تقرير: محمد عبيد الله
إسطنبول (زمان التركية) – تواصل وسائل الإعلام التركية المقربة من الرئيس رجب طيب أردوغان تجاوزاتها وهجومها على مصر ورئيسها عبد الفتاح السيسي.
فقد نشرت جريدة “يني عقد” المعروفة بقربها من الرئيس أردوغان خبرًا جديدًا عن مصر بأسلوب لا يتلائم لا مع القواعد الأخلاقية والمهنية الصحفية ولا القواعد الدبلوماسية.
وعلقت الجريدة على خبر موافقة صندوق النقد الدولي على منح مصر الدفعة الخامسة من القرض المتفق عليه بقيمة 12 مليار دولار أمريكي بغرض دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته مصر منذ عام 2014.
وأوضحت الجريدة أن الحكومة المصرية توصلت لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في عام 2016 من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار أمريكي، في مقابل الإصلاحات الاقتصادية الجديدة التي تشمل تعويم العملة المحلية المصرية.
إلا أن الجريدة التركية استخدمت عبارات مهينة للدولة المصرية والرئيس المصري في عنوان خبرها، تكشف من خلاله عن مستوى أخلاقي منحط لصانعي الإعلام حاليا في تركيا، حيث استخدمت في العنوان عبارة: “صندوق النقد الدولي يلقي عظمة للسيسي”.
ولكن اللافت أن جريدة يني عقد التي تجاهلت أيضا الحديث عن تسديد مصر القرض التركي، تتجنب تمامًا الحديث عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا ومعدلات التضخم المرتفعة للغاية والتي تجاوزت 20%، وتفضّل تسليط الضوء على الاقتصاد المصري، بأسلوب يدل على المستوى الأخلاقي الذي تراجعت إليه تركيا في ظل حكم العدالة والتنمية.
وبينما بلغ معدل التضخم في تركيا لشهر يناير/ كانون الثاني 1.06%، ووصل على المستوى السنوي إلى 20.35%، وانعكس ذلك على أسعار السلع الأساسية مثل الباذنجان الذي سجل زيادة قدرها 80.94%، والسبانخ التي سجلت زيادة قدرها 67.63%، إلا أن الصحف التركية تعمدت إخفاء ارتفاع معدلات التضخم الذي أعلنته قبل أيام هيئة الإحصاء التركية.
فقد تناولت الصحف التركية الخبر على استحياء شديد، فالبعض تجنب وضع الخبر في الصفحة الأولى، والبعض اكتفى بنقل الخبر في جملة واحدة فقط. والبعض الآخر من الصحف أشار إلى ارتفاع معدلات التضخم من خلال توضيح ارتفاع سعر “الفلفل” بنسبة 87%.
كذلك انعكست معدلات التضخم في تركيا على معدلات البطالة التي أصبحت في تزايد وارتفاع مستمر بشكل ملحوظ، حيث أظهرت التقارير الرسمية أن السنة الأخيرة فقط شهدت انضمام 500 ألف شاب جديد إلى جيش العاطلين عن العمل، وكشفت أن إجمالي العاطلين “المسجلين” فقط في تركيا وصل 4 ملايين، أما أعداد العاطلين غير المسجلين فحدث عنها ولا حرج.
ومع أن إعلام أردوغان يهاجم مصر لحصولها على مساعدة من صندوق النقد الدولي، إلا أن هناك مزاعم قوية تشير إلى اتفاق إدارة أردوغان مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية، لكنها تؤجل الإعلان عن ذلك إلى ما بعد الانتخابات البلدية التركية تفاديًا لتأثير الخطوة سلبيا على النتائج.
لذلك ليس من المستبعد أن تلجأ إدارة أردوغان إلى الصندوق الدولي أو الاقتراض من دول أخرى حليفة مثل الصين، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في حال وقوع ذلك هو: كيف سيكون موقف إعلامه حينئذ يا ترى؟
يذكر أن أن أكثر من 500 نوع من الأدوية تكاد تختفي وتنفد من الصيدليات التركية، بسبب الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر صرف الليرة، ما يشكل خطورة كبيرة على حياة بعض المرضى. وأفادت تقارير أن العجز الذي يشهده سوق الأدوية في تركيا، يشمل أدوية تتعلق بعلاجات القلب والضغط والسكر.
وفي إطار تعليقه على مؤشرات الأزمة الاقتصادية في تركيا، قال حساب “نبض تركيا” المختص في الشأن التركي: “إن تركيا أردوغان تعيش مرحلة الهدوء قبل العاصفة، حيث كان الشعب في اليونان لا يستطيع الحصول على الأدوية أيضًا قبيل أزمتها الاقتصادية الكبيرة”، معيدًا للأذهان أن أردوغان كان ضحك في عام 2012 على أزمة اليونان وقال بأنها تحاول الخروج من أزمتها عن طريق بيع جزرها، فابتلي بالمصيبة ذاتها بعد سنوات، على حد تعبيره.
تقارير: اختفاء "أهم الأدوية" من الصيدليات التركية.. والضحايا في تزايد #تركيا #أردوغان تعيش مرحلة الهدوء قبل العاصفة حيث كان الشعب في #اليونان لا يستطيع الحصول على الأدوية أيضًا قبيل أزمتها الاقتصادية الكبيرة
https://t.co/yqGjhC4UCa @skynewsarabia— نبض تركيا NabdTurkey (@nabdturkey) February 6, 2019
وذكر نبض تركيا أيضًا أن وزير خارجية اليونان آنذاك ديميتريس أفراموبولوس قال حينها ردًّا على أردوغان الساخر من الأزمة اليونانية: “لا تضحك! فلا يمكن أن تعلم متى تطرق الأزمة الاقتصادية بابك!”.
وأضاف أن هناك مثلاً تركيًّا يقول “لا تضحك على مصيبة جارك فتبتلى بها”، أو “لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك”، كما جاء في الحديث النبوي الشريف، ثم أردف قائلاً: “لم يأخذ أردوغان بهذه النصيحة، لذا تتعرض تركيا اليوم لما تعرضت له اليونان حينها”، وفق قوله.
ولفت نبض تركيا إلى أن اليونان أكملت في شهر أغسطس/ آب من العام الفائت برنامج الإنقاذ الاقتصادي لمدة 8 سنوات، وتخطت مرحلة مهمة من أزمتها وبدأت تحصل على قروض دولية بفائدة أرخص مما تحصل عليها تركيا اليوم.
وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن إعلام أردوغان مع أنه يسخر من مصر لأنها حصلت على مساعدات من صندوق النقد الدولي، إلا أنه لن يكون مفاجًا إذا ما أقدم نظام أردوغان على الخطوة ذاتها بعد الانتخابات البلدية المقبلة وتكرر السيناريو ذاته الذي عاش مع اليونان، حيث يبدو أنه لم يعد إلى صوابه ولم يستوعب ما يرد في الحديث “لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك”.