مكة المكرمة (زمان التركية) – حصلت رسالة دكتوراه بعنوان “آراء حركة الخدمة العقائدية والفكرية – دراسة تحليلية”، ناقشتها كلية الدعوة وأصول الدين قسم العقيدة بجامعة أم القرى في المملكة العربية السعودية، على درجة “الامتياز” مع مرتبة الشرف الأولى.
وشهدت كلية الدعوة وأصول الدين قسم العقيدة بجامعة أم القرى في مكة المكرمة مناقشة رسالة الدكتوراه بعنوان (آراء حركة الخدمة العقائدية والفكرية – دراسة تحليلية)، المقدمة من الباحث لطفي بن عابد الأنصاري الأوسي يوم الخميس الماضي.
واستمرت المناقشة نحو ساعتين ونصف، وتم خلالها تناول جملة من الآراء الفكرية والعقدية، التي استخلصها الباحث السعودي من كتب المفكر الإسلامي التركي محمد فتح الله كولن المنقولة إلى اللغة العربية، إلى جانب أثر هذه الآراء في توجيه حركة الخدمة وتحديد أولوياتها ورسم مسارها العلمي والاجتماعي والتربوي.
وفي إطار تقييمه لمنهج فتح الله كولن بصفة عامة، قال الباحث السعودي: “إن منهجه يتسم بالتكامل والشمول، حيث يجمع فيه بين الأصالة والمعاصرة، والوحي والعقل، وبين المسطور والمنظور، فضلاً عن منهجه النقدي بخصائصه وضوابطه، ومنهج القياس التمثيلي الموجود عند الفلاسفة، والمنهج الاستقرائي والوسطية والاعتدال، ومنهج اللين والتسامح في دعوته”، ثم نوّه بأن كولن قد تناول أهم القضايا الفكرية ذات الصلة بالأمة، وجدد المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بها.
وفي سياق وصفه للآراء الفكرية والدعوية للمفكر فتح الله كولن، قال الباحث” “إنها تسير -من حيث العموم- مع القضايا الكلية لمنهج أهل السنة والجماعة بعمومه وشموله ودعوته للعدل والرحمة والإنصاف وتعظيم كلام الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والدعوة للاجتماع على الحق والتحذير من الاختلاف والتفرق”.
كما لفت الباحث لطفي بن عابد إلى أن كولن قام بترجمة أفكاره النظرية والعملية في حركة الخدمة التابع له، ووصف حركته بـ”التيار الخدمي الاجتماعي التربوي الذي لا يملك أي بنية أيديولوجية، ولا يسعى إلى تأسيس أيديولوجية دينية أو سياسية”.
ثم استعرض الباحث التاريخ الطويل لدعوة فتح الله كولن وحركة الخدمة في رسم الوجه الإيجابي المعاصر لتركيا، وأثر دعوة العلامة بديع الزمان النورسي في كثير من أفكار حركة الخدمة، إضافة للكثير من الحركات الإصلاحية المعاصرة في تركيا، ليتطرق بعده إلى منهج الأستاذ كولن في نبذ العنف والتطرف، ودعوته للتسامح حتى مع ألدّ أعدائه وخصومه.
بيّن بعد ذلك كل من الأستاذ الدكتور محمد بن سعيد القحطاني والأستاذ الدكتور البهنسي بن رزق أبو النجا، في إطار مناقشتهما للباحث، أوجه القوة والنقص في الرسالة، والتعليق على بعض المسائل العقدية التي أوردها الباحث في رسالته، لتخلو اللجنة في ختام المناقشة للمداولة، ومن ثم أُعلنت النتيجة، حيث مُنح الباحث درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
يشار إلى أن عديدًا من الجامعات على مستوى العالم، تحاول التعرف على فكر فتح الله كولن وآراءه الفلسفية والعقائدية، وحركة الخدمة التي تستلهم منه ونشاطاتها، وذلك من خلال تكليف الباحثين بإعداد رسائل جامعية وبحوث علمية. فقد نوقشت في جامعات العالم الإسلامي حتى اليوم أكثر من ثمانية عشر رسالة علمية، ما بين دكتوراه وماجستير، عن فكر فتح الله كولن ومشروع الخدمة، وعلى رأسها جامعة الأزهر والقاهرة وعين شمس والزقازيق والمنصورة بجمهورية مصر العربية، وجامعة العلوم الإسلامية العالمية، وجامعة اليرموك بالأردن، وغيرها من الجامعات.
وقال الكاتب الصحفي التركي المعروف محمد عبيد الله، في تصريحات أدلى بها لموقع “زمان التركية”: “إن هذه الرسالة بهذا العنوان وبهذه الدرجة، تحمل دلالة خاصة بالنسبة لي، حيث جاءت في الوقت الذي يتعرض فيه الأستاذ كولن لهجمة شرسة ممنهجة يقودها رجال دين -رسميون- يأخذون رواتبهم من نظام أردوغان بحيث أوصلوا الأمر إلى حد التضليل والتكفير. وأعتقد هذه الرسالة من مهبط الوحي تشكّل أفضل رد على علماء السوء في تركيا”، على حد تعبيره.