بقلم: مايسترو
تعتمد كافة الدول في مواجهتها للجرائم الإرهابية على الشراكة المجتمعية، التي من شأنها تعزيز جهود الأجهزة الأمنية في مهامها المختلفة لهذه المواجهات، ومن أهم صور تلك المشاركة الإبلاغ عن تلك الجرائم؛ وتُبذل الكثير من الجهود لتوعية الجمهور بأهمية هذه المشاركة؛ بل وتضع التشريعات عقوبات على عدم الإبلاغ عن الجرم الإرهابي رغم العلم به؛ وفي هذا السياق ذهبت المادة 33 من القانون المصري رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب إلى أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من علم بوقوع جريمة إرهابية أو بالإعداد أو التحضير لها، أو توافرت لديه معلومات أو بيانات تتصل بأحد من مرتكبيها، وكان بمكنته الإبلاغ ولم يبلغ السلطات المختصة.
ولا يسرى حكم الفقرة السابقة من هذه المادة على الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع الجاني ” ووفقاً لهذا النص العقابي يُحَاسب الشخص الذي يعلم بجرم إرهابي ولم يبلغ عنه السلطات رغم إمكانية قيامه بهذا الإبلاغ؛ وتستثني المادة فقط الزوج والزوجة وأصول وفروع الإرهابي، حيث يتفق الاستثناء مع الطبيعة البشرية والفطرة، فمن غير المنطقي أن يُلزم المشرع أم أو أب بالإبلاغ عن ابن لهما إرهابي.. وقصر المشرع هذا الاستثناء على فئة قلية من الأقارب؛ فالأخ أو الخال وغيرهما لا استثناء لهم وفقاً للنص.. !
ونقدم في هذا السياق مقترحاً لمعالجة الإبلاغ من خلال تعديل لأحكام الإعفاء؛ التي تهدف بحسب الأصل منع وقوع الجرم الإرهابي، مع الحفاظ على الوشائج الأسرية واحترام المشاعر الإنسانية المؤسسة على اعتبارات القرابة، بجانب توفير آليات للمعالجة الفكرية للإرهابي؛ وذلك باقتراح تعديلات تشريعية يصبح بموجبها نص الإعفاء المقترح على النحو الآتي:
” يُعفى من العقوبات المقررة للجرائم الإرهابية كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات العامة المختصة قبل تنفيذ تلك الجرائم بوقت مناسب يكفي لدرء مخاطرها، أو بعد البدء في تنفيذها بشرط أن يترتب على الإبلاغ منع وقوع أخطار جسيمة كانت ستتحقق حال استمرار الجناة في تنفيذهم لكافة مراحل الجرم الإرهابي.
ويسري الإعفاء بالنسبة للجاني الذي تم الإرشاد عن جريمته من زوجه أو أحد من أصوله أو فروعه أو أقاربه أو أصهاره أو أصدقائه؛ شريطة أن يتم الإرشاد وفقاً للضوابط السابق الإشارة إليها. ويحكم القاضي على الجاني المعفَى من العقاب بالحجز في مصحة فكرية لمدة لا تقل عن عام، وتجدد سنوياً بحد أقصى مدته سبعة أعوام “.
وتُستكمل ضوابط الظروف العقابية المخففة بأن يكون للمحكمة تخفيف العقوبة المقضي بها في الحالات الآتية :
الأولى : إذا أرشد أحد الجناة في جريمة إرهابية أو أحد الشركاء فيها السلطات عن باقي مرتكبيها أو الشركاء الآخرين، بحيث يُمكنها من القبض عليهم أو بعضهم.
والثانية : أن يقوم الجاني بالإرشاد الذي يؤدي إلى القبض على مرتكبي جـريمة إرهابية أخـرى مماثلة في النوع والخطورة للجريمة المتهم بارتكابها.
الأخيرة : إذا تم الإرشاد الصادر عن الزوج أو أحد الأقارب أو الأصدقاء بعد وقـوع الجريمة، طالما أدى هذا الإرشاد إلى القبض على الجناة، أو عناصر أساسية منهم.
ـــ ويشترط في الإرشاد أن يكون جاداً ومحدداً ومنتجاً لأثره، ما لم تتقاعس أو تفشل السلطات المعنية في ضبط الجناة لسبب لا دخل فيه لمن قام بالإرشاد، على أن يتم هذا الإرشاد وينتج أثره قبل أن تقرر المحكمة حجز القضية للحكم.
ولعلنا بهذا نشجع فئات كثيرة على الإبلاغ عن الجرائم الإرهابية والإرهابيين، وذلك من خلال العفو أو التخفيف العقابي المقرر كمحفزات للإبلاغ؛ فالمبدأ المتبع هنا هو ” الغنم بالغنم ” أي كما أن السلطات حققت غُنماً يتمثل في منع الجرم الإرهابي أو القبض على عناصر إرهابية؛ فالمُبلغ القريب من المتهم الإرهابي يَغنم أيضاً بعفو أو تخفيف عقابي للمتهم، يقرره المشرع كرامةً لإبلاغه.
تعليق على خبر هام :
تابع العالم مؤخراً خبر تسليم تركيا للشاب الإخواني محمد عبد الحفيظ، المحكوم عليه بالإعدام في قضية اغتيال النائب العام المصري، ولم تفصح السلطات سواء في مصر أم تركيا عن الأسباب أو التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع؛ ومن المؤكد أن هذا التسليم تم في إطار صفقة بين الأجهزة الأمنية، ولعل هذا ينبئ عن توقع اتمام صفقات أخرى؛ فالبرجماتية الأردوغانية ليس لها حدود.. هذا وتعلم العناصر الإخوانية علم اليقين بأن من هانت عليه دولته وفقد الوطنية والانتماء سينظر إليه الداعم له وغيره نظرة دونية.. فهم قد فقدوا كرامتهم بعدائيتهم لوطنهم.. وهذا هو الفارق الجسيم بين أتباع حركة الخدمة في تركيا وخارجها والإخوان في مصر والعالم. |