تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (زمان التركية) – قال السياسي الكردي البارز رئيس مؤتمر المجتمع الدّيمقراطي خطيب دجله إن النظام الحالي في تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان يفرض على الشعبين التركي والكردي أن يعيشوا “ألمانيا هتلر في ثلاثينات القرن الماضي”، مؤكدًا أن فرصة نجاح هذه “الإدارة القمعية الفاشية” منعدمة.
وفيما يتعلق بما تعرضت له المناطق الكردية في شرق وجنوب شرق تركيا، خاصة بعد عام 2015، عبر “دجله” عن اعتقاده الجازم بأن الأمم المتحدة ستصّنف في المستقبل ما حدث في المدن الكردية في ذلك الوقت ضمن جرائم الحرب.
وفي إطار تعليقه على ما سمي سابقا تحالُف “دولما باهجه” الذي انطلق في 2015 بين حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وحكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة أحمد داود أوغلو لإقامة السلام الكردي، قال خطيب دجله: ” كان لبّ وأساس هذا التحالف أننا رأينا أن المشكلة الجوهرية في تركيا هي غياب الديمقراطية، ونحن قررنا مع حكومة داود أوغلو مناقشة هذه القضية لتطوير حلول لها، من خلال وضع دستور ديمقراطي برؤية ومنظور جديدين”.
في تصريحات أدلى بها لموقع “أحوال تركية” بشأن مفاوضات السلام التي أجراها آنذاك وفد من المخابرات وآخر من الحزب الكردي مع حزب العمال الكردستاني وزعيمه المسجون عبد الله أوجلان، قال دجله: “أوجلان كان يريد عقد مؤتمر عام ليعلن فيه انتهاء مرحلة الكفاح المسلح ضد تركيا بعد التوصل مع الحكومة إلى حل ديمقراطي في هذا الصدد. لكنه لم يرغب بتسوية المشاكل عبر أساليب الهندسة الاجتماعية، بل بإشراك المجتمع في هذه العملية أيضًا، من دون الحاجة إلى تدخل طرف ثالث كالأمم المتحدة”.
ثم استدرك دجله قائلاً: “إلا أن هذه الحملة الديمقراطية الرامية إلى ترسيخ السلام مع الأكراد خرّبتها وعرقلتها إدارة أردوغان الفاشية، ودفعت بتركيا إلى مرحلة دامية، وضاعت فرصة تاريخية. كان العمال الكردستاني أعلن أكثر من ثماني مرات هدنة، وكانت الاشتباكات توقفت بين القوات الأمنية والعسكرية وعناصر العمال الكردستاني لأول مرة، وكان الجميع متفائلاً، إلا أنه تبين فيما بعد أن الحكومة لها أجندة أخرى”.
وزعم دجله أن الحكومة حاولت فرض إملاءات في بعض القضايا، ولما رفض أوجلان والشعب الكردي هذه الإملاءات أطاحت الحكومة (برئاسة أردوغان) بطاولة مفاوضات السلام الكردي، وتابع قائلاً: “إن الوضع الذي آلت إليه تركيا بعد الاقتراب من داعش والتنظيمات الجهادية ظاهر للجميع. وإذا لم تقف شعوبنا بشكل جماعي وفعّال في وجه هذه الكارثة فإننا أكرادًا وأتراكًا يمكن أن ندفع ثمنًا باهظًا مثلما دفع الشعب الألماني بعدما انساق وراء أدولف هتلر”.
ادعى دجله الذي كان ضمن الوفد الكردي الذي قابل أوجلان في منفاه بجزيرة إمرالي غرب تركيا أن سياسات أردوغان هي المسؤولية بالدرجة الأولى على إقدام مليشيات كردية تابعة للعمال الكردستاني على حفر خنادق ووضع حواجز لمواجهة القوات الأمنية، حيث قال: “مجموعة من الشباب الأكراد أكدوا لي حينها أنهم أقدموا على ذلك بعد صدور قرارات ضبط جديدة بحقهم، ونقلتُ لهم قول أوجلان بأن خطوتهم هذه لا تصبّ في مصلحة الأكراد في وقت نجري فيه مفاوضات من أجل السلام. وفي نهاية المطاف توصلنا إلى اتفاق وهو: أن الشباب كانوا سيكشفون عن الخنادق ويغطونها بدعم البلدية، وكانت القوات الأمنية ستتراجع عن قرار إلقاء القبض عليهم. إلا أن أردوغان لما أطاح بطاولة مفاوضات السلام، رغم التوصل مع حكومة أحمد داود أوغلو إلى توافق 28 فبراير/ شباط 2015، عادت تركيا إلى أيام الحرب مرة أخرى. وعلمنا فيما بعد أن الدولة وضعت خطة لعرقلة مفاوضات السلام في الوقت عينه الذي كانت فيه تتفاوض مع العمال الكردستاني بغية إقامة السلام”.
وتطرق السياسي الكردي خطيب دجله إلى الدمار الذي تعرضت لها المدن ذات الأغلبية الكردية بحجة مكافحة الإرهاب، قائلاً: “صدقوني لو رأيتم وضع يوكسك أوفا ونصيبين وغيرها من البلدات بعد عودة الاشتباكات لخيّل إليكم وكأن زلزالاً بقوة 10 -درجات على مقياس ريختر- ضربها ودمرها. لقد دمرت 6 أحياء بالكامل مثلما قصف هتلر أحياء اليهود في ألمانيا. كان من المفروض أن تستخدم الدولة قوة محدودة ضد بضعة شباب مسلحين، إلا أنها توجهت إلى تدمير مناطق سكنية بالمروحيات والدبابات بل حتى بالطائرات الحربية في بعض البلدات، وقد تم حرق أكثر من 180 شخصًا في الطوابق السفلية من المنازل في بلدة جزرة وهم أحياء”.
واختتم دجله تصريحاته مؤكدًا أن أردوغان وحكومته يطبّقون في تركيا نظام هتلر تمامًا، وأردف: “وكما أن هتلر قاوم دون تراجع حتى أطلق الرصاصة على رأسه، فإن هؤلاء لا يملكون خطة ولا نية للتراجع، بل سيقاومون هم أيضًا حتى النهاية. ومع أنني متفائل من تحقيق السلام الكردي في تركيا آجلاً أم عاجلاً إلا أننا لا ننتظر ذلك على يد هذا النظام الفاشي”، على حد تعبيره.
يذكر أن خطيب دجله نجح في الدخول إلى البرلمان التركي كمرشح مستقل من مدينة ديار بكر بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو / حزيران 2011، إلا أن المجلس الأعلى للانتخابات ألغى عضويته البرلمانية بحجة إدانته السابقة بتهمة الإرهاب، ما دفع زملائه الآخرين إلى مقاطعة البرلمان.
وكان رضا تورمان، السفير التركي السابق لدى مجلس أوروبا والقاضي في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أدان قرار المجلس الأعلى للانتخابات بإلغاء عضوية دجله البرلمانية، قائلاً: “القرار ليس مخالفًا للقوانين الدولية فقط، وإنما هو مخالف للقانون والدستور التركي أيضًا”.
وأعيد انتخاب دجلة انتخب في عام 2014 مرة أخرى كرئيس مشارك لمؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردي.