إسلام أباد (زمان التركية)- يستلم وقف المعارف التركي مدارس غولن الدينية في باكستان، ليحلّ محلّها هناك، ويمارس أنشطة مشابهة لكن بقناع مختلف وتحت مسمى آخر تابع للحكومة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
ونقلت وكالة أنباء التركية الأناضول خبراً أفادت فيه بأن وقف المعارف التركي أكمل، الأربعاء، استلام جميع المدارس العائدة لمنظمة “غولن” الإرهابية في عموم باكستان.
وأشار مدير الوقف في باكستان صلاح الدين باطور، بحسب الأناضول، إلى استلام الوقف إدارة 3 مدارس في “كويته” عاصمة إقليم بلوشستان.
وقال: “مع استلامنا إدارة 3 مدارس في كويته، أكملنا استلام جميع المدارس العائدة للمنظمة في باكستان”.
وأشار إلى أن إجراءات استلام إدارة المدارس جرت بدون مشاكل. مضيفاً: “خلال اجتماعنا مع المعلمين أبلغونا عن رغبتهم في رؤية مدير تركي يتولى إدارتهم. يسرّهم العمل مع الأتراك”.
استلام وقف المعارف لمدارس “غولن” جاء بموجب قرار المحكمة العليا الباكستانية التي أدرجت في ديسمبر الماضي منظمة “غولن” ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.
وفي ديسمبر الماضي، أصدرت المحكمة العليا الباكستانية، قراراً طلبت فيه من وزارة الداخلية إدراج منظمة “غولن” على قائمة الإرهاب.
ومنتصف يوليو 2016، شهدت تركيا وعلى رأسها العاصمة أنقرة ومدينة إسطنبول، محاولة انقلاب فاشلة نفّذتها عناصر محدودة من الجيش، تتبع لمنظمة “غولن”، حاولت خلالها السيطرة على مفاصل الدولة، ومؤسساتها الأمنية والإعلامية.
وعقب المحاولة، أعلنت تركيا عن إنشاء “المعارف”، وأسندت إليها مهمة إدارة المدارس والمؤسسات التعليمية التي كانت مرتبطة بالمنظمة الإرهابية في الخارج، وإنشاء أخرى.
يشار إلى أن الرئيس التركي استقبل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يومي 3 و4 من الشهر الجاري، في سياق تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفين.
تركيا تروج لوقف معارف
لم تتوقف الحكومة التركية عند هذا الحد، بل قامت بإنشاء مؤسسة أطلقت عليها اسم “المعارف” للتربية والتعليم لتقديم خدمات التعليم والتدريب في الداخل والخارج من خلال فتح المدارس والمؤسسات التعليمية وتقديم المنح الدراسية، بحيث تكون وفق ما ورد في المرسوم الرئاسي “الممثل الرئيسي لتركيا كدولة في الخارج في مجال التعليم”، وأن “تكون وسيلة وأداه قوية تتصدى لمدارس كولن”.
وقال أردوغان في لقاء مع إدارة المؤسسة “ستنتشرون في 193 دولة، مع إعطاء الأولوية للدول التي فيها مدارس لكولن، ولا تسمحوا بإطلاق مصطلح (المدارس التركية) على مدارس كولن”.
أردوغان يضغط على الحكومة الباكستانية
كانت حركة الخدمة قد أسست من خلال مؤسسة (PakTurk ICEF) التعليمية-منظمة تركية دولية غير حكومية-أول مدرسة في عام 1995 ونمت شبكة مؤسسة PakTurk التعليمية لتشمل ثمانية وعشرين (28) مدرسة.
كان يعمل بالمدارس حوالي 1500 معلم مدرَّب، وقبل 15 نوفمبر 2016 كان عدد المعلمين الأتراك 120 معلمًا. بينما بلغ عدد الطلاب المسجلين حوالي 11.000 طالب في مرحلة ما قبل المدرسة إلى المستوى A.
وعلى الرغم من الخدمات الجليلة التي كانت تقدمها تلك المدارس المشهود لها بالكفاءة من قِبل روادها، إذ تحرص على بناء الشخصية والانضباط الأخلاقي، وتسهم في تطوير التعليم مما يُسهم في ارتفاع مستوى الخريجين الباكستانيين؛ استجابت الحكومة الباكستانية للضغوط التي يمارسها أردوغان وحكومته لإغلاق تلك المدارس.
ففي 23 يوليو 2016 صرح سفير تركيا بباكستان قائلاً: “لقد تواصلنا مع كل الدول الصديقة وطلبنا منهم منع فعاليات حركة الخدمة” هذا التواصل تم تعزيزه خلال الزيارة التي استمرت يومين إلى باكستان من قبل وزير الشؤون الخارجية التركية في الفترة من 1-2 أغسطس.
وفي استجابة سريعة لتلك الزيارة نقل عن مسؤول باكستاني في هذا الوقت قوله “على الرغم من أننا لم نتلق طلبًا رسميًا من أنقرة (فيما يتعلق بالمؤسسات التعليمية التي تديرها مؤسسة باك ترك) فإن العلاقات العميقة مع تركيا تتطلب منا ألا ننتظر الشكليات حتى نزيل مخاوف أنقرة، وهذه الأولوية يجب تحقيقها بأي ثمن”.
بعد بضعة أيام (بداية أغسطس 2016) طالبت الحكومة التركية رسميًا نقل ملكية مدارس وكليات “باك ترك” الدولية من المالكين الحاليين (حركة الخدمة) إلى مؤسسة معارف وهي شركة رسمية تابعة للحكومة التركية تديرها منظومة تتبنى مفهوما متشددًا، وتتبنى في برنامجها التعليمي أفكار الإسلام السياسي المؤدلج.
قامت وزارة الداخلية الباكستانية بإلغاء تأشيرات المدرسين الأتراك وعوائلهم في نوفمبر 2016م قبل أحد زيارات أردوغان لباكستان بيومين، وطلبت من المدرسين الأتراك وعوائلهم (حوالي 450 فردًا) أن يغادروا باكستان خلال ثلاثة أيام. تدخلت الأمم المتحدة وقبلت المدرسين كلاجئين عندها. وظل البعض مقيمًا في باكستان لأسباب اضطرارية مثل انتهاء مدة جواز السفر.
في هذه الأثناء اتخذت إدارة المدارس قرارًا بانسحاب الأتراك من كافة المناصب الإدارية في المدارس وتركها للباكستانيين وظل الأتراك يعملون كمدرسين فقط، وتم تشكيل مجالس إدارة من الباكستانيين فقط، وبالتالي أصبحت المدارس باكستانية.