الرياض (زمان التركية) نشر موقع “سبق” الإلكتروني السعودي تحليلاً حول مدى إيمان تيار الإسلام السياسي بالديمقراطية في ضوء موقف الحزب الحاكم في تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان من نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة.
وطبقا للتقرير فإنه حتى وقت قريب، ظل المرشحون في انتخابات تركيا يهنئون بعضهم البعض، عند إعلان النتائج، أيًّا كان الفائز؛ لكن الانتخابات البلدية التي أقيمت مؤخرًا، أظهرت تحولًا لافتًا؛ حيث قال حزب العدالة والتنمية، الحاكم إنه سيدعو إلى إعادة الانتخابات في مدينة إسطنبول، بعدما خسر حزبه حاضرة ذات ثقل سياسي وسكاني كبير إضافة إلى عاصمة البلاد.
وشكك التقرير في إيمان ما يُعرف بتيارات الإسلام السياسي بالديمقراطية؛ لا سيما حين تفرز صناديق الاقتراع نتائج لا تصب في صالحهم، مبينا أن الديمقراطية غير قابلة للاختزال في عملية اقتراع؛ لأن الطرف الذي ينال الأغلبية، لا يحق له تغيير قواعد اللعبة السياسية حال خسارته.
ولفت إلى أن تركيا شهدت تغيير نظام البلاد السياسي، في غضون سنوات قليلة، ليتم الزج بعشرات الآلاف من الأشخاص خلف القضبان؛ وفصل آخرين من وظائفهم، بتهم فضفاضة كدعم “الإرهاب” أو الانتماء إلى حركة الخدمة التي يقودها رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن.
ويشير التقرير إلى أن التجربة السياسية في إيران بهذا الخصوص مخيفة، فبعدما أطاح الإيرانيون بنظام الشاه سنة 1979، عن طريق ثورة شعبية شاركت فيها جميع الأطياف، عاد “الخميني” إلى البلاد وأدخلها في نظام متشدد يلاحق خصومه وينكل بهم.
ويبين أنه حين حل نظام الملالي مكان الشاه، تبددت الكثير من أحلام الإيرانيين كالحرية والعيش الكريم، فعلى الرغم من إجراء انتخابات منتظمة في إيران، لا يستطيع أي شخص أن يترشح ويخوض غمار المنافسة على المنصب، إذا لم يَنَلْ الضوء الأخضر من المرشد علي خامنئي، فصارت الديمقراطية تمارس في إطار ما يراه المرشد مناسبًا للناس؛ وهو ما ينظر إليه منتقدون بمثابة وصاية وحَجْر على الشعب الذي لا يحق له أن يختار مَن يمثله بناءً على برامج انتخابية تتبارى فيما بينها.
ويوضح أن التجربة التركية مثال على الكيفية التي تصبح فيها الممارسة الديمقراطية تهديدًا للعملية الديمقراطية برمتها، كما حدث في استفتاء أبريل 2017، ؛ فبعدما قضى “أردوغان” ثلاث ولايات في منصب رئيس الوزراء (2003- 2014)؛ قرر أن يظل في السلطة؛ لكن من موقع رئيس الجمهورية، ما دام نظام الحزب لا يسمح له بأن يمكث في رئاسة الوزراء أكثر من ثلاث ولايات.
ويقول إنه بسبب أن منصب رئيس الجمهورية في تركيا ظل ذا طبيعة فخرية فقط؛ قرر “أردوغان”، أن يغير نظام البلاد السياسي من برلماني إلى رئاسي؛ حتى يتسنى له أن يظل في السلطة؛ أما شخصيات الحزب التي أبدت نفورًا من هذا النهج الاحتكاري؛ فانتهى بها المطاف على الهامش، على غرار رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو.
وناقش ترويج أنصار “أردوغان” لمقولة إن الرئيس راكَمَ تجربة ناجحة في التسيير حين كان رئيسًا للوزراء، وإذا أراد الشعب أن يعاقبه؛ فعليه أن يفعل ذلك عن صناديق الاقتراع، ويستند المدافعون في الغالب إلى عدم وجود بديل قوي لأردوغان في ظل التحديات الكبرى التي تحيط بتركيا.
ويؤكد أن القول بانتفاء البديل، لا يبدو مقنعًا للجميع؛ إذ يقول منتقدو “أردوغان”: “إن التجارب الديمقراطية الحديثة في العالم، تعتمد في الأساس على حكم المؤسسات والفصل بين سلطات البرلمان والحكومة والقضاء، أما إذا ظلت العملية السياسية تحوم حول شخص واحد؛ فذاك يعني أن خطر الفراغ محدق بالبلاد”.