موسكو (زمان التركية) شهدت علاقات روسيا مع دول الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، تطورا ملحوظا، جعلها تشكل تهديداً مباشرًا للمصالح الغربية في المنطقة .
وأعدت مجلة “فورن بولسي” تقريرا كشفت من خلاله عن المخطط الروسي في منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تستعد فيه واشنطن لتقليل دورها في المنطقة.
ورصدت المجلة الأمريكية في تقريرها الخطوات التي اتخذتها موسكو لتثبيت قدمها في المنطقة، وأهمها شبكات خطوط أنابيب الغاز، واستكشاف الحقول النفطية في تركيا والعراق ولبنان وسوريا بهدف إنشاء جسر بري إلى أوروبا عبر الشرق الأوسط، لتعزيز دور روسيا كمورّد أساسي للغاز في أوروبا وتوسيع نفوذها.
و بحسب التقرير فإن تركيا تعتبر من أهم نقاط عبور الطاقة في الخطة الجديدة إلى أوروبا، وتدير شركة “غازبروم”، المملوكة للحكومة الروسية، حوالي 16% من صادرات الغاز إلى القارة الأوروبية، عبر أنابيب “بلو ستريم” التي تمر بتركيا وبلغاريا.
ومن المتوقع أن يتم إنشاء “ترك ستريم”، وهو خط أنابيب ثان، وسينقل 14% من صادرات موسكو من الغاز إلى أوروبا عبر تركيا واليونان.
ومع الخط الثالث “نورد ستريم 2″، سيصبح الأوروبيون أكثر اعتماداً على الغاز الروسي، وستحل الخطوط الثلاث مكان الصادرات الروسية من الغاز التي تمر عبر أوكرانيا.
كما تعتمد روسيا علي الأراضي السورية في تمديد شبكات خطوط أنابيب الغاز.
وأشار التقرير إلى أن الاهتمام النفطي الروسي بدأ في سوريا قبل تورطها بالحرب في 2015، حيث اقترحت قطر في 2009، إنشاء خط للأنابيب لإرسال الغاز من “حقل بارس الجنوبي” المشترك مع إيران، ليمر عبر المملكة العربية السعودية والأردن وسوريا وتركيا.
كما ألقت المجلة الأمريكية في تقريرها الضوء على قوة العلاقات الروسية اللبنانية خلال السنوات الأخيرة، حيث تضاعف حجم التبادل التجاري بين روسيا ولبنان إلى الضعف خلال العامين( 2016 -2018 ).
إلا أن اهتمام روسيا بلبنان سببه الرئيسي وجود مرفق تخزين النفط في طرابلس في لبنان، وهو موطئ روسيا الوحيد على البحر المتوسط، وستعمل منشأة طرابلس التي تبعد 30 كم عن الحدود السورية و60 كم من ميناء طرطوس السوري، على توصيل الوقود سراً إلى نظام الأسد الخاضع للعقوبات الأمريكية.
ولفتت المجلة إلى استثمار روسيا الخلاف الواقع بين بغداد وأربيل لصالحها ، ففي سبتمبر/أيلول 2017، وقبل أيام من قيام حكومة إقليم كردستان بإجراء استفتاء على الاستقلال، وقعت شركة الطاقة الروسية الحكومية “روسنفت” اتفاقية مع الإقليم لتمويل خط أنابيب للغاز بقيمة مليار دولار يمر من كردستان العراق إلى تركيا.
ويعتبر هذا الخط نقطة خلاف مع الحكومة المركزية في العراق منذ عام 2013، عندما بدأت أربيل في تصدير النفط من جانب واحد إلى تركيا ، الأمر الذي استفز حكومة بغداد فردت بفتح مفاوضات لبناء خط أنابيب جديد للنفط يمر من حقول نفط كركوك إلى الحدود التركية بدون المرور بالأراضي التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان .
وتوفر روسيا حالياً 35% من إجمالي واردات أوروبا من الغاز، وعملت منذ فترة طويلة على تجنب أي جهود أوروبية من شأنها تنويع مصادر الطاقة في أوروبا إلا أن العلاقات المتوترة مع أوكرانيا تهدد معظم صادرات الطاقة المتجهة إلى أوروبا، لذلك اتجهت روسيا لبناء شبكة لنقل الطاقة عبر الشرق الأوسط للبقاء ضمن اللعبة.