كان صاحب نظرة ناقدة؛ حيث أدرك أن عدم إقبال تلاميذ الابتدائي على كتاب المطالعة الرشيدة بسبب سوء طباعته وإخراجه بينما أعجب بنظيره من الكتب الأجنبية، مما دفعه وهو في السنة الرابعة بالمرحلة الابتدائية إلى كتابة قصة بعنوان « الأمير صفوان » دارت حول “دمر” ابن سيف بن ذي يزن، ولما عرضها على أحد الناشرين لم يحسن استقباله، مما جعله يخاف ممن لا يعرفه.
كثيرًا من القصص التي كتبها كامل كيلاني كانت ترسم لنا الطريق إلى تنمية محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم– لدى الأطفال
تشبع وجدانه بما ضمه تراثنا وذلك من خلال شاعر الربابة وبائع البسبوسة الذي كان يعقد ندوات أدبية على ناصية إحدى الحارات، وسائق الحنطور الخاص بأسرته ومربية يونانية، استمع منهم إلى بعض السير الشعبية وحكايات ألف ليلة وليلة وغيرها، وظلت عالقة بذهنه فكتب عنها من جديد فيما بعد، كانت له كتابات كثيـرة للكبار وخاصة في مجال الأدب، وترجم العديد من قصص الأطفال الإنجليزية والفرنسية والإيطالية. وفي طفولته رأي في نومه الببغاء (زمردة) التي حملته إلى وادي عبقر ليلتقي الملكة وتبشره بانه سيتوج ملكًا، وشعبه هم سكان العالم العربي، وسوف يمتد هذا الشعب إلى طشقند بالاتحاد السوفييتي، وما إن صحا من نومه حتى أمسك بالقلم ليكتب، وتحقق ما رآه، فقد عُرف عربيًا بأنه رائد أدب الأطفال، كما ترجمت كتبه إلى اللغة الروسية إلى جانب لغات أخرى.
القيم الإسلامية في كتاباته
عمل مدرسًا للغة الإنجليزية والترجمة وسكرتيرًا بوزارة الأوقاف ، وصحفيًا بعدة صحف، ولكونه أحد الشعراء المتميزين فقد شرح دواوين: ابن الرومي ، وابن زيدون، وأدار ندوة أسبوعية شاملة في منزله كان من روادها كبار الشخصيات مثل أحمد شوقي وأنور الجندي، وخليل مطران، وسيد إبراهيم (الخطاط) وغيرهم .
وبحكم نشأته الدينية وتردده على مجالس العلم في الأزهر اهتم بالقيم الإسلامية في كتاباته سواء للكبار أو الصغار، والتي ترجم معظمها مما كان له أكبر الأثر في تعريف الغرب المادي بروحانيات الشرق الإسلامي وعظمة ديننا الحنيف، كان مدركًا لأهمية تقوية إيمان الطفل بالله من خلال أدب يقدم للطفل، يربط ماضيه بحاضره، ويوقظ داخله مشاعر الاعتزاز بأمته العربية الإسلامية، ويحثه على استنهاض روح العمل والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والخلفاء والعلماء والفقهاء والأئمة الذين اهتموا ببناء صرح الحضارة الإسلامية.
ونلمس في قصصه وكتبه للأطفال لمحات إيمانية عظيمة، حيث أكد أهمية قراءة القرآن وتدبر معانيه ، الأمر الذي يجعل الطفل مؤمنًا عن يقين بالله الخالق الأعظم، وبناء شخصية إسلامية حقة ملتزمة بدينها، لها عبادة ربانية تقربها من الله عبر السلوك والعبادات والمعاملات وطاعتها له وتوكلها عليه سبحانه وتعالى. كل هذا يجعل الطفل عندما يكبر صاحب همة عالية وإرادة يعمل بجد ويسم في الرقي بالأمة والحفاظ على تراثها الذي يعد تراثا إنسانيا . كما تناول في كتاباته ضرورة تقديم السنة المطهرة بشكل بسيط واتخاذ رسولنا الكريم – صلى الله عليه وسلم – قدوة حسنة، وبيان كيف أن القرآن يقدم للطفل الفهم الصحيح لمحبة النبي. وقد أفاد من عمله بالتدريس في الحفاظ على الجانب التربوي سواء في كتاباته أو ترجماته للقصص غير العربية بحذف ما لا يتفق مبادئ ديننا، فرأى أن إسلوب القصص هو أسلوب تربوي ناجح ومؤثر في وجدان الطفل من حيث مساعدته على تنمية القيم والفضائل ودفعه إلى السلوك السوي، وخاصة تلك القصص التي تتعلق بالسيرة النبوية وحياة الصحابة والصحابيات، فهي تملأ قلوب الأطفال بهجة، وكذلك التأكيد على حسن اختيار الأصدقاء.
تناول في كتاباته ضرورة تقديم السنة المطهرة بشكل بسيط واتخاذ رسولنا الكريم –صلى الله عليه وسلم– قدوة حسنة، وبيان كيف أن القرآن يقدم للطفل الفهم الصحيح لمحبة النبي.
ومن الجدير بالذكر أن كثيرًا من القصص التي كتبها كامل كيلاني كانت ترسم لنا الطريق إلى تنمية محبة الرسول – صلى الله عليه وسلم– لدى الأطفال، من خلال البيئة الصالحة التي تحقق هذا الهدف، وهنا تقع المسئولية على الأسرة والمؤسسة التعليمة والمجتمع (2).
وكان كامل كيلاني من المنظور التربوي أيضًا يدرك أن الأنشطة التربوية من شأنها تنمية محبة النبي لدى الأطفال، بما تتضمنه من إشباع حاجاتهم للمرح وإدخال السرور إلى قلوبهم. ومن ثم تترجم إلى سلوكيات، بعيدًا عن الغلو والجفاء، ومن خلال أسلوب تربوي جذاب ومشوق (3)، ومن جانب آخر فقد كان أديبنا الراحل يؤمن بأنه إذا أحسنا اختيار الأنشطة الدينية التي يمارسها الأطفال لأصبح لدينا أجيال متدينة دون غلو، تقدس العمل، وتسعى بحق في الحفاظ على الكون، لتثبت في النهاية أن الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس.
وأخيرًا … هل لنا أن نتساءل : لماذا لا تستعين مكتبات المدارس بقصص هذا الأديب أو غيره بدلاً من وجود قصص تتناول أحداثًا لا تمت لواقعنا بصلة ووقائع ذات مغزى غرامي وأحيانا جنسي ؟
بقلم/ فوزي تاج الدين محمد