القاهرة (زمان التركية)ــ قال تقرير أصدره مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن جماعة “الإخوان المسلمين” تتمزق وتتحلل نتيجة صراعاتها الداخلية، وأن تركيا الداعم لقيادات وعناصر الجماعة، تدرس التخلص منهم بعدما بات هناك “إجماع لدى النظام التركي على الخسائر الاقتصادية التي أصابته لتبنيه الجماعة الإرهابية“.
“تفكك وانحلال“
قال المرصد التابع لدار الإفتاء في تقرير له، مساء أمس، إن وحدة التحليل والمتابعة المنبثقة عنه “كشفت أن جماعة الإخوان الإرهابية تعيش حالة من الذعر بعدما أيقنت بافتضاح كذبها أمام الدول الحاضنة منذ ثورة 30 يونيو/ حزيران عام 2013” لافتا إلى أنها “تعاني انقسامات وسط صفوفها في تركيا، بما يؤكد انتقال الجماعة من حالة التماسك والوحدة التنظيمية إلى حالة التفكك والانحلال، نتيجة الضغوط الدولية التي تحيط بها بعدما انكشفت حقيقتها الإرهابية أمام دول العالم أجمع”. بحسب صحيفة (النهار).
ووصف التقرير العلاقة بين “الإخوان المسلمين” والنظام التركي بأنها “انتهازية تغلبها المصالح المتبادلة، وأن طموحات النظام التركي وتطلعاته المستقبلية تعارضت مع مشروع الجماعة، مما أصابها بانتكاسة كبرى وخيبة أمل في استمرار الدعم التركي لمشروعها التخريبي مستقبلاً في ظل إجماع النظام التركي على الخسائر الاقتصادية التي أصابته لتبنيه الجماعة الإرهابية”.
“كل المؤشرات والشواهد والممارسات اليومية تكشف اتساع الفجوة بين أجنحة الإخوان المتصارعة في تركيا” حسبما يؤكد التقرير، “بعدما قامت أنقرة بتسليم عدد من المحكوم عليهم إلى الحكومة المصرية، ومنهم هارب من حكم غيابي بالإعدام، مما يؤكد انتهاء شهر العسل بين الجماعة والنظام التركي”.
ويذهب تحليل المرصد إلى أن “الموقف التركي الجديد الذي يريد تلميع صورته أمام العالم تسبب في رعب وفزع جماعة الإخوان بتركيا، حيث أصبحت الجماعة ترى أن وجودها الكثيف في تركيا أصبح يمثل لونًا من المخاطرة بعدما ثبت سعي تركيا للتخلص من الحصار العربي القائم والدولي المرتقب؛ نتيجة إيوائها لعناصر مطلوب القبض عليها للمتابعة أو تنفيذ أحكام معينة خاصة”.
“علاقة قوية“
ومن جانبه يقول مدير مركز دراسات الإسلام السياسي مصطفى حمزة لـ”النهار”: “بشكل واضح وصريح، شهر العسل بين الإخوان وأردوغان لم ينته بعد، والملاحقات الأمنية التي تقوم بها السلطات التركية هي عملية متأخرة، وهدفها تبييض وجه نظام رجب طيب أردوغان”.
ويضيف حمزة: “الدليل على ذلك أنهم قرروا منع دخول أي عنصر من جماعة الإخوان بجوازات سفر مزورة، وهذا معناه أيضاً، أن من يحمل جواز سفر رسمياً يمكنه الدخول إلى تركيا، كما أن هذا القرار لا معنى له الآن، ببساطة، لأن كل من تريد أنقرة احتضانه من الجماعة قد دخل إلى تركيا على مدار السنوات الماضية”.
ويرى مدير مركز دراسات الإسلام السياسي أن “القرار له أهداف ترتبط بأطراف دولية، بعيداً عن تخلي أردوغان عن الإخوان، فالمصالح التي قادت للتحالف بينهما ما زالت قائمة ومستمرة، وتركيا ما زالت الملاذ الآمن لقيادات وعناصر الجماعة حتى اليوم”.
وحول الصراع الذي يدور في صفوف الجماعة ويعتبره محللون من علامات سقوط التنظيم يقول حمزة “نعم هناك صراعات وانشقاقات داخل الجماعة حالياً، ولكنها ليست المرة الأولى، وقد حدثت في عهد المرشد الثاني حسن الهضيبي (1891 – 1973) صراعات أكثر ضراوة من ذلك، ووصلت إلى مكتب الإرشاد، ولم تؤثر على استمرار وبقاء الإخوان المسلمين، لأنه تنظيم دولي، وهناك أطراف دولية تدعمها”.
“مصالح راسخة“
ويرى محمد حامد الباحث في العلاقات الدولية أن “صلة الجماعة بالنظام التركي الحالي، قوية لدرجة تفوق تصورنا، ومن الصعب أن تتفكك”.
ويقول حامد لـ”النهار”: “إن موضوع الشاب (محمد عبد الحفيظ) الذي سلّم إلى مصر، مؤخراَ، جاء نتيجة خطأ بيروقراطي داخل مطار أتاتورك، وليست له علاقة باتصالات بين الجانبين. وأنقرة تقامر بكل ما لديها حاليا من أجل حركات الإسلام السياسي”.
ويؤكد الباحث في العلاقات الدولية “أن جميع رجال الأعمال والقيادات الإخوانية الهاربة من مصر، يستثمرون في تركيا، وبعضهم حصل على الجنسية التركية، مقابل قرابة 250 ألف دولار، وبالتالي فهم يشكلون شريان حياة لتغذية الاقتصاد التركي”.
“لكن أيضا، صحيح أن الجماعة تعاني من التفكك، وتعدد القيادات، ولم تعد على قلب رجل واحد، وقد تغيرت أفكار عناصرها خلال السنوات الأخيرة، وحدثت انشقاقات كبيرة في صفوفهم” يقول حامد، “لا يوجد شيء موحد يلتفون حوله. كثيرون لا يعترفون بأفكار إبراهيم منير (نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة)، وكثيرون غيرهم يؤيدون محمد كمال (القيادي بالجماعة)، الذي أسس خلايا تكفيرية وإرهابية مثل (لواء الثورة) و(أجناد مصر)، وبالتالي فإن تنظيم الإخوان مشتت، وفي حالة استقطاب كبير بين تيار يسعى للتوصل لمصالحة مع النظام المصري، وتيار آخر يستخدم السلاح في مواجهته بهدف إسقاطه”.
وأثارت علاقة نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ذي الخلفية الإسلامية، بجماعة “الإخوان المسلمين” -التي تصنفها مصر منظمة إرهابية- موجات من التوترات السياسية والإعلامية بين القاهرة وأنقرة على مدار السنوات الست الماضية.
وبدت العلاقة بين أردوغان والجماعة منذ صعود “الإخوان المسلمين” إلى سدة الحكم بمصر في أعقاب ثورة 25 يناير / كانون الثاني 2011، وثيقة للغاية، وهي العلاقة التي يرى خبراء ومتخصصون أنها ما زالت قوية حتى اللحظة، على الرغم من تأكيدهم على أن الجماعة باتت مفككة أكثر من أي وقت مضى.