طرابلس (رويترز) – من المحتمل أن تمنع الحكومة المنافسة التي تتولى الحكم في العاصمة الليبية طرابلس مبعوثا للامم المتحدة من دخول الأراضي الخاضعة لسيطرتها في خطوة من شأنها أن تزيد من صعوبة التفاوض على انهاء الصراع المسلح على السلطة الذي يهدد بتمزيق البلاد.
وتتولى السلطة في ليبيا حكومتان منذ أغسطس اب الماضي عندما استولت جماعة تطلق على نفسها عملية فجر ليبيا على طرابلس بالقوة وأرغمت الحكومة المنتخبة المناهضة للاسلاميين برئاسة عبد الله الثني رئيس الوزراء على الانتقال إلى مقر يبعد ألف كيلومتر إلى الشرق.
ويقول خصوم عملية فجر ليبيا إنها مدعومة من الاسلاميين.
وينتمي الحكام الجدد في العاصمة الليبية لتحالف جماعات بقيادة عمر الحاسي تقول إنها ساهمت في الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011 وتنفي أي صلة لها بالاسلاميين. ولا تعترف الأمم المتحدة أو القوى العالمية بهذه الحكومة لكنها تسيطر على الوزارات ومنشات نفط ومطارات ومساحة شاسعة من غرب ليبيا ووسطها.
وفي سبتمبر ايلول بدأ المبعوث الخاص للامم المتحدة برناردينو ليون محادثات لانهاء الصراع لكن الجانبين تجاهلا الدعوات لوقف اطلاق النار. وأدى استمرار العنف أيضا إلى تضاؤل الاحتمالات بالنسبة للمحادثات.
وقالت حكومة الحاسي إنها ستقيد دخول ليون إلى ليبيا لتقلص الدور الذي يمكن أن يلعبه في المحادثات إن لم يعترف بحكم أصدرته المحكمة العليا.
وقال محمد الغيراني وزير الخارجية لرويترز “هذا السيد ليون أنا قلت فيه أكثر من مرة إنه شخص غير مرغوب فيه ويمنع من أن يدخل ليبيا بالكامل (لعدم) حياديته ولاتخاذه للجانب الآخر.”
وأضاف أن ليون أبدى عدم احترام للقانون الليبي برفضه الاعتراف بالحكم الذي قضى بعدم دستورية مجلس النواب الذي انتخب في يونيو حزيران الماضي ويعمل انطلاقا من شرق البلاد مثل الثني.
وقال منتقدون إن القضاة ربما لا يكونون مستقلين برأيهم لان المحكمة تقع في طرابلس. لكن الغيراني قال إن القضاة لم يتعرضوا لأي ضغط في المحكمة التي أثنى عليها دبلوماسيون غربيون في السابق باعتبارها من أكفأ مؤسسات الدولة.
وكان الحوار بين الجانبين بدأ في مدينة غدامس الجنوبية وشارك فيه نواب من مدينة مصراته الغربية التي ينتمي إليها أغلب قيادات عملية فجر ليبيا.
لكن لم تشارك حتى الان الجماعات المسلحة التي تمثل القوة الحقيقية في بلد أضعف من مؤسساته استمرار نظام حكم الفرد لمدة 42 عاما.
وقد أعادت حكومة الغيراني البرلمان السابق المسمى المؤتمر الوطني العام.
واجتمع ليون مع نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني العام رغم أن مسؤولين في الامم المتحدة قالوا إنه لم يلتق به بصفته الرسمية.
* معايير مزدوجة
وقال الثني وقائد القوات المؤيدة له اللواء السابق خليفة حفتر إن حكومة الحاسي يدعمها اسلاميون متشددون. وينفي مسؤولون في حكومة الحاسي ذلك ويقولون إن الثني يحاول إعادة المسؤولين السابقين من عهد القذافي.
وعمل حفتر في القوات المسلحة الليبية في عهد القذافي إلى أن اختلف معه في الثمانينات.
واتهم الغيراني مجلس الأمن التابع للامم المتحدة بازدواجية معاييره لانه وصف جماعة أنصار الشريعة الاسلامية المتشددة بانها ارهابية ولم يصف حفتر الذي أعلن الحرب على الاسلاميين بذلك.
واتهمت واشنطن جماعة أنصار الشريعة بأنها وراء هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي عام 2012 أدى إلى مقتل السفير الأمريكي.
وقال الغيراني إن بعض أعضاء جماعة أنصار الشريعة قد يكونون من المتطرفين لكن حفتر لا يلقى أي انتقاد للضربات الجوية التي يشنها على بنغازي وغرب ليبيا بمساعدة مصر والامارات.
ونفى البلدان المشاركة في الضربات. ويقول حفتر إنه لا يستهدف سوى مواقع الاسلاميين.
وعمل الغيراني بالسلك الدبلوماسي وكان سفيرا لليبيا لدى الأردن حتى انضم إلى حكومة الحاسي.
وقال إنه سيتعين على المجتمع الدولي قبول الحاسي لانضمام وزارة الخارجية وأكثر من 2000 من العاملين فيها بالاضافة إلى سفارات ليبيا في المغرب وبلجيكا والاردن وروسيا وغيرها إليه.
وأضاف أن 15 فقط من موظفي وزارة الخارجية انتقلوا إلى مدينة البيضاء في الشرق التي يعمل الثني انطلاقا منها. ولم تستطع رويترز التحقق من ذلك.
وانتقلت أغلب السفارات الغربية والعربية من طرابلس في الصيف عندما تصاعدت حدة القتال ورفضت العودة رغم تحسن الوضع الامني وعودة الحركة إلى المتاجر والمقاهي من جديد.
وقال الغيراني مشيرا إلى شارع يموج بالحركة خارج مكتبه إن الوضع في طرابلس عادي تماما.
واحتفظت بعض الدول الاوروبية التي لها مصالح تجارية كبرى في ليبيا مثل ايطاليا بدبلوماسيين في طرابلس رغم رفضها مقابلة الغيراني.
وقال الوزير إن لهذه الدول سفارات لكنها لا تتعامل مع حكومة الحاسي. وأضاف أنه حتى عندما عقدت اجتماعات كانت غير رسمية وأبدى تعجبه من تصريحات هذه الدول أنها تدرس الوضع.
وقال أيضا إن الحكومة مستعدة لدفع تعويضات للشركات من قطاع النفط وغيره من الصناعات التي لحقت بها أضرار خلال القتال إذا عادت.