجنب خسارة أي من الطرفين وتضحي بثلاثة مليارات دولار مقابل صواريخ S-400 لتهدئة بوتين، ولكن لا تُستخدم بل تُرمى جانباً حتى يطيب خاطر الولايات المتحدة والحلف الأطلسي.
واختتم مقاله بالقول إنه لو لم تتحقق هذه الاحتمالات الثلاثة، فعند ذلك، ستبدأ مرحلة جديدة في المنطقة، يمكن أن نسميها “الفترة الخمينية الثانية”، موضحا أهمية انتظار نتائج اللقاء الذي سيجمع ترمب وأردوغان على هامش قمة مجموعة العشرين في اليابان، والذي من المنتظر أن يكون حاسما في هذا الصدد.