لندن (زمان التركية) – لا يزال التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا محتدمًا، ويسرد متخصصون في العلاقات الدولية عديدًا من استراتيجيات يصر الطرفان على اتباعها كسبب رئيس يقف وراء استمرار هذا التوتر.
في هذا الصدد، أوضح السفير التركي السابق لدى الولايات المتحدة فاروق لوغ أوغلو أن وصول العلاقات الأمريكية التركية إلى تلك المرحلة المتأخرة، ربما يكون الأول من نوعه في تاريخ العلاقة بين البلدين، يرجع إلى أسباب عديدة، وآخر تلك الأسباب وأخطرها هو الإصرار التركي على إتمام صفقة منظومة S400 الصاروخية الروسية التي تعتزم تركيا شراءها، في حين أن أمريكا بكل مؤسساتها تعارض إتمام تركيا -وهي شريكة الولايات المتحدة بحلف الناتو- لتلك الصفقة خوفًا من استخدام الصواريخ الروسية ضدها .
وأكد السفير التركي السابق أنه على الرغم من أن لتركيا كامل الحق في شراء هذه الصواريخ، ولكن المشكلة هنا تكمن في أن استخدامها هذا الحق سيؤدي إلى حدوث الكثير من المشكلات، مما سيعود بالضرر علي تركيا من الناحية السياسية والاقتصادية، بحسب رأيه.
وتحدث السفير التركي السابق لدى الولايات المتحدة في مقابلة له مع “أحوال تركية” عن المواقف التركية تجاه بعض القضايا الحالية، التي لاقت معارضة ونقضًا من الولايات المتحدة ، منها الدعم التركي لرئيس فنزويلا مادورو مؤخراً، في حين اتخذت أوروبا والولايات المتحدة موقفاً معاكسًا لها .
وانتقل لوغ أوغلو بحديثه إلى خطأ السياسة التركية منذ البداية في الملف السوري، وقال: “في رأيي الشخصي، إنه لم يكن هناك داعٍ لأن تفكر أي من الولايات المتحدة أو تركيا في إقامة منطقة آمنة في سوريا؛ لأن سوريا تمتلك بالفعل سياسة تستطيع بها دعم الأمن الإقليمي لتركيا. وبناءً على هذا، فشرق الفرات أرض سورية، وينبغي أن تكون الحكومة السورية هي وحدها صاحبة السيادة عليها، كما يجب أن تكون الحدود السورية تحت سيطرة القوات السورية وحدها، دون تدخل من جانب تركيا أو أي طرف آخر”.
ولفت السفير التركي إلى حقيقة العلاقة الاستراتيجية بين أمريكا وتركيا، التي اعتبر أنه من الصعب تقييم تلك العلاقة تحت عنوان الصداقة أو التحالف.
واستدل لوغ أوغلو هنا بالزيارات التي قامت بها سيدة الولايات المتحدة “ميلانيا ترامب” إلى المدارس الأمريكية التي تقع تحت إدارة تابعة لحركة الخدمة، التي يعيش ملهمها فتح الله كولن في ولاية بنسلفانيا الأمريكية”، قائلاً: “إنه إذا كانت هناك علاقة صداقة حقيقية بين تركيا والولايات المتحدة، فهذا يعني أنه على أميركا تسليم كولن لتركيا، ولكن الزيارة التي قامت بها ميلانيا كانت تحمل رسالة على النقيض من ذلك تماماً”.
وتخوف الدبلوماسي التركي من احتمالية حدوث حرب باردة من الممكن أن تستخدم فيها تركيا من قبل روسيا، فروسيا تطمح في أن تتبوأ نفس مكانة الولايات المتحدة والصين. من أجل هذا، يحاول الرئيس الروسي بوتين أن يستغل تنصل ترامب من حلف الناتو في إيجاد قنوات لإضعاف التضامن بين دول الحلف، وبالطبع كان تودده إلى تركيا أحد هذه الوسائل للوصول إلى هدفه.
وقدم السفير السابق لتركيا في الولايات المتحدة عددًا من النصائح لتفادي الأخطاء، التي من ممكن أن تغرق تركيا في المزيد المشاكل والنزاعات.
أولا: يجب أن يكون محور السياسة الخارجية التركية، كما هو مكتوب في مقدمة الدستور، ديمقراطيًا علمانيًا، وأن يستند إلى حكم القانون ومبادئ الدولة الاجتماعية.
ثانياً: إن تركيا بحاجة ماسة إلى سياسة خارجية جديدة متوازنة؛ توازن من خلالها بين علاقتها مع الشرق والغرب.
ثالثاً: ضرورة حفاظ تركيا على موقعها في حلف شمال الأطلسي، لما له من أهمية كبرى في الحفاظ على الأمن القومي التركي.
ويحذر السفير التركي من خطورة تحول العلاقات التركية الروسية قائلاً: “يبين لنا التاريخ أهمية أن يكون لتركيا علاقة جيدة مع روسيا، ولكن الخطورة الحقيقية في هذا الأمر أن تتحول علاقة التحالف بين الدولتين إلى علاقة تبعية لروسيا. ولا يخفى على أحد أننا نعتمد على روسيا، بشكل كبير للغاية في الوقت الحالي، لتأمين احتياجاتنا من الطاقة؛ مما قد يشكل خطراً كبيراً على تركيا في وقت الأزمات؛ لأن روسيا ليست تلك الدولة التي يمكن التعويل عليها كثيراً”، على حد تعبيره.